مزروعات تسقى من نهر جقجق بالقامشلي وإجراءات لا تفي بالغرض
القامشلي – نورث برس
تضطر يلدز، بتنقيع الخضراوات وخاصة المزروعات الورقية بعد شرائها من السوق، في الماء، في محاولةٍ للتخلص من “الرائحة الكريهة” التي تفوح منها وتعقيمها.
يلدز شمعون التي تسكن في حي البشيرية المجاور لنهر جقجق بمدينة القامشلي منذ قرابة 50 عاماً تقول: “عند شراءك الخضروات من السوق يمكنك معرفة طبيعة الماء الذي سقيت منه من خلال رائحتها”.
وتضيف: “أحياناً لما نشتري البقدونس والنعناع تفوح منها ريحة جقجق”، في إشارة منها إلى سقايتها بمياه النهر الملوث.

وعلى إثر تسجيل شمال شرقي سوريا إصابات بمرض الكوليرا الناتج عن شرب مياه أو أطعمة ملوثة، تتخوف السيدة الستينية من المرض، وخاصة أن هناك مزارعين يسقون مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي التي تصب في نهر جقجق.
ويعد جقجق من أهم مصادر التلوث في القامشلي، بعد رمي سكان المنازل وأصحاب المحال المجاورة نفاياتهم فيه، إضافة أن حبس تركيا لمياهه في أراضيها وفتح قنوات الصرف الصحي عليه يساهم بانبعاث روائح كريهة منه.
وبحسب مهدي عقيل، عضو المكتب التنفيذي في بلدية القامشلي، فإنهم مؤخراً خالفوا أربعة مزارعين كانوا يسقون مزروعاتهم بمياه جقجق.
ويشير إلى أنهم وبالتنسيق مع مديرية الزراعة وضابطة البلدية بالقامشلي أصدروا قراراً بمخالفة كل مزارع يسقي محاصيله من مياه النهر.
ولكن يبدو أن تلك الإجراءات غير مجدية، مع استمرار مزارعين تقع أراضيهم في منطقة المربع الأمني بالقامشلي، بسقاية محاصيلهم من مياه النهر، حيث لا تتمكن البلدية التابعة للإدارة الوصول إليهم ومخالفتهم، وفقاً لسكان.
ولم تتمكن نورث برس من الوصول لمزارعين يسقون أراضيهم من النهر، ولكن شوهد على جانبي مجرى النهر محرّكات وغطاسات تسحب المياه من المجرى.
وتؤثّر مياه الصّرف الصّحي، على تركيب التربة الزراعية، وصلاحيتها للاستثمار الزراعي، إضافة لخطرها على الصحة العامة، من خلال مساعدتها على انتشار الأمراض، ويظلّ خطرها الأكبر على الخضار النيئة.
ويؤكد يعقوب صبري، مزارع من حي السريان المجاور لنهر جقجق، تجنبه استخدام مياه النهر في سقاية محاصيلهم.
ويقول المزارع بينما يشغل مولدته لاستخراج المياه من بئره، “رغم قرب أرضي من النهر، أتجنب استخدام مياهه خوفاً من نقل أي مرض”.
ويضيف بلهجته المحلية، “عندنا مي بير نضيف لشو استعمل مي نهر الوسخة!”.
وليست السقاية من مياه النهر هي المشكلة الوحيدة، إذ يشكو سكان المنازل المجاورة من رائحة النهر الكريهة والحشرات التي تَكثرُ بسبب المياه الآسنة.

وتتذمر ماغي يوسف (68 عاماً)، التي تسكن في حي البشيرية بالقامشلي من مشكلة الذباب المنتشر في منزلها المطل على النهر.
تقول: “لا يأتي أحد لبيتي بسبب رائحة نهر جقجق المزعجة, في حال وجود أي ضيف سرعان ما يقوم بالذهاب من الرائحة القوية والذباب الكثيف”.
ولا تتمكن السيدة الستينية من ترك أي أطعمة مكشوفة في مطبخها، أو الجلوس في حديقة منزلها، بسبب الانتشار الكبير للحشرات وأسراب البعوض والذباب على طول مجرى النهر في المدينة.
وتتخوف هي الأخرى من نقل تلك الحشرات أمراضاً لها، ويضاف إلى معاناتها كثرة الكلاب والجواميس والأفاعي قرب النهر.
وتضيف بنبرة غضب، “يتحدثون عن الكوليرا.. هذه المياه هي الكوليرا”.
وفي الوقت الذي ينتقد سكان وأصحاب محال تجارية قريبة من جقجق، البلدية لتقصيرها في تنظيف النهر، ويحملونها مسؤولية تلوث النهر، لكن الأخيرة تلقي جانباً من المسؤولية على السكان الذين “لا يتعاونون” ويستمرون في رمي النفايات”.
وخلال الفترة الماضية، قامت البلدية بتنظيف مجرى النهر، ووضع حاويات بالقرب منه، ووجهت إنذاراً لأصحاب المحال المجاورة للنهر، لمنعهم من رمي النفايات، “تحت طائلة المخالفة المالية”.
لكن ذلك لم يفِ بالغرض، إذا عاود سكان وأصحاب محال التخلص من الأوساخ والنفايات الموجودة بمحلاتهم برميها في جقجق، ما أدى إلى تراكمها في النهر.
ويعد عضو المكتب التنفيذي في بلدية القامشلي بتنظيف النهر مرة أخرى, ووضع حاويات إضافية، ولكن ذلك كما المرات السابقة لن يجدي نفعاً، إذ أن الأمر يتطلب بحسب سكان “إجراءات صارمة” بحق الذين يرمون نفاياتهم في النهر.