جهود ذاتية لإعمار الرقة بعد تنصل التحالف من مسؤوليته

الرقة – نورث برس

أبلغ إبراهيم عائلته بالتواصل معه إذا ما قدم موظفو منظمة لمنزله، إذ درست منظمة مهتمة بترميم جزئي للمنازل، بيته وقيموا الأضرار وما تحتاجه عملية الترميم.

في بداية الأمر كان الرجل يتصل بزوجته للسؤال عما إذا راجع موظفو المنظمة المنزل للبدء بترميمه، لكن طال الأمر وبات الأمل لديه بالتلاشي.

إبراهيم الشولي (36 عاماً) من سكان حي الرومانية في الجهة الشمالية للمدينة، تعرض بيته لدمار جزئي، ولا قدرة لديه على إعادة الترميم في ظل الظروف الاقتصادية السيئة التي يعانيها ونسبة عالية من السكان.

تنصل من المسؤولية

وخلّفت معارك طرد تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من الرقة على يد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” بالتعاون مع التحالف الدولي، نسبة عالية من الدمار وصلت لحوالي 80 %، بحسب تقارير.

ووفقاً لأرقام الأمم المتحدة، تم تدمير وإلحاق أضرار بأحد عشر ألف مبنى بين شباط/ فبراير وتشرين الأول/ أكتوبر 2017، بما في ذلك 8 مستشفيات و29 مسجداً وأكثر من 40 مدرسة وخمس جامعات بالإضافة إلى نظام الري في المدينة.

يقول “الشولي”، إن لجاناً تابعة لإحدى المنظمات أجمعت على حاجة منزله للترميم، حيث تعرض منزله للتهشيم والدمار الجزئي نتيجة القصف.

ويضيف: “راجعنا المنظمة أنا وعائلتي عدة مرات، إلا أننا لم نسمع منهم سوى الوعود”، ويذكر العبارة التي توالت على مسامعه، “نجيك.. نجيك”، لكنهم لم يأتوا بعد، وفقاً لما ذكره.

وأمام عجزه عن تحمل تكاليف إعادة ترميم منزله، أبقى الرجل المنزل على حاله، حيث تفاقم الصدوع في الجدران معاناته في الشتاء.

وتحتاج المدينة اليوم إلى إعادة بناء شاملة، إذ كانت مدمرة بشكل كامل عندما تم استعادتها من “داعش” من قبل قوات سوريا الديمقراطية، وكان التحالف الدولي ألقى حوالي 10 آلاف قنبلة على المدينة، في معركة طرد التنظيم.

جهود ذاتية

لم ينتظر محمد المنظمات لترميم منزل اشتراه في “حارة الحرامية” القريبة من مركز المدينة، واعتمد على نفسه بعد شراء المنزل وجهزه ليسكن به مع عائلته.

محمد العلوش (50عاماً) من سكان مدينة الرقة، يقول لنورث برس: “دعم المنظمات ضحك على اللحى”، فقد وضع الرجل ميزانية 400 مليون ليرة، كتكلفة لشراء المنزل وتجهيزه، “المنظمات تعطي من 100 إلى 1500 دولار أميركي في الحد الأقصى، ماذا سيفعل صاحب منزل بهذا المبلغ”.

اعتمد “العلوش” كما غيره من سكان مدينة الرقة، على إعادة الإعمار الذاتية، في ظل تنصل التحالف الدولي من مسؤوليته عن دمار المدينة، وقيد إعادة الإعمار بعد فرض قانون قيصر على سوريا.

وقانون قيصر منع الكثير من المنظمات الإنسانية وشركات الاستثمار من التوجه لسوريا خوفاً من شملها بالعقوبات، ما جعل سكان الرقة يصارعون للنهوض في بنيانهم.

وفي تقرير لمنظمة العفو الدولية صدر في عام 2020، أن الرقة على نطاق واسع أكثر المدن تعرضت لدمار في العصر الحديث.

وكشف تقرير، طلب البنتاغون إعداده، أنه كان بإمكان الجيش الأميركي، الحد من الأضرار التي لحقت بالمدنيين خلال معركة الرقة، التي شهدت سقوط تنظيم “داعش” عام 2017.

يرى “العلوش”، أن “التحالف الدولي دمر مدينة الرقة، ووعدوا بإعادة إعمارها وهناك العديد من المنظمات التي وعدت بإعادة الإعمار أو المساعدة فيه لكنها بقيت وعوداً لا أكثر”.

وتنتشر مظاهر الدمار في مدينة الرقة، ولا تكاد تخلو “حارة” أو “حي” في المدينة، دون مظاهر الخراب والأسقف المهدمة والدمار، على الرغم من حركة بناء واسعة شهدتها الرقة.

فيما يرى مالك الحريري الرئيس المشارك لبلدية الشعب في الرقة، أن “عمل الإدارة الذاتية، اقتصر على البنى التحتية وتقديم التسهيلات الشفوي للمنظمات للقيام بأعمال ترميمية طفيفة وسط تقاعس بعض الدول التي وعدت بتقديم الدعم ولكنها أخلَّت في وعودها”.

وتُعنى بلدية الشعب في الرقة، بالأمور الخدمية من شبكة مياه وصرف صحي وطرقات، وترحيل الركام من الأحياء والمنازل المدمرة، واستطاعت تخديم المدينة بشكل كبير.

يقول “الحريري”، إن “نسبة الإعمار في الرقة تتراوح بين الـ 65 بالمئة إلى الـ 70 بالمئة، وهذا بدعم ذاتي من السكان، هم قاموا ببناء بيوتهم ومنازلهم بعد الدمار الذي لحق بها نتيجة الحرب”.

ويضيف: “بعض المنظمات دخلت إلى مدينة الرقة، وقامت بإعداد دراساتها والإعداد لإنجاز مشاريع ترميم وإعمار، لكن توقف الدعم من قبل بعض الدول، التي وعدت بتقديمه وتراجعت عنه، وكان سبباً في خروج منظمات من الرقة”.

ويرى مراقبون لعمل المنظمات، أن عملها تراجع في الرقة بعد الغزو الروسي لأوكرانية، في ظل توجه المانحين إليها ورفع الدعم عن المنظمات العاملة في الرقة.

كذلك يقول إسماعيل المحيمد (30عاماً)، وهو مقاول بناء من سكان مدينة الرقة، إن إعادة إعمار المدينة وصلت لنسبة جيدة قاربت الـ 70%، وجميعها بجهود ذاتية من سكان المدينة وعلى نفقاتهم الخاصة.

إعداد: سامر عثمان – تحرير: زانا العلي