بعد خمس سنوات من التحرير.. نساءٌ من الرقة كسرن “التنميط”

الرقة – نورث برس

لم تتوقع ندى أنها ستصبح يوماً ما إعلامية تقف أمام الكاميرا وتقدم البرامج، إذا لم تجرؤ سابقاً على مواجهة مجتمعها المحافظ، بالإضافة لانعدام الحياة بالنسبة للشابة أثناء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الذي رسخ تنميط المرأة.

اليوم، ندى محمد في منتصف العشرينيات من عمرها وهي من سكان الرقة، تقدم برنامجاً لتلفزيون خاص بالمرأة، تقول إن “المرأة قبل التحرير اقتصر على عملها على الأعمال المنزلية، وتربية الأطفال، وهمش التنظيم والنظام المرأة بشكل كبير”.

بعد طرد “داعش” من الرقة، على يد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، تمكنت المرأة من دخول مجالات متعددة وكسرت النمطية في العمل.

واستطاعت أن تتواجد مع الرجل وتنافسه على أعمال ومناصب وظيفية، كانت حكراً عليه في السنوات السابقة من حكم البعث و”داعش”، اللذين نمّطا عمل المرأة وأطراه في الأعمال المنزلية.

وحرصت حكومة دمشق على هذا التنميط وتعزيزه منذ التنشئة في الطفولة، بدروس “باسم ورباب”، و”رامز وريم”، ويعلق ناشط متهكماً “رئيس الاتحاد النسائي كان رجلاً”.

وتقول “محمد” لنورث برس: “بعد خمس سنوات على تحرير الرقة، باتت المرأة تشارك في صنع القرار. وأستطيع القول إنها أصبحت أيقونة”.

وترى الشابة، أن “سنوات التحرير الخمس لم تكن فقط من داعش، إذ حققت المرأة ثورة على واقعها ومجتمعها”.

وتحكم العشائرية المجتمع في الرقة، ويعتبر من المجتمعات المحافظة، ويحكمه العادات والتقاليد، ورغم أن رجالات بعض العشائر “ينتخون” بأسماء نساء (أخو فلانة)، إلا أنه يقيد المرأة لحد كبير.

وزاد تنظيم “داعش” من التعصّب تجاه النساء، ومنع التبرج واللباس الملون، وفرض لباسه الشرعي المكون من نقاب ودرع، وفي حال رؤية امرأة تخالف تعاليمه يقتاد وليها، ليجلده أو يغرمه.

وقد اختارت الـ”محمد” العمل في تلفزيون خاص بالمرأة، لتدافع عن حقوقها وتسهم بتحريرها من العادات والتقاليد البالية، “صوت المرأة هو صوت الحرية”، وفق قولها.

ولا تنكر الإعلامية وجود نسبة كبيرة من النساء لا زلن يتخوفن من تجاوز العادات والتقاليد، ويرهبهن ظهورهن في الإعلام، “يخفن من الفكر المتطرف، وهذا ليس شرطاً أن يكون من داعش، ففي العادات والتقاليد فكرٌ متطرف”، طبقاً لـ”محمد”.

ونتيجة لذلك، تواجه الإعلامية صعوبة في إقناع النساء بالظهور على التلفاز، لرفض ما نسبته 40% من النساء الظهور الإعلامي.

وخلال مشاركتها في فعالية نسائية، تقول ابتسام إن الحضور الكبير لنساء الرقة لمثل هذه الفعاليات، “هو رسالة للمعادين لحرية المرأة من ذهنيات مجتمعية تترسخ فيها النظرة السلبية تجاه المرأة”.

وتضيف ابتسام عبدالقادر، عضو في حزب سوريا المستقبل، أن “وجود المرأة في المجال السياسي، جاء بعد حرب طويلة خاضتها ضد المجتمع، الذي لا يتقبل وجود المرأة في كثير من المجالات ويُأطر عملها في مجال معين ضمن الحياة الاجتماعية”.

وترى “عبدالقادر”، أن الحرب السورية وتعاقب الفصائل التي سيطرت على المنطقة، كان له تأثيرات عدة على المرأة من خوف وتردد في إبداء الرأي وإظهار الإمكانيات.

وتشير، أن المرأة ستكون في مراحل متقدمة في المجتمع، وبزخم أكبر في الساحة السياسية، ومواضع صنع القرار “فهي جزء من الواقع”.

وقبل خمسة أعوام لم تكن تتخيل ماذا سيحدث بعد ذلك، اليوم، زينب في عمل لم يكن يخطر ببالها الخوض فيه منذ سنوات، الآن وجدت نفسها في “الترافيك”، (شرطة المرور).

زينب الصالح (30 عاماً)، تعمل في مكتب الضبوط والتحقيق في مديرية المرور في الرقة، بعد أن كانت حريتها مقيدة من كافة النواحي، ودخلت في المجال العسكري بعد تحرير الرقة، رغم رفض فئات من المجتمع عمل المرأة وتحقيق المساواة بينها وبين الرجل.

تقول، إنها والكثير من النساء في الرقة عانينَّ من ظلم وتهميش تنظيم “داعش”، لهن في فترة سيطرته على المنطقة، سواء بإجبارهن على ارتداء “اللباس الأسود”، أو منعهن من الخروج والمشاركة في أي مجال.

وأصبح للمرأة دورها في المجتمع، وفي كافة المجالات، بعد تحرير الرقة من تنظيم “داعش”، من خلال كسرها لنمطية العمل في المنطقة، ومشاركتها بالأعمال السياسية والإدارية والعسكرية.

إعداد وتحرير: زانا العلي