المحمصات السورية.. منافس قوي لنظيراتها بالسوق المصرية

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
بزيٍ مُزركش يحمل شعار محله، يقف أبو الوليد الحلبي، أمام إحدى المحمصات السوريّة في منطقة وسط البلد بالقاهرة، مُمسكاً بـ "كَبشة" صغيرة مملوءة بحبّات الفول السوداني المُحمص، يعرضُ على المارّة أن يتذوقوا؛ من أجل التجربة، مراهناً على مذاقه اللذيذ الذي حتماً سوف يدفع المُتذوق للشراء ولو بعد حين.
وأنت في مصر، وما إن تذكر "السوريين"، تتبادر إلى الأذهان تلقائياً تلك المطاعم المُنتشرة في جميع أنحاء الجمهورية، بما تتميز به من مذاق خاص مميز ونظافة وحُسن معاملة وخدمة الزبائن.. تتبادر إلى الأذهان أيضاً محال المفروشات والملابس الجاهزة السوريّة بتصميماتها العصرية المُنافِسة.. لكنَّ محال سوريّة أخرى مُنتشرة في مصر ربما غاب تسليط الضوء عليها، لكنّها لا تقل حضوراً عن المطاعم السورية ومحال الألبسة والمفروشات، وهي المحمصات السوريّة.
تنتشر المحمصات السوريّة بشكل واسع في عدد من المناطق الموزعة على محافظات الجمهورية، فضلاً عن انتشارها في مراكز التسوق الكبرى (المولات) والتي –كالعادة- لها مذاق مختلف لنظيراتها الموجودة في مصر والتي اعتاد عليها المصريون، بخاصة المحمصات المُبتكرة منها والتي تلقى رواجاً واسعاً، من بينها الفول السوداني بالنكهة المشوية، وغيرها من "التسالي" المصنوعة بأيدٍ سورية وبمذاق سوري. كما يتم بيع المحمصات المصرية واللبنانية أيضاً في نفس المحمصات، لتكون جامعة لكل أنواع وأشكال المحمصات المعروفة في مصر.
يقول الحلبي، إن من بين أبرز المُنتجات التي تلقى رواجاً لديه الفستق الحلبي واللوز، إضافة إلى "التسالي" المعروفة، ومنها اللب (السوبر والسوري)، وكذلك الفول السوداني بأنواعه المختلفة كافة، وحتى الحمص والمقرمشات التي يُحبها الأطفال بشكل خاص. ويقول إن السوريين يُجيدون صناعة المحمصات منذ مئات السنين، وهنالك محمصات عريقة شهيرة في سوريا، "وقمنا بنقل محمصاتنا ونكهاتنا الخاصة إلى محالنا في مصر، وقدّمنا شيئاً جديداً يلقى استحسان الكثيرين، وينافس المحمصات القائمة والتقليدية بأشكالها كافة".
وأفاد بأن "المحمصات السورية أثبتت حضورها، لاسيما أنها تُضيف جديداً لما هو معروف في مصر، والناس في مصر بصفة عامة يحبون تجربة كل ما هو مختلف وجديد في الأكل والمكسرات.. والأسعار متوسطة، في نفس مستوى المكسرات المصريّة (..) هناك أصناف تباع بسعر أغلى لارتفاع قيمتها واختلافها". ويردف: الرواج الأكبر للمحمصات السورية يكون في شهر "رمضان"، إذ يزداد إقبال الناس على المكسرات، كعادة قديمة يداوم عليها المصريون مع حلول الشهر.
وتمتاز المحمصات السورية المنتشرة في مصر، بالمظهر المختلف، وبعضها يتكون من أكثر من طابق، والصناديق الزجاجية أو البلاستيكية الشفافة التي توضع فيها المكسرّات بطريقة منظمة، إذ تهتم المحمصات السورية –على اختلاف أحجامها وأماكن انتشارها- بالعرض الجيد للمنتجات، إضافة إلى "الديكورات" التي تأخذ العين كما تخطف المكسرات السورية القلب. وخلال جولة "نورث برس" بعدد من المحمصات السوريّة بمدينة السادس من أكتوبر وبوسط القاهرة في مصر، التقت بعددٍ من أصحاب المحمصات والعاملين بها، والذين اتفقوا على أنهم "عانوا في البداية من أجل إثبات جدارة منتجاتهم، وأقاموا عروض أسعار كبيرة من أجل إقناع المستهلك المصري بالشراء والتجربة، حتى صارت المحمصات السورية في مقدمة تفضيلات المصريين في المكسرات لما لمسوه من مذاق طيب ونظافة وأسعار تنافسية" دعم ذلك أيضاً أنهم يقدمون المحمصات الأخرى التقليدية.
وهو ما أكده طارق محمد (أحد العاملين بمحمصة قرب شارع السوريين بمدينة السادس من أكتوبر)، والذي أفاد بأن "السوريين في البداية كانوا يشعرون بالغربة في مصر، وبشكل سريع تجاوزوا ذلك الحاجز، ساعدهم في ذلك حسن استقبال المصريين وتعاونهم معهم، ما كتب لمشروعاتهم النجاح، ومنها المحمصات السورية، والتي يتم تقديمها إلى جانب المحمصات والمكسرات التقليدية المعروفة في مصر، لاسيما اللب بجميع أنواع، والفول السوداني والحمص، إضافة إلى الخلطات الشامية في تحضير الذرة وغير ذلك.
المشهد نفسه تراه في غير مكانٍ تتواجد فيه المحمصات السورية، حتى الصغيرة منها؛ فعلى سبيل المثال، في إحدى ردهات مول العرب الشهير (مركز تجاري شهير بمدينة السادس من أكتوبر المصرية) يقف "عبدالله" برفقة زميل له بزاوية صغيرة، يعرضون فيها بشكلٍ منظم شتى أنواع المحمصات السورية والمكسرات والتسالي، مستغلين أرجاء الزاوية كاملة، مع تقديم عينات تجريبية للزوّار للتذوق. ترتفع هناك الأسعار قليلاً؛ لارتفاع تكلفة الإيجارات في المراكز التجارية، لكنّها تلقى رواجاً أيضاً من روّاد المركز التجاري.