فصائل معارضة “تموّل” نفسها بخطف الأطفال في إدلب وتحرير الشام “مسؤولة”
إدلب ـ نورث برس
تمكّن سعدون النبودي، (47 عاماً)، وهو من سكان مدينة سرمدا، بريف إدلب، من استعادة طفله هيثم، البالغ من العمر (8 أعوام)، بعد دفع فدية مالية للجهة الخاطفة.
واختُطف هيثم، في أيار/ مايو، الماضي، وذلك خلال عودته إلى المنزل من المدرسة، حيث جرى اختطافه من قِبل أشخاص كانوا يستقلّون سيارة من نوع “جيب سنتافي”، تحمل لوحة جنديرس، بحسب ما أخبر شهود عيان للأب.
واتهم “النبودي”، هيئة تحرير الشام؛ بالتورُّط في عملية الخطف فهي “تعلم بمرور سيارات متورِّطة بعمليات الخطف بمهمة أمنية أو عسكرية عبر حواجز الهيئة، ومعابرها مع الجيش الوطني في عفرين، ولم تتّخذ أي إجراء لإيقافهم أو العثور على الأطفال المخطوفين”.
وبناءً على متابعته مع أقاربه لمصير ابنه، أشار “النبودي”، إلى أن المدعو “أبو حمزة”؛ في أمنية فيلق الشام، واثنين من عناصره “نفّذوا عملية الخطف التي تعتبر واحدة من عشرات العمليات التي نفّذوها في عفرين وإدلب والأرياف التابعة لها، وهو لا يزال يتردّد إلى مدينة الدانا وإدلب دون حسيب أو رقيب”.
وتواصلت الجهة الخاطفة مع “النبودي”، وطلبت مبلغ 30 ألف دولار أميركي، ليتمّ الاتفاق على دفع 15 ألف دولار؛ كفدية مقابل استعادة ابنه، “وهو ما حدث بالفعل”، بحسب قول الرجل لنورث برس.
وأعرب عن اعتقاده أن فصائل المعارضة “التشبيحية”؛ باتت تتّخذ على ما يبدو “من عمليات خطف الأطفال وطلب الفدية؛ مصدر تمويل قوي إلى جانب الهيئة الداعمة لها، عبر تأمين المرور الآمن”.
ورغم عدم توفر إحصائية دقيقة، إلا أن حالات خطف الأطفال في إدلب، شمال غربي سوريا، بحسب مصادر في المنطقة، زادت في الفترة الأخيرة، “طمعاً بفدية مالية”، في صورة تعكس حالة الفلتان الأمني الذي تعيشه المنطقة، وسط اتهامات تطال هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)؛ بالمشاركة في عمليات الخطف لتهاونها في محاسبة الجهات المتورِّطة.
وقال مصدر يتبع للأمن العام الداخلي (107)، في هيئة تحرير الشام، لنورث برس، إن حالات الاختطاف بحق الأطفال التي شهدتها الأشهر الأربعة الأخيرة، في مدينة إدلب وريفها، سببها “إما فدية مالية يطمع بها الخاطفون من ذوي الضحية، أو لغايات شخصية”.
لكن المصدر أشار، إلى أن الغالب من عمليات الخطف هو “الفدية المالية”، ويتم اقتياد الأطفال المخطوفين “إلى منطقة عفرين غالباً عبر سيارات يحمل أصحابها مهمّات أمنية أو عسكرية تُسهِّل مرورهم، وتمنع أي عملية تفتيش لهم لاسيما على معبر جنديرس”، في إشارة إلى تورُّط الفصائل.
وأشار المصدر، إلى أن هيئة تحرير الشام، هي “المتّهم الأول بعمليات الخطف وذلك لفشلها في حلِّ أكثر من 35 ملف خطف بحق الأطفال، الذين عاد معظمهم إلى ذويهم بعد دفع فدية مالية يتمّ تحويلها في الغالب إلى الأراضي التركية”.
وأرجع السبب في اتهامه للهيئة، “بسبب عجزها عن ضبط حالة الفلتان الأمني”، خاصة أنها تُعتبر هي المسؤولة عن حماية المنطقة.
وبعد عملية مقايضة مع المخَتطِفين، بدأت بطلب 2500 دولار، دفع فيصل السويدان، (57 عاماً)، مبلغ 900 دولار، واستعاد طفله ضاري (8 أعوام).
و”السويدان”؛ نازح من حمص، يقيم في بلدة دير حسان، شمالي إدلب، يقول لنورث برس: “في آذار الماضي، وخلال عودة ابني من المدرسة للبيت، أجبره مجهولون على ركوب تكسي سوداء، وخرجوا به أمام مرأى السكان من القرية”.
ويُعرب الأب عن استغرابه من جرأة الجهة الخاطفة، “العملية تمّت وقت الظهيرة، وهناك كثافة سكانية وأمنية لتحرير الشام، ومع ذلك عجزت عن منع الخاطفين وكذلك عن معرفة مكان ابني”.
وتبيّن فيما بعد، بحسب شهود عيان، أن ذات السيارة عبرت من معبر الغزّاوية باتجاه عفرين، وبعدها تمت عملية المقايضة واستعادة الطفل.
ومنذ ذلك الوقت، يمنع “السويدان”، أطفاله من الخروج من المنزل بشكلٍ مطلق؛ خشية تكرار الأمر ذاته، “بسبب الضياع والفلتان الأمني في المنطقة”.
وذكر مصدر في فرع الأمن الجنائي في مدينة إدلب، أنهم سجّلوا خلال الثلاثة أشهر الماضية، أكثر من 28 بلاغاً لأطفال تمّ خطفهم في إدلب وريفيها الشمال والغربي.
وأشار في حديث لنورث برس، أن “أطفال حالات الخطف السابقة عادوا إلى ذويهم بعد مقايضة مالية، دون أن تتمكّن تحرير الشام من القبض على الفاعلين رغم علمها بانتمائهم لفصائل معارضة”.
وبناءً على طلب الجهة الخاطفة، حوّلت خاتون العوير، (30 عاماً)، وهي نازحة من درعا، وتقيم في بلدة حارم، شمال غربي إدلب، مبلغ 15 ألف دولار إلى مرسين التركية، حتى تمكّنت من استعادة ابنتها لجين ذات الخمسة أعوام.
وتمّ اختطاف الطفلة من أمام البناء، وتبيّن فيما بعد أن المتورّطين هم ثلاثة مسلحين كانوا يقودون سيارة مغلقة (فان)، ويتبعون لأحرار الشرقية (مجموعة أبو خالد عنجارة)؛ عبروا من إدلب إلى جنديرس.
ويمتنع معظم ذوي المختطَفين من نشر صور أبنائهم؛ خشية فرارّ الخاطفين لأماكن أبعد أو ضرر يلحق بأطفالهم، “خاصة أننا نعيش في مناطق تخضع لسيطرة فصائل لا يحكمها قانون دولي أو محلي، يتبعون أسلوب المافيا، والضحية هي الشعب المضطرّ بحكم الحرب للعيش في هذه المناطق”، بحسب سكان.