مغيبون في سجون هيئة تحرير الشام ذووهم يتساءلون عن مصيرهم؟

إدلب ـ نورث برس

(لا أعلم إن كنت أرملة أم ما زال على قيد الحياة)، عبارة تختصر وضع عبير البري، التي تنتظر خبراً عن زوجها منذ اعتقاله من منزله قبل 8 أشهر بتهمة “العمالة للنظام”، وهي كغيرها من النساء اللواتي تنتظرن أبناءهن وأزواجهن المغيبين في سجون جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً، في إدلب وريفها.

وبحسب مصدر من فرع الأمن الجنائي في إدلب “تضم مناطق سيطرة الهيئة في إدلب وريفها، أكثر من 9 سجون خاصة بجهاز الأمن العام فقط، “تضم عشرات المعتقلين بتهم تتراوح بين الانتماء لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أو العمالة لقسد أو النظام”.

وأشار المصدر إلى أن بعض المعتقلين لا زالت أخباره غائبة عن ذويه منذ سنوات، “في ظل غياب أي مؤسسة أو جهة حقوقية قادرة على كشف مصيرهم أو الاطلاع على وضعهم”.

وتقول “البري” (33 عاماً) وهي من نازحي الغوطة الشرقية، وتقيم في بلدة بنش بريف إدلب، “مضت 8 أشهر على اعتقال جهاز أمن الجولاني لزوجي مهند، ورغم سعيي المستمر بشكل مباشر أو عبر بعض الوساطات لمعرفة مصيره على الأقل، لم يسمح لي بمعرفة أي شيء عنه.

وتضيف: “علماً أن جهاز الأمن ذاته، أفرج خلال الأشهر الأخيرة عن عناصر من داعش دون محاكمة”.

وعبر أحد المفرج عنهم من سجون أمنية الهيئة، علمت الزوجة أن زوجها موجود في سجن الفرع 107 التابع للأمنية المركزية في مدينة إدلب بتهمة “العمالة للنظام، دون أي أدلة حقيقية أو حتى إحالة للمحكمة الشرعية”.

وبعد أكثر من خمسة أشهر من الإلحاح، زارت “البري” مكتب الأمن العام في إدلب، والتقت مسؤول المكتب والملقب بـ”أبو محمد الفلسطيني”، “أكد لنا أن الأمر أمني بحت ولا يحق لأي جهة في العالم أن تسأل فيه”.

ولم يحدد المسؤول الأمني “مصير مهند أو مكانه أو حتى وضعه الصحي، أو التهمة الموجهة له. ليقوم بطردنا من مكتبه بعد أن أنهي حديثه التهديدي”، تقول الزوجة.

لكن “أم قصي” (57 عاماً) وهي أرملة من نازحي دير الزور وتقيم في مدينة إدلب، لم يحالفها الحظ حتى في مقابلة أحد مسؤولي الأمن العام في المدينة رغم محاولاتها المستمرة منذ 6 أشهر وهي مدة اعتقال ابنها الوحيد قصي.

ولم تكن الأرملة معرفة سوى ما إذا كان ابنها لا يزال على قيد الحياة أو مات، إذ وصلتها أخبار من داخل الفرع 107، تقول إن “وضع قصي الصحي غير مستقر جراء عمليات التعذيب الوحشي التي يتعرض لها”.

وطالبت “أم قصي” جهاز الأمن العام بإيضاح مصير ابنها وعرضه على المحاكم العلنية، “لكن غياب الجهات الحقوقية ذات السلطة، وانتفاء أي قانون يحكم جهاز الأمن العام، تجعل اختفاء المعتقلين أمراً شائعاً لاسيما ممن لا يملكون وساطات ذات شأن في المنطقة”.

وحول هذا يشير أحد أستاذ في الحقوق في جامعة إدلب، رفض ذكر اسمه، إلى عدم وجود مؤسسات قضائية أو حقوقية بالمعنى المتعارف عليه دولياً في إدلب.

ويضيف: “هناك سلطة واحدة فقط هي ذات السطوة على كافة مرافق الحياة، وهي الأمن العام بفروعه المنتشرة وفق أرقام مختلفة  في عموم ريف إدلب فضلاً عن المدينة”.

ويبين أن هيئة تحرير الشام “وإن كانت تدعي وجود محكمة قضائية ومؤسسات حقوقية، لكن في حقيقة الأمر لا يختلف الواقع عن قوانين داعش الإقصائية والديكتاتورية التي تخفي عشرات المعتقلين بحجة مكافحة الإرهاب دون إيضاح مصيرهم أو تهمهم”.

وكشف الأستاذ الجامعي عن وجود معتقلين منذ عام 2017، في مدينة إدلب وريفها، دون أي محاكمة أو حتى إخبار ذويهم بأوضاعهم.

وأشار إلى وجود قانون واحد يحكم القضاء والأجهزة الأمنية في إدلب، هو “قانون جهاز الأمن العام الذي يستمد سلطته من أبو ماريا القحطاني المسؤول الأمني الأعلى في الهيئة، ومجلس الشورى الذي يضم مفكرين متشددين لا أحد يعلم من هم ولمن يتبعون”.

وبحسب مصادر أمنية، هناك “أكثر من 215‪ طلبَ تظلمٍ تقدمت فيه عائلات معتقلين مغيبين في سجون جهاز الأمن العام عبر مكتب الديوان، إلا أنها لم تلقَ جواباً بعد، ولا زالت في طي سجلات الديوان”.

إعداد: هاني سالم ـ تحرير: قيس العبدالله