دون فوائد مرجوّة.. مزارعو مناطق الحكومة يعيشون أمل موسم الزيتون
دمشق ـ نورث برس
يُمسك أُبي الأحمد (67 عاماً)، وهو مزارع من حمص، يومياً دفتر الموسم الخاص، ويسجل تكاليف يومية لرعايته للزيتون، من تقليم وحفر وحراثة، وانتظار في الأرض خوفاً من سرقة الموسم أو رعيه من قبل الرعوين، (من يملكون أغناماً ويطلقوها في الأراضي)، إضافة إلى تكاليف البنزين.
ليستنتج “الأحمد”، من خلال حُسبته البسيطة أنه يحتاج سنوياً ما يقارب 5 ملايين ليرة سورية، مقابل رعاية 9 دونمات أرض زيتون، ليكمل استنتاجه قائلاً لنورث برس: “أحتاج سنوياً 20 مليون لأعيش بكرامةً، ونحن أسرة من ثلاثة أشخاص فقط”.
وبدأ المزارعون في سوريا، بقطاف موسم الزيتون هذا العام، مع دعوات أن يكون “وفيراً جداً”، خصوصاً أن هناك بعض العائلات التي تعيش على هذا الموسم عاماً كاملاً دون وجود مردود أو موظفين حكوميين بين أبناءها.
وهناك جدل حاصل اليوم على السعر بين 3 جهات “مزارع منتج، وفقير مستهلك، وحكومة أعلنت فتح التصدير، والسبب هو على سعر الزيت الذي سوف يتجاوز الـ300 ألف للبيدون الواحد”.
820 ألف طن!
صرحت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، عبير جوهر، لعدد من وسائل الإعلام المحلية التي تعمل في مناطق سيطرة الحكومة السورية أن الإنتاج هذا العام سوف يتجاوز 820 ألف طن، وهو فائض عن حاجة البلاد.
ولذلك أعلنت الحكومة السورية فتح باب التصدير، دون أن تحدد حتى اللحظة طرق التصدير؟.
وعليه، يتساءل محمد الخلف (65 عاماً) اسم مستعار لمزارع في ريف اللاذقية الشمالي، ويملك 12 دونم أرض، “هل ستشتري الحكومة من المزارع مباشرةً دون وجود وسيط؟ وكم ستحدد السعر؟ وهل ستبيعه بالعملة الصعبة”.
ويضيف “الخلف”: “بالتالي يكون المزارع بهذه الحالة خاسراً”.
وفي تكاليف تتقاطع مع تكاليف “الأحمد”، حدد “الخلف” أن التكلفة للبيدون الواحد 200 ألف ليرة سورية دون أرباح، وفي معاصر الزيتون تم تسعيره بـ250 ألف ليرة للبيع مباشرة، وفي المعاصر لا يبيع إلا المحتاج كثيراً، وبالتالي سوف يتراوح السعر بين ” 250 و300 ألف للبيدون الواحد”.
ويشير إلى أن هذا السعر “عادي قياساً للأسعار الحالية، وغالٍ جداً على المزارع”. ويعقّب: “وبعد كل هذا تنوي الحكومة التصدير”.
وترجع “جوهر”، سبب زيادة الإنتاج هذا العام لوفرته في الساحل السوري، وخصوصاً أن معظم أراضي الزيتون هي خارج مناطق سيطرة الحكومة في إدلب تحديداً، التي تعتبر الأولى بإنتاج الزيتون في سوريا.
ويقول خبير زراعي رفض ذكر اسمه لنورث برس: “التصدير موضوع جيد للبلد، لكن هناك تناقض في سير العملية”.
ويتساءل المصدر: “هل وقت التصدير اليوم؟ ولماذا لا تشتري الحكومة من المزارعين وتعرض بأسعار رمزية لليتر الزيت الذي لم يتذوقه الفقراء منذ سنوات وهنا تكون قد تدخلت إيجابياً؟”.
ويعرب الخبير عن خشيته في أن يكون هناك “صفقات لتجار كبار يجمعون الزيت بأسعار قليلة من المزارع المحتاج ويصدّروه بأسعار عالية”.
ولا يبرء الخبير الزراعي الحكومة من “مصيبة جديدة سوف تأخذها من جيوب الشعب الفقير؟”.
قضية التنكة
انتهت عائلة “أم وسام” في اللاذقية، من جني الموسم هذا العام، وجمعت كامل موسمها، الذي تبيع منه “تنكتين فقط”، أي ما يقارب الـ500 ألف ليرة سورية.
وعند سؤالها عن سبب وضع الزيت في “تنكة وليس بيدون” أجابت أن التنكة “أرخص بكثير”.
وعن جودة وضع الزيت في تكنة وتأثيره على الوضع الصحي وما إذا كان سيؤدي إلى حالات تسمم، “علقت السيدة بسخرية: “شكله في صفقة بيدونات بدها تدخل ع البلد لشي مسؤول”.
وكانت حذرت “جوهر” من موضوع وضع الزيت في “تنكة” بحجة أنها تتأكسد وتصدأ وبالتالي يجب على كل المزارعين وضعه في “بيدون نايلون أبيض تحديداً”.
كما تحدثت “جوهر” عن زيت “الخريج” وأنه “سيء صحياً”. وهذا الحديث لاقى انتقادات كبيرة من سكان الساحل السوري الذين يعتاشون من زيت “الخريج” الذي يصنع بطريقة السلق بداية، ويحتاج وقتاً وتكلفة أكبر أيضاً، وهو يستخدم تحديداً للخضار النيئة.
في سياقٍ ومقلبٍ آخر، تتحدث هناء العلي (35 عاماً)، وهي ربة منزل وتقطن في عشوائيات المزة 86، أنها لن تستطع شراء مونتها من زيت الزيتون هذا العام التي تبلغ ما يقارب 3 بيدونات، “سأكتفي بشراء الليتر تلو الآخر”.
وتلفت النظر إلى عادة سابقة “توفيرية”، كانت تستخدمها الأمهات، وهي خلط زيت الزيتون بزيت القلي، “لكن اليوم لم يعد أيُّ واحد منهما متوفراً بكثرة”.
وبسخرية تقول: “لذلك علينا الاعتماد على الطهي بالمياه وفق نظام الأجانب”.