يتعلق بأمل اللقاء.. قصة شاب فقد آخاه خلال سيطرت “داعش” على الرقة

الرقة – نورث برس

لم يفقد عبد القادر الأمل بالعثور على شقيقه، ورغم محاولاته الكثيرة إلا أن الرجل متقين أنه سيعثر عليه، هذا اليقين أحياناً يتلاشى، لكن عدم العثور على جثته يبقيه على أمل اللقاء.

تراود الرجل أحياناً، فكرة أن أخاه لا زال على قيد الحياة، وأنه في بقعة جغرافية ما، لكنه قد يكون اختل عقلياً نتيجة التعذيب. وعلى مدار 9 سنوات، إذ هي المدة التي قضاها دون أن يرى آخاه، خطرت له الكثير من الاحتمالات، لكن عدم العثور على أثر له يبقيه متفائلاً.

يقول عبد القادر الهنداوي، وهو من تل أبيض شمالي الرقة، شمالي سوريا، إن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) اعتقل أخاه، إسماعيل، (أبٌ لأربعة أولاد)، بتهمة “الردة”، وقالوا له إنه مقاتل في “الصحوات”.

رافق سيطرة تنظيم “داعش”، انتهاكات صارخة بحق سكان الرقة، من اعتقال تعسفي وإخفاء وإعدامات على العلن وفي السجون.

وكان التنظيم يتخذ من دواري النعيم والساعة وسط مدينة الرقة، كنقاط ترهيب للسكان، إذا يجلد ويعلق “الرؤوس المقطوعة”، وينفذ أحكام “القصاص” عندها.

وعلى الرغم من خوفه من بطش “التنظيم”، لم يتوقف الرجل عن البحث في كل سجون ومقرات “داعش”، ولإلحاحه في السؤال، أجابوه حينها، أنه سيخرج بعد 70 يوم لـ”الاستتابة”.

وبحسب ما روى “الهنداوي”، أن أخاه لم يكن له ارتباط بأي فصيل عسكري، حيث كان يعمل في الزراعة، وبمثابة رب البيت في ظل سفر إخوته للدراسة والعمل.

“أخوك هرب”

بعد مضي 70 يوماً، سأل الرجل عن أخيه في المنصورة، أجابوه حينها أن أخاه هرب مع “الأب باولو”، الذي أخفاه التنظيم عام 2013.

ودخل الأب باولو إلى الرقة في تموز/ يوليو 2013، وتزامن دخوله مع معارك “كسر العظم” التي اتبعها تنظيم “داعش” مع الفصائل الأخرى، بعد أشهر من إعلانه “الخلافة الإسلامية” في نيسان/ أبريل من ذات العام، وكان ذلك انقلاباً للتنظيم على الفصائل.

لم يدخر “الهنداوي”، أي جهد في البحث عن أخيه، حتى أن أحد قياديي “التنظيم” في النقطة 11، طلب منه 5 ملايين ليرة ما يقارب (20ألف دولار) حينها، لقاء الإفراج عنه، لكنه خدعه.

وأمام كثرة سؤاله، هددوه بالقتل، إذا أن أخاه هرب، توقف عن البحث، لكنَّ خبراً أتاه من شخص أفرج عنه التنظيم، كان قد رأى أخاه في السجن، “أخبرني أن أخي نُقل إلى الحدود العراقية السورية”.

ولأن عناصر التنظيم في الرقة هددوه بالقتل، توجه إلى الموصل، لكنه لم يحصل على نتيجة، إلا أن المفاجأة كانت حين عودت “الهنداوي”، من الموصل، إذ استولى التنظيم على أملاك عائلته في الرقة، بحجة أنهم “عائلة مرتدة”، لذا توجهوا إلى مسقط رأسهم في تل أبيض.

ولم يعد إلى الرقة حتى طُرد تنظيم “داعش”، على يد قوات سوريا الديمقراطية وبمساندة التحالف الدولي، ليجدوا منازلهم مدمرة.

بعد العودة، شكل عبد القادر و20 شخصاً، رابطة “ذوي المفقودين قسراً”، لكن الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا لم تعطهم الإذن بالعمل، إذا قدموا ترخيصاً للعمل منذ 8 أشهر، ولم يحصلوا عليه، وفقاً لقوله.

إعداد: سامر عثمان – تحرير: زانا العلي