الرقة – نورث برس
بعد نزوحها من قريتها، تنتظر فريال، خيمة تأويها وعائلتها في مخيمٍ صار الملجأ الوحيد للهروب من الموت، أمام سكان قرى خط التماس مع تركيا.
فريال الأحمد )٤٥ عاماً) من قرية الفاطسة 50 كم شمالي الرقة، شمالي سوريا، نزحت إلى مخيم تل السمن مع عائلتها، بعد أن تصاعدت وتيرة القصف التركي العشوائي الذي يطال المدنيين.
وخُصص مخيم تل السمن ٣٥ كم، شمالي الرقة، لاستقبال النازحين من تل أبيض وسري كانيه وعين عيسى، نتيجة العملية العسكرية التي شنتها تركيا مع فصائل المعارضة السورية الموالية لها.
وعلى الرغم من توقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار بين قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والقوات التركية والفصائل الموالية لها برعاية أميركية – روسية، إلا أن القصف لا زال مستمراً، ما سبب عمليات نزوح بين حين وآخر لسكان قرى خط التماس.
تقول “الأحمد” وهي أم لخمسة أطفال، إن بيتها هُدم جراء صاروخ استهدفه، وأمام خوفها على أطفالها، قدمت إلى المخيم منذ ما يقارب الشهر والنصف.
لكن طلبها للدخول إلى المخيم قوبل بالرفض، “لعدم كفاية الخيام”، إلا أن عائلةً في المخيم قبلت مشاطرة المعاناة مع “الأحمد”، وأدخلتها كـ”رديف” عليها، وبلغ عدد أفراد العائلتين 16 شخصاً في خيمة.
ويشهد مخيم تل السمن ازدحاماً في عدد سكانه، ما اضطر بعض العائلات فيه لاستقبال عائلات أخرى في خيامهم، بسبب نقص أعداد الخيام وازدياد النازحين القادمين من المناطق التي تشهد عمليات قصف مستمرة.
ويقول إبراهيم الإبراهيم (42 عاماً) من منطقة سلوك نازح في مخيم تل السمن، ورب أسرة من ثمانية أشخاص، إن تزايد عدد النازحين فاقم مشاكل سكان المخيم، حيث أصبحت كل عائلتين في خيمة واحدة.
ويضيف، أن تلك العائلات بلغ عددها أكثر مئة، جميعهم هاربون من القصف التركي والممارسات القمعية للفصائل المسلحة، “لم يبق لهم ملاذ سوى المخيم، هنا أأمن لهم”.
“الإبراهيم” نزح منذ ثلاث سنوات، نتيجة سيطرة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا على بلدته، وانعدام الأمن والاستقرار والظروف المعيشية الصعبة، “هناك لا تستطيع أن تؤمن على عرضك، أي معيشة تلك”.
رغم تفاقم أوضاعهم في المخيم، يُفضّل الرجل المكوث فيه، “المخيم ليس بأفضل من بيتي، لكنه أفضل لدي من مجاورة الغربتلي”، حيث يقول إن جيرانه أصبحوا من جنسيات مختلفة، حيث استولى عناصر من الفصائل على بيوت النازحين.
ويحوي مخيم تل السمن حالياً نحو 1246 عائلة، موزعة على عدد أشخاص يبلغ 6448 نازحاً معظمهم من النساء والأطفال وكبار السن، يعاني هؤلاء من تدني الخدمات ونقص المساعدات التي تقدمها المنظمات في ظل تضخم أعداد العائلات النازحة في الفترة الأخيرة.
وتعيش أغلب الأسر النازحة في المخيم معاناة بسبب استضافتها لعائلات أخرى تربطها صلة قرابة، وقد يصل العدد فيها لـ 15 شخصاً أو يزيد.
ولوجود صلة قرابة، استقبل إبراهيم الجاسم (48 عاماً)، من سكان ريف مدينة عين عيسى، وهو أب لثمانية أشخاص معظمهم بالغين، عائلة مؤلفة من خمسة أشخاص، سبّبت ازدحاماً في خيمته.
يقول “الجاسم” بلهجة محلية “لجأنا مشان نحافظ على كرامتنا إلي ما عاد نملك غيرها، لهدرجة صرنا رخاص حتى خيمة ما يطلعلنا”.
وحمل الأربعيني الجهات المعنية في الإدارة الذاتية مسؤولية النظر بأمرهم وتقديم المساعدات والخيم للعائلات التي دخلت مؤخراً، إذ ليس بمقدورها الذهاب إلى أي مكان آخر.
فيما يقول علي العبو الإداري في مخيم تل السمن، إن 225 عائلة قدمت طلبات للدخول إلى المخيم بعد هروبهم من قرى خط “التماس” مؤخراً، “وهو عدد كبير ولا قدرة للمخيم على استيعابه”.
ويضيف، أن ازدياد طلبات الدخول حالت دون قبول الكثير منهم، في ظل عدم توسعة المخيم، وبحسب “العبو” أن 102 عائلة دخلوا المخيم بصفة “رديف”، بعد قبول النازحين في المخيم باستقبالهم.
لذا، يشير “العبو”، إلى أن ن إدارة المخيم سوف توقف استقبال الرديف “نتيجة تزايد أعداد العائلات وقلة الخيام، لحين توسعة المخيم”، حيث طالبوا الجهات المعنية بذلك، لكن دون رد.