إدلب – نورث برس
لم يكن يتوقع الشاب الثلاثيني، سليمان العبيد، المقيم في إحدى مخيمات شمال إدلب، أن تكون بدايته في العمل على برامج الربح من الإنترنت، “الضربة القاضية” بالنسبة له.
ومنذ سنوات يتحدث أصدقاء “العبيد”، النازح من ريف دمشق، عن الربح من برامج الإنترنت، وعمل البعض منهم فيها وحصولهم على أرباح كبيرة دون تعب، إلا أنه لم يكن مقتنعاً ورفض جميع نصائح أصدقائه الذين شجعوه على العمل في هذه البرامج.
لكن رفضه لم يدم طويلاً، إذ وافق مطلع الشهر الفائت، على تنزيل أحد تلك البرامج التي تمنى لو أنه لم يقم بتنزيلها.
يوضح “العبيد” أن العمل في البرنامج الذي يطلق عليه اسم “Mallu Sdt” كان في بدايته، حسبما أخبره أصدقائه الذين كانوا يجنون الربح من خلاله طيلة الفترة الماضية، “ممتازاً وأرباحه مضمونة”.
لكنه لم يكن يعلم أن قراره بالعمل به سوف يؤدي إلى توقف البرنامج عن العمل في الأراضي السورية بشكلٍ كامل، واصفاً ذلك ساخراً بـ”الحظ الكبير” الذي يعرفه جيداً، على حد وصفه.
ويكمن العمل على هذا البرنامج في الاشتراك به بمبلغ 100 دولار وكلما كبر كلما زادت أرباح المشترك.
ويكون عمل المشترك عبارة عن مشاهدة 15 إعلاناً يومياً داخل هذا البرنامج خلال مدة لا تتجاوز الساعة، إذ يعطي البرنامج مقابل ذلك للمشترك، مبلغ 7 دولارات يومياً أي نحو 210 دولار شهرياً.
وكلما زاد المبلغ تتضاعف الأرباح، بحسب “العبيد”، الذي أكد أن ذلك دفعه للاشتراك بمبلغ 300 دولار كي يحصل على 600 دولار شهرياً.
لكن التطبيق ولسوء حظ الشاب الثلاثيني، توقف بشكلٍ مفاجئ، الأمر الذي أدى لخسارته أمواله، حاله حال مئات وربما آلاف المشتركين.
وقال إن هذا البرنامج “أنشأ أساساً للنصب والاحتيال من خلال إغراء المشتركين في البداية ثم جمع أكبر مبلغ وسرقته بعد إغلاق البرنامج”.
واتخذ المئات من الشبان القابعين تحت الخيام المنتشرة على الحدود السورية التركية شمال إدلب، الجالسين دون عمل، برامج الربح على الإنترنت فرصة لتأمين قوت يومهم.
ومؤخراً، وعلى الرغم من خطورة العمل بها، باتت تلك البرامج مقصداً للكثير لا سيما في ظل سوء الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية وقلة فرص العمل.
وتأتي خطورتها من كون أن شرط البدء بالعمل فيها يقتضي دفع مبلغ من المال، حتى يحصل الشخص على مبالغ أكبر.
واعتبر البعض أن ذلك الأمر يعد “مخاطرةً كبيرة” وغالباً ما يكون “مصيدة” هم ضحاياها، إلا أنه لا خيار آخر أمامهم، حسبما أفاد من التقت بهم نورث برس.
استغلال
وفي هذه البرامج التي يستخدمها النساء والرجال من مختلف أنحاء العالم، لا تخلو عمليات الاستغلال الجنسي للنساء اللواتي يشاركن في مثل هذه البرامج لتأمين قوت أطفالهن.
وكانت سميرة الجبلي (35 عاماً) وهو اسماً مستعاراً لامرأة أرملة تعيل خمسة أطفال، وهي نازحة من مدينة حلب، وتقيم في إحدى المخيمات قرب بلدة أطمة، إحدى النساء اللواتي تعرضن للاستغلال مقابل المال.
تقول “الجبلي” لنورث برس، إنها وبسبب سوء الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية وندرة فرص العمل، اضطرت، حالها كحال الكثير من النساء، للعمل في برامج الربح عبر الإنترنت.
وعددت السيدة بعضاً منها مثل (هلا شات ويلا) والتي تكون عبارة عن كروبات أشبه بكروبات الواتساب، يتواجد فيها المئات من النساء والرجال، والتي تكون ملعباً للأشخاص الذين يريدون التعرف على بعضهم البعض وتبادل المواضيع والأحاديث وربما الصور.
ويستقطب برنامج “يلا”، الشباب من مختلف دول العالم بهدف التسلية والثرثرة ويمكنني جني المال من خلاله في جمع وبيع الكوينزات .
“الكوينزات” وهي العملة الرقمية الخاصة بالتطبيق ويتطلب جمعها تثبيت التطبيق وإنشاء حساب داخله وثم الدخول إلى غرف الدردشة الصوتية وجمع الهدايا، التي يعتبر جمعها وتحويلها إلى كوينزات وإعادة بيعها لب العمل الذي يدر الربح على المستخدمين.
يقوم المستخدمون المنحدرون في غالب الأحيان من دول الخليج بنثر الهدايا على جميع أعضاء غرفة الدردشة الصوتية وخاصة التي تحوي نساء بهدف استقطابهن للحديث معهم.
وفي إحدى الجولات التي كانت تشارك بها، “الجبلي”، على برنامج “يلا” قام شخص سعودي الجنسية بمراسلتها على حسابها الخاص في البرنامج.
وتقول: “بدأ الحديث معي والسؤال عن أوضاعي وثم عمري وعدد أطفالي وأين أسكن”.
تضيف “الجبلي”: “أجبته عن أسئلته، عله يقوم بتقديم بعض النقاط لي خلال الجولات الرسمية في الكروب، وبالفعل بدأ بتقديم النقاط لي لكن بشكل محدود”.
ولكنه حاول التقرب أكثر، ليطلب منها محادثته عبر تقنية الفيديو، “رفضت الفكرة، ما جعله يقدم لي عرضاً وهو تحويل مبلغ 200 دولار أميركي مقابل أن أرسل له صوراً في لباس النوم”.
وعندها قامت “الجبلي” بحظر الرقم وحذف البرنامج بالكامل.