القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
"ليس لنا شيءٌ نعود إليه، بعد أن تركنا كل شيٍء هناك في سوريا، آملين في دخول مصر والعيش فيها.. الترحيل بالنسبة لنا هو قرار إعدامٍ".. استغاثةٌ تعكس حجم معاناة عوائل سورية مُهددةٌ بالترحيل من مصر حالياً بعد دخولهم عن طريق التهريب من السودان.
أمام صعوبات دخول مصر في ظل الشروط والإجراءات المفروضة حالياً والتي حدّت من دخول السوريين إلى مصر بأعدادٍ كبيرةٍ كما كان عليه الحال في عامي 2012 و2013، يضطر الكثيرون إلى محاولة التسلل إلى مصر عن طريق التهريب، وذلك عن طريق السودان المملوء بالمخاطر.
يروي محمد الدرة، وهو سوري من ريف دمشق، قصة معاناته برفقة خمس أسرٍ سوريةٍ دخلوا مصر عن طريق التهريب ومُهدَّدين حالياً بعدم السماح لهم باللجوء والإقامة، ومن ثم الترحيل إلى سوريا، على رغم المشاكل الصحية والنفسية التي يعانون منها، ورغم أنَّه لم يبق لهم شيء عملياً في سوريا بعد أن تركوا البلد.
يقول الدرة، في رسالة استغاثة من مقر احتجازه بأسوان، شاركها عبر مجموعاتٍ مختلفةٍ خاصةً بالسوريين في مصر ورصدتها "نورث برس" اليوم: "نحن خمس عائلاتٍ سوريةٌ، ومعنا أطفال ونساء، محتجزين جميعاً داخل قسم إدفو (بمحافظة أسوان، أقصى جنوب مصر، قريبة من الحدود مع السودان)".
تم احتجاز الأسر الخمس لفترة منذ دخولهم عن طريق التهريب؛ وذلك تمهيداً لاستخراج إقامات لهم –كما جرت العادة- والسماح لهم بدخول مصر، ولكن "تفاجئنا بقرار ترحيلنا إلى سوريا بعد احتجاز 50 يوماً، وهذا يحدث لأوَّل مرةٍ بحق العائلات، لاسيما أنَّ هنالك توجيهات من رئيس الجمهورية في مصر بتسهيل أمور العائلات السورية التي تأتي عن طريق السودان".
ووصف الدرة الوضع بـ "المأساوي"، وقال إنَّه برفقة الأسر الخمس "سيدة حامل وأخرى مريضة سكر وضغط، وآخر مريض ربو، وأطفال يعانون نفسياً تحت وطأة تلك الظروف.. ولا نعرف إلى أين نذهب وماذا نفعل؟ فعلنا كل شيء وتركنا كل شيء خلفنا وجئنا إلى مصر، وليس لدينا أي شيء في سوريا يمكننا العودة من أجله أو الذهاب لأي بلد آخر، بعد أن قطعنا طريق الموت بالصحراء مع الأطفال".
وناشد الدرة أصحاب القرار في مصر بتسهيل أمورهم ووقف قرار ترحيل الأسر الخمس، قائلاً: "نناشد أصحاب القرار بمصر.. نحن إخوتكم ولجئنا لبلدكم بعد ما سمعنا عن كرم أخلاقكم ومعاملتكم المنيحة مع السوريين ياللي وصلوا قبلنا.. نحن ما منقدر نسافر على أي بلد.. قرار الترحيل بالنسبة لنا مثل قرار الإعدام"، مشيراً إلى أن الأسر الخمس تواصلت مع الأمم المتحدة (مفوضية اللاجئين التابعة للمنظمة) لكنه لم يحدث شيء حتى الآن.
تواصلت "نورث برس" مع مفوضية اللاجئين بالقاهرة؛ للوقوف على طبيعة التعامل مع الأسر الخمس، والدور الذي قد تقوم به المفوضية لدعمهم في ظلّ وجود حالاتٍ إنسانيةٍ برفقتهم، دون أن تتلقى ردَّاً بهذا الخصوص.
وكان يتم السماح للأسر السورية القادمة عن طريق التهريب من السوادن، بدخول مصر، مع إجراءات احترازية ومهلة لاستخراج الإقامات لهم.
لكن الأمر اختلف مع تنامي عدد السوريين داخل مصر وتزايدهم وفي خطٍ متوازٍ مع التدابير الأمنية الاحترازية التي تتخذها السلطات المصرية بعد 30 يونيو/ حزيران 2013 والتي تضمنت تشدّيد الرقابة على الحدود وضبطها. ورصدت "نورث برس" شكاوى ومناشداتٍ مشابهةً بوقائع احتجاز عدد من الشباب السوريين لدى محاولتهم الدخول عن طريق التهريب، تمهيداً لترحيلهم.