محروقات متوفرة لدى التجار ليست بمتناول مزارعي القطن في الحسكة
الحسكة – نورث برس
لم يستلم سالم العلي (64 عاماً)، مزارع من ريف تل براك شمالي الحسكة، سوى خمس دفعات من المازوت، من أصل 15 دفعة من مخصصاته.
ويقول “العلي” باستياء، “تتوفر المحروقات لدى التجار بكثرة، وليست بمتناول المزارع”.
واشترى المزارع الستيني الذي زرع 25 دونماً من محصول القطن هذا العام، 12 برميلاً من المحروقات من السوق الحرة بتكلفة بلغت نحو ثلاثة ملايين ليرة سورية.
وبلغت تكلفة الزراعة الإجمالية لدى “العلي”، نحو سبعة ملايين ليرة سورية، فيما بلغت قيمة بيع الإنتاج نحو 12 مليون ليرة.

ويشتكي مزارعون لمحصول القطن في الحسكة، من عدم استلامهم كامل مخصصاتهم من المحروقات هذا العام، الأمر الذي اضطرهم لشرائها من السوق السوداء لإنقاذ المحصول من التلف.
لكن ذلك، كلفهم مبالغ مادية، قللت من أرباح البعض وألحقت خسائر ببعضهم الآخر، وخاصة أن سعر الليتر الواحد من المازوت يتراوح ما بين 450 ليرة إلى 1200 ليرة.
وتجاوزت مساحة الأرضي المزروعة بالقطن هذا العام، 500 ألف دونم، في شمال شرقي سوريا، وفقاً لإحصائيات حصلت عليها نورث برس من هيئة الزراعة والري في الإدارة الذاتية.
فيما بلغت المساحات المزروعة في مدينة الحسكة وريفها، 12 ألف دونمٍ، بحسب مديرية الزراعة في الحسكة.
وكانت قد حددت الإدارة الذاتية تسعيرة شراء القطن هذا العام بـ4300 ليرة سورية للكيلو غرام الواحد، للدرجة الأولى، فيما يبلغ سعر أدنى درجة وهي العاشرة 3850 ليرة سورية، للكيلوغرام الواحد.
“مسؤولية من؟”
ويجد عبد الباسط سيد (36 عاماً)، مزارع من منطقة تل تمر، شمالي الحسكة، أن تسعيرة الشراء لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج وخاصة أنه اضطر هو الآخر لشراء المازوت من السوق.
ويشير “سيد” الذي زرع 35 دونماً من القطن، إلى أن المحصول يحتاج للسقاية مرة كل ثمانية أيام، إلا أنه على غرار العديد من أقرانه، كان يؤخر السقاية إلى 13 يوماً وذلك توفيراً لكميات المازوت.
ومن أصل 12 دفعة من المازوت المخصصة لأرضه، لم يستلم “سيد”، سوى ست دفعات، ليتكلف بدفع ثلاثة ملايين ليرة سورية، لقاء تأمينها من الأسواق.
كما أن تكاليف شراء الأسمدة والمبيدات الحشرية والبذار والحراثة والقطف والشحن لمركز الاستلام، وأعطال في غيار المحرك، كلفته نحو 20 مليون ليرة سورية.
وبلغ إنتاج أرض “سيد” نحو 8 أطنان و750 كيلوغرام، بقيمة بلغت 30 مليون ليرة سورية.
وبعد التواصل عدة مرات مع مديرية الزراعة في الحسكة وهيئة الزراعة في شمال شرقي سوريا، صرح مسؤولوها أنه لا علاقة لهم بنقص المحروقات وقلة الدفعات الموزعة على المزارعين، وأن ذلك مسؤولية مديرية المحروقات.
لكن المحروقات وبعد مراجعتها قالت لنورث برس، إنهم يوزعون المازوت وفقاً لجداول تصلهم من خلال مديرية الزراعة والهيئة تتضمن الكميات والدفعات المراد توزيعها.
وأضافت المحروقات أنهم “جهة منفذة” لعملية التوزيع فقط.
وعلقت مديرية الزراعة بالقول إنهم يرفعون الجداول بحسب ما تشير إليه مديرية المحروقات بتوفر المازوت من عدمه، وأن المزارعين بالعموم حصلوا على 7 و8 دفعات من المازوت.

تصريح الزراعة حول عدد الدفعات الموزعة، دحضه مزارعون، وأكدوا لنورث برس أن غالبيتهم استلموا ما بين 5 و6 دفعات فقط.
وبين إلقاء الطرفين المسؤولية على عاتق الطرف الآخر، لم يتضح للمزارعين سبب عدم حصولهم على كامل مخصصاتهم.
ملايين صرفت لشراء المحروقات
وخصّصت الإدارة الذاتية هذا العام، ثلاثة مراكز للمزارعين لتسليم المحصول، وهي: مركز محلج الحسكة، ومركز دير الزور، ومركز الرقة.
وبحسب محمود محمد، إداري في محلج الحسكة، فإن المركز يستلم ما بين 800 إلى 900 طن من القطن يومياً.
خسر “عواد” هذا الموسم نحو ستة ملايين ليرة سورية، تكاليف شراءه البذور والمحروقات والحراثة، بعدما يبس محصوله بالكامل ولم يجنِ منه شيئاً.
عواد السالم (31 عاماً)، من منطقة مركدة جنوبي الحسكة، كان قد زرع 40 دونماً من أرضه بمحصول القطن، ولعدم استلامه كامل مخصصاته من المازوت دفعه لتأمينه من السوق الحرة بأسعار زادت من قيمة خسائره.
ولم يستلم “السالم” سوى ثلاث دفعات من أصل 15 دفعة من مخصصاته من المازوت (كل دفعة تتضمن 20 ليتراً لكل دونم)، من مديرية المحروقات في الحسكة.
واشترى نحو ستة براميل من المازوت (كل برميل 200 ليتر)، بمليون ونصف المليون ليرة من الأسواق، ولكن عجزه عن تأمين تكاليف الشراء باستمرار، دفعه لترك المحصول دون السقاية، ما أدى ليباسه بالكامل، بحسب قوله لنورث برس.
في حين بلغت تكاليف زراعة القطن للمزارع عبد الرزاق العويد (40 عاماً)، من منطقة تل حميس، من حراثة وحواش وسقاية وشحن وتوريد وأعطال محرك وزيوت وأسمدة ومبيدات نحو 230 مليون ليرة، بينها 160 مليون ثمن شراء محروقات من السوق الحرة.
ويشير “العويد” الذي زرع 400 دونم، إلى أن إنتاج أرضه، بلغ نحو 60 طناً من القطن، أي ما يعادل 250 مليون ليرة سورية.