شاب وأمه يرويان لـ”نورث برس” تفاصيل ما عاشوه في سجون الفصائل التابعة لتركيا بعفرين

حلب -دجلة خليل- NPA
"قاموا بوضع السكين على رقبتي وتهديدي بالقتل لأكثر من مرة"، بهذه الكلمات يروي محمود قصة تعذيبه لـ"نورث برس" على يد فصائل المعارضة السورية المسلّحة التابعة لتركيا في سجنٍ بمنطقة عفرين شمال سوريا.
واعتقل الشاب محمود مع والدته أمينة (40 عاماً) من قبل فصيل "أحرار الشام" التابع للمعارضة السورية الموالية لتركيا في منطقة عفرين.
يتحدّث الشاب محمود (22عاماً) عن قصة اعتقاله قائلاً "كنت أسير في الشارع العام بمدينة عفرين, عندما قامت مجموعةٌ من المسلّحين بتوقيفي وطلبوا مني هويتي, ثم قاموا بعصب عيني وادخالي في سيارة عنوةً"، مشيراً إلى أنّه تم اقتياده إلى سجنٍ في قرية كورا التابعة لناحية جنديرس بمنطقة عفرين.
ويتابع محمود "تعرضت للتعذيب والضرب المبرح بكبلات الكهرباء والخراطيم على رأسي بشكلٍ مباشر, كنا نتمنى الموت بأية لحظة، فكرتُ بالانتحار كثيراً إلّا أنّني لم أكن أملك أية أداةٍ للانتحار".
تعرض محمود للتعذيب والضرب بجميع الطرق, حيث تم استجوابه من قبل قيادات الفصائل التابعة لتركيا ومحققين من الأتراك، حسب ما يوضّحه محمود, مبيّناً أنّه نُقل إلى عدة سجونٍ مختلفةٍ وفي "كل مرةٍ لفصيل آخر، من بينهم فصيل السلطان مراد".
يضيف محمود "أرغمونا على تناول حبوب صغيرة بحجم حبة العدس، ثلاث مراتٍ في اليوم, لم نكن ندرك ما يجري حولنا"، مؤكّداً أنّ الهدف من اعتقاله كان "طلب فديةٍ", حيث قام عناصر الفصائل المسلّحة "باستجوابنا وجمع معلومات عن أفراد أسرتنا ومكان تواجدهم وفي أي مجالاتٍ يعملون, وكم يملكون من العقارات والأملاك، فكانت الفديات تطلب من عوائلنا بحسب حالتهم المادية, طالبوا أهلي بدفع //4 آلاف دولار مقابل إطلاق سراحي".
ويعاني محمود من فقدان ذاكرة مؤقت أحياناً, إثر تلقيه ضرباتٍ مبرحةً على رأسه.
حالة الأم أمينة لم تكن أفضل من حالة ابنها الشاب في سجون الجيش التركي والفصائل التابعة له بمنطقة عفرين, حيث تعرضت هي الأخرى للضرب والتعذيب على أيدي عدة فصائل مختلفة.
 

اعتُقلت الأم أمينة في قرية كفرجنة التابعة لناحية شرا بمنطقة عفرين "بتهمة التعامل مع "الإدارة الذاتية", حيث مكثت في سجنٍ لم تستطع تحديده لمدة /44/ يوماً.
وتروي أمينة تفاصيل اعتقالها, قائلة "قاموا بعصب عيناي واقتيادي إلى مكانٍ مجهول، سارت السيارات لساعاتٍ وأنا معصوبة العينين، لم أعلم أين كان السجن", منوهةً إلى أنّهم كانوا "يحققون معي بشكلٍ متكررٍ، برفقة حوالي تسع نساءٍ بأعمارٍ متفاوتةٍ".
وتضيف أمينة "كانوا يقومون بإذلالنا نفسياً، بتوجيه الإهانات البذيئة والسخرية منا كوننا كرد، بالإضافة إلى تقليل كميات الطعام، وتجويعنا لأيام", منوهةً أنّ تعامل الفصائل معهن كان على أسس "العرقية والدين, فكانوا ينادوننا بالكفار، وأعطونا كتاب القرآن, طالبين منا حفظه، كما فرضوا الحجاب على إحدى المعتقلات، وقاموا بضربها بشكلٍ مبرحٍ".
وكانت أمينة شاهدةً على عمليات تعذيب الشبان المعتقلين في نفس السجن, قائلة "كنا ننظر من خلال شق الباب إلى الباحة المواجهة لنا، كانوا يقومون بتعذيب الشبان بشكلٍ وحشيٍ، باستعمال خراطيم المياه وتعليقهم من أيديهم، كنا نسمع أصوات صراخ الرجال من شدة التعذيب".
يُطلق سراح أمينة بعد /44/ يوم من الضرب والتعذيب, لتعود إلى بيتها وتراه مسكوناً من قبل عائلةٍ تابعةٍ لإحدى الفصائل, تقول أمينة في هذا السياق "قاموا بإيصالي إلى أمام باب منزلي في كفرجنة, وعندها وجدت إحدى العائلات قد سكنت في منزلي, كان المشهد صعباً للغاية بالنسبة لي".
وتشير أمينة إلى أنّ العائلة التي سكنت منزلها طلبت منها أن يقطنوا في المنزل سوياً, "إلا أنني تعرضت لمضايقاتٍ واستفزازٍ من قبل تلك العائلة، فقمت بترك المنزل والسكن في مدينة عفرين في منزل أحد أقربائنا".
مكث محمود ووالدته في مدينة عفرين في منزل أقربائهم لسبعة أشهر دون الخروج منه, خوفاً من الاعتقال من قبل فصائل أخرى، حيث "قام أقربائنا في أوروبا بإرسال المال، لنتمكن من الفرار إلى تل رفعت بريف حلب الشمالي".

 

 

يقول محمود "قمنا بالهروب من عفرين عبر مهربين ينتمون لتلك الفصائل، حيث دفعنا حوالي /400/ ألف ليرة سورية (634 دولار)للوصول إلى مدينة منبج, ومنها توجهنا إلى مناطق ريف حلب الشمالي".
وسيطرت تركيا مع فصائل المعارضة السورية المسلّحة على منطقة عفرين في الـ18 من شهر آذار/مارس العام الماضي بعد معارك دامت حوالي الشهرين مع وحدات حماية الشعب, ومع سيطرتها على المنطقة قامت الفصائل التابعة لتركيا بعمليات خطفٍ واعتقالٍ للمواطنين، وطلب مبالغ كبيرةٍ مقابل إطلاق سراحهم, بالإضافة إلى قيامها بقتل بعض المواطنين بتهمٍ متعددةٍ.
ففي الخامس والعشرين من شهر أب/أغسطس الماضي، قتلت مجموعة مسلّحة من فصائل المعارضة، المسن محي الدين أوسو(77 عاماً) تحت التعذيب بعد اقتحام منزله في حي الأشرفية بمدينة عفرين, لتفارق زوجته حورية محمد بكر /74/ عاماً الحياة, بعد حوالي عشرة أيام من مقتل زوجها  نتيجة تعرضها للضرب المبرح على يد الفصائل أثناء اقتحام المنزل.