ستيني في الرقة يروي حال حرفة النجارة وأسباب تراجعها بعد 46 عاماً على مزاولتها
الرقة – أحمد الحسن – NPA
في فكاهة مليئة بالحزن، يقول عبد الكريم الدندل، أحد العاملين بحرفة النجارة في مدينة الرقة شمالي البلاد، أن العرف الأوربي يطلق على النَّجار، تسمية البرجوازي الصغير، فيما العرف الإسلامي، يؤكد على أن الصَّنعة باليد أمانة من الفقر
يتهكم الدندل على نفسه قائلاً: "أنا والحمد لله لم أكسب أياً من نصائح العرفين الأوروبي والإسلامي".
ويستكمل الدندل لـ"نورث برس"، عن حرفة النجارة التي يزاولها منذ أكثر من 46// عاماً، حيث بدأ الدندل ممارسة الحرفة منذ أن كان في العشرين من عمره.
وتعتبر حرفة النجارة من أقدم الحرف في مدينة الرقة، شأنها شأن المدن السورية الأخرى، التي اشتهرت بالعديد منها على مر العصور وصولاً إلى يومنا هذا.
فيما يواصل عبد الكريم الدندل مزاولة هذه الحرفة، رغم بلوغه من العمر /66/ عاماً، بعد تعرضه خلال مسيرته المهنية للعديد من الإصابات، نتيجة "عدم الالتزام بوسائل الأمان المهنية"، على حد تعبيره.
مزاولة الحرفة أكسبته, وفق ما تحدث به لـ"نورث برس", خبرة لحين اشتهاره "بدقته في العمل والمواعيد"، وهذا ما حوَّله إلى أشهر النجارين في مدينة الرقة.
ويرى الدندل أن التقدم في العمر حوَّل العمل في حرفة النجارة إلى "أمر شاق" عليه، مستدركاً أن الحاجة المادية بعد كل ما شهدته الرقة، هي ما تدفعه للعمل، ويقول الدندل "حاجتي المادية تجبرني على العمل، رغم تقدمي بالسن".
المعارك التي مرت بها مدينة الرقة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العام 2017 كانت كفيلة لجعل الدندل، يبدأ عمله من الصفر، بعد طرد مسلحي التنظيم من المدينة.
ويؤكد النجار الدندل، أن منشرته تعرضت للحرق، في الوقت الذي سرقت فيه جميع معداتها، ما اضطره إلى الدخول بشراكة مع بعض النجارين، الذين نالوا ما ناله الدندل من السرقة والنهب، ليبدأوا عملهم من جديد.
ويضيف أن ارتفاع أسعار الخشب وفقدان الآلات الحديثة، واستخدام المولدات، كان لها تأثير كبير على وضع النجارين في الرقة، الذي وصفه بـ"المأساوي جداً"، مبيناً أن المستوى المعيشي تراجع إلى دون الوسط
في حين يتحدث النجار محمد علي الموسى من مدينة الرقة، عن عبد الكريم الدندل واصفاً إياه بـ"شيخ الكار" قائلاً "تعلم على يد عبد الكريم، أجيال من النجارين في مدينة الرقة، فهو شيخ هذه الحرفة، حيث عرف بصدقه وأمانته وإخلاصه لعمله."
وعن العمل في حرفة النجارة في الرق، يوضح الموسى أن النجارة تراجعت كثيراً بسبب "الغلاء الفاحش وارتباط جميع المواد بالدولار".
وبحسب الموسى، فإن متر الخشب يكلف /300/ ألف ليرة سورية (نحو /400/ دولار)، منوهاً إلى أن الكثير من الأهالي يشترون الأبواب المستعملة لقضاء حاجتهم.
في حين وجه عبد الكريم الدندل مناشدته إلى الجهات المسؤولة بدعم حرفة النجارة، داعياً إياها لدعمها بهدف تطويرها والعودة إلى سابق عهدها.
وقال الدندل لـ"نورث برس" بأن الرقة تشهد حركة عمرانية جيدة "والتي ترتبط بمهنتنا ارتباطا وثيقاً، لذا لا بد من توجيه المنظمات لدعم هذا القطاع المهم، والذي لم يتلقَّ أي دعم إطلاقاً."