“تحرير الشام”.. ذراع تركيا شمالي سوريا

عفرين ـ نورث برس

شكلت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً، الخميس الماضي، على مدينة عفرين شمالي حلب نقطة تحول في فرض تركيا سيطرتها على الشمال السوري، حيث دخلت الهيئة المصنفة على قائمة “الإرهاب” الدولي تحت أنظار القوات التركية المتواجدة في المنطقة.

ويعتقد المحلل السياسي التركي طه عودة، في حديث لنورث برس، أن ما يجري من تغيير في خريطة السيطرة في الشمال السوري “لا يمكن أن يجري بمعزل عن القوات التركية في المنطقة صاحب الكلمة في تلك المناطق”.

ويتصور “عودة” أن هذه التطورات تعكس الرغبة التركية وهي “وجود قوة واحدة في الشمال السوري بسبب امتعاضها من أداء بعض الفصائل مؤخراً” في حال تم التوصل إلى تفاهمات جديدة بشأن شمالي سوريا في إطار ما يجري في منطقتي “غصن الزيتون” و”درع الفرات”.

ويوضح المحلل التركي، أن تركيا تحتاج لـ”قوة واحدة في الشمال السوري” من أجل تنفيذ الخطة التي كشف عنها الرئيس أردوغان في أيار/ مايو الماضي والمتعلقة بإعادة مليون لاجئ سوري إلى الشمال السوري.

ويؤكد أن تركيا ما زالت صاحبة القرار في تلك المناطق، ولكن ما يجري أيضاً “هدف تركي قديم جديد، وهو سعيها لدمج تحرير الشام مع بقية فصائل الشمال، على أن تتوحد جميعها في كيان واحد يتولى إدارة إدلب وبقية مناطق الشريط الحدودي مع تركيا”.

تغيرات استراتيجية

ويشير “عودة” إلى أنه بعد قمة سوتشي الأخيرة بين أردوغان وبوتين والتي جرت في آب/ أغسطس الماضي، اتخذ التعاطي التركي مع الملف السوري أبعاداً عديدة خاصة بعد التوجه للمصالحة مع الحكومة في دمشق بغية مشاركتها في دعمها بإبعاد قوات سوريا الديمقراطية من المناطق التي تسيطر عليها “قسد” بالقرب من الحدود التركية.

العميد إبراهيم الجباوي المحلل العسكري والاستراتيجي، رأى في حديث لنورث برس، أن هيئة تحرير الشام دخلت عفرين منطقة غصن زيتون التي ترضخ تحت النفوذ التركي بـ”الموافقة من الجانب التركي”.

وقال “الجباوي”: “تركيا تُعدُّ استراتيجية جديدة بالنسبة للمنطقة الشمالية بحيث تكون تحت قيادة واحدة، واكتشفت تركيا أن ما يسمى بالجيش الوطني غير قادر على التوحد تحت قيادة واحدة لذلك تجربة الجولاني أعجبتهم”.

وأشار إلى أن تركيا هي التي “ترعى هيئة تحرير الشام”، و بالتالي تريد تركيا أن تعيد مليون ونصف المليون لاجئ إلى المناطق “المحررة” ولكن “الأمن غير مستتب هناك بسبب اقتتال الفصائل والتناحر فيما بينها على المعابر والتهريب”.

تركيا تستخدم الهيئة ضد “قسد”

ونوه المحلل العسكري، أن لا شيء تحت سيطرة الجيش الحر ولا هيئة تحرير الشام، لأن السيطرة الفعلية هي لتركيا وبالتالي “هي من سمحت بتمدد الهيئة أجل فتح المعركة على الأخيرة في منبج وتل رفعت، وهو ما لم تستطع تركيا فعله بسبب عدم موافقة المجتمع الدولي”.

وأشار أنه لا يمكن لتركيا أن تعتمد على الجيش الوطني الذي يحتاج إلى دعم لوجستي من منها، وبالتالي فإن “أصابع الاتهام سوف تتجه إلى تركيا، لذلك تحرير الشام هي أفضل خيار يتم تكليفه بمهمة اقتحام منطقة منبج وتل رفعت من أجل وصل غرب الفرات بشرق الفرات”.

وأفاد أن تركيا لو أرادت أن توحد الجيش الوطني “لوحدته” لأن القرار بيدها، أولاً وأخيراً، حتى الاقتتال أو وقفه يكون بأوامرها، بحسب “الجباوي”.

وأعربت السفارة الأميركية في دمشق، عن قلقها من توغل هيئة تحرير الشام في شمالي حلب. وطالبت في منشور على صفحتها على فيس بوك هيئة تحرير الشام سحب قواتها على الفور.

الناشط السياسي عبد الكريم العمر المقيم في إدلب، قال لنورث برس، إن اقتتال الفصائل وتفرقها وتشتتها كما المعارضة السياسية تماماً “أمر يخدم النظام السوري بالدرجة الأولى”.

وأضاف “العمر” لنورث برس، أن تحرير الشام دخلت مدينة عفرين “وكان الرضى التركي واضح تماماً عن ذلك، إذ ليس لديها أي مشكلة في ذلك أساساً”.

وأكد أنه لم يتم الإساءة لأي مؤسسة موجودة داخل عفرين، تتبع للحكومة السورية المؤقتة التابعة للائتلاف، “مما يدل على توافق بين تركيا وهيئة تحرير الشام”.

وأشار “العمر” إلى أن دخول الهيئة إلى عفرين ووصولها إلى نقاط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية هي “ورقة ضغط كبرى بيد تركيا ضد قسد”.

ونوه أن المجتمع الدولي “لا يتهم” لما يحصل في سوريا وتحديداً في الشمال من اقتتال بين فصائل المعارضة السورية، حيث أن المجتمع الدولي “لا يكترث على الإطلاق لمآسي السوريين وآلامهم وعذابهم. ويكتفي بتصريحات ربما باتت جوفاء ومتكررة ويتم التركيز على قضية واحدة فقط هي استمرار دخول المساعدات الإنسانية”.

إعداد: إحسان محمد ـ تحرير: قيس العبدالله