شركة من “عظام الرقبة” تضارب على سائقي نقل في إدلب

إدلب نورث برس

أمام باب منزله في مدينة الدانا شمالي إدلب، يركن فؤاد سيارته الخاصة بالنقل العام، منذ نحو شهرين، بعدما توقف عن نقل الركاب.

فؤاد سلموني(47 عاماً)، الذي كان يعتمد على سيارته كمصدر دخل لعائلته على مدار السنوات الخمس الماضية، بات اليوم بلا عمل، إلا في حالات “طلبيات خاصة”، ينقل سكان إلى وجهتهم.

ومنذ ما يقارب العام، بالكاد يستطيع الرجل الأربعيني تأمين ثلاثة أو خمسة ركاب لنقلهم من الدانا، إلى مدينة إدلب، وذلك بعدما بات السكان يفضلون ركوب باصات شركة “زاجل” ذات الأجور المنخفضة مقارنة بأجور السرافيس الخاصة.

وأواخر 2020، بدأت شركة “زاجل” للنقل البري التابعة لحكومة الإنقاذ السورية، الجناح المدني لهيئة تحرير الشام(جبهة النصرة سابقاً)، عملها في إدلب وتوسعت منذ ما يقارب العام على حساب سائقي سرافيس النقل الداخلي العام والخاص.

في البداية الشركة بدأت عملها في مدينة إدلب وذلك بعد أن حصلت على ترخيص من مديرية النقل التابعة لحكومة الإنقاذ، وما أن مضت أشهر حتى توسعت وباتت الباصات التي ازداد عددها، تنتشر في كل منطقة بإدلب وبرحلات يومية.

ومؤخراً باتت الشركة تنظم رحلات إلى مناطق سيطرة الجيش الوطني في شمال حلب، بعدم تأمينها أعداداً “كبيرة” من الباصات الكبيرة المساحة.

وانعكس توسع “زاجل” الكبير في مناطق شمال غربي سوريا، سلباً على أصحاب السرافيس الذين اضطر البعض منهم

لبيع سياراتهم وتوقفهم عن العمل التي كانت على مدار سنوات مصدر رزقهم الوحيد.

بينما لا يزال آخرون يعملون بشكلٍ محدود للغاية وبالكاد يؤمنون مصاريف سياراتهم من خلال عملهم في الأماكن لا تغطيها حافلات “زاجل”.

موقف سرافيس في بلدة أطمة خالي من السيارات

“تعرفة أقل”

وتكون تعرفة الركاب في حافلات “زاجل” منخفضة، حيث تدعمها شركة “وتد للبترول”، بالمحروقات، مقارنة مع تعرفة سرافيس وتكاسي النقل الداخلي العام والخاص التي يشتري أصحابها الوقود من المحطات.

ومن الدانا إلى مدينة إدلب، تبلغ التعرفة عبر حافلات “زاجل” ما يقارب عشر ليرات تركية (2600 ليرة سورية)، بينما تعرفة السرافيس 40 ليرة تركية.

ولا تتجاوز تعرفة باصات الشركة ضمن أحياء المدينة ثلاث ليرات تركية، فيما تعرفة أقرب توصيلة بالتاكسي لا تقل عن 10 ليرات تركية.

ومن الطبيعي أن تكون تعرفة حافلات الشركة “أقل”، وخاصة أنها مدعومة بالمحروقات من “وتد للبترول”، إضافةً إلى أنها تتسع لأعداد كبيرة من الركاب وقد تتسع في بعض الأحيان لأكثر من 50 راكباً.

 بينما الميكروباص والسرافيس الأخرى بالكاد تتسع لثلاثة عشر راكباً كحد أقصى، وبالإمكان من خلال عملية حسابية بسيطة، مقارنة أرباح بين ميكروباص يتسع لعشرة أشخاص ويعمل دون دعم، وبين باص يتسع لخمسين راكباً ويحصل على دعم محروقات.

خالي الوفاض

وكسابقه، أوقف فواز العيسى (49 عاماً)، نازح من ريف حلب في مدينة إدلب، عمله على السرفيس، إذ وجد لا جدوى اقتصادية من عمله وتعبه طوال اليوم.

يقول “العيسى”، الذي يعمل منذ 17 عام، على سيارته، “الوضع أصبح صعباً للغاية، لم يعد هناك إمكانية للعمل الخاص في مجال النقل”.

ويضيف ورهو رب أسرة مكونة من ستة أطفال، “أصبح السائق اليوم بالكاد يستطيع تأمين مصاريف السيارة”.

ويفضل الركاب باصات شركة “زاجل”، إلى جانب أن تعرفتها أقل، فإنها غالباً ما تلتزم بمواعيد رحلات ثابتة، خلاف نظيراتها السرافيس الأخرى.

يشير “العيسى” إلى أن جميع من يعمل في باصات “زاجل” هم موظفين تابعين للشركة، بينما مالكو السرافيس، “فهم أشبه بعمال مياومة، في كثير من الأيام يعودون لمنازلهم خالين الوفاض”.

كما أن إدارة النقل تفرض على جميع السرافيس تحرير فاتورة بأسماء الركاب، ذهاباً وإياباً، “والمبرر هو الضرورات الأمنية”، لكن هذه الفاتورة يدفع السائق ثمنها 20 ليرة تركية، بغض النظر عن عدد الركاب حتى ولو كان راكباً واحداً.

 وعند المرور على الحواجز الأمنية، يستفسرون عن الفاتورة فقط، ومجرد وجودها تعبر السيارة دون النظر في أسماء الركاب حتى، بينما في باصات شركة “زاجل”، فإنها لا تتوقف على الحواجز، ولا يفرض عليها تحرير فاتورة، بحسب سائقين.

يضيف “العيسى”  باستياء، “لأنهم من عظام الرقبة”.

وفي مدينة إدلب، يشكو صهيب الباشا(38 عاماً)، هو الآخر من تراجع عمله على تاكسي الأجرة الخاصة به، بعد أن باتت باصات “زاجل” تتجول في أحياء المدينة كاملة، وبالكاد يستطيع تأمين سعر بنزين سيارته.

ويقول “الباشا” الذي يعمل على تاكسي الأجرة منذ 15 عاماً، إنه ينقل كل يوم خمسة إلى سبعة أشخاص، بينما في السابق كان ينقل ما لا يقل عن 30 راكباً.

إعداد: بهاء النوباني- تحرير: سوزدار محمد