دمشق.. عندما يدفع العامل على وظيفته من جيبه تكثر طلبات الاستقالة

دمشق ـ نورث برس

الهوة التي تتسع بين تكاليف المعيشة والأجور وصلت إلى حد أن الموظفين في بعض القطاعات الحكومية السورية، أصبحوا يصرفون من جيبهم للاستمرار في عملهم.

هذا الحال ينطبق على الكثير من قطاعات العمل، خاصة تلك التي لا تخصص لعامليها مواصلات لنقلهم، فالمواصلات لوحدها تلتهم أكثر من ثلثي الراتب إذا اقتصرت على المواصلات العامة، التي تعمل بتسعيرة محددة.

ولكن نظراً لنقصها الكبير حتى بعد تطبيق نظام “التعقب الإلكتروني” يضطر على الغالبية لاستخدام التاكسي التي نشطت بالعمل مكان السرافيس خلال الأزمة وبأجر لا يقل عن 2500 ليرة، لأكثر من مرة في الشهر.

مع هذا الواقع الذي يلتهم وقت الموظف وراتبه بدأت ظاهرة الاستقالات تتوسع في الكثير من القطاعات خاصة تلك التي يمكن أن يجد أصحابها مجالاً لعملهم في القطاع الخاص كقطاع التربية والتعليم مثلاً.

مع عدم الموافقة

لكن لا تحظى طلبات الاستقالة على الموافقة بسهولة، فقد أكدت إحدى الممرضات لنورث برس أنها استدعيت للتحقيق أكثر من مرة لتشرح أسباب طلبها للتقاعد.

وجاء ذلك رغم أن سنوات خدمتها فاقت 25 عاماً. لكن مع تراجع أعداد العاملين في القطاع العام نتيجة الهجرة أو التسرب وعدم تعيين بدائل جعل الحصول على الموافقة للاستقالة ليس بالأمر السهل.

وفي أحدث إحصاءات نشرت حول أعداد المستقيلين خلال النصف الأول من هذا العام، أعلن اتحاد العمال العام لشؤون الموظفين، أن العدد وصل إلى 400 موظف دون وزارة التربية في السويداء، و300 استقالة في القنيطرة غالبيتهم من قطاع التربية، إضافة إلى 516 عاملاً في اللاذقية.

وهنالك أرقام تشير إلى أن عدد الاستقالات في قطاع التعليم تفوق 3 آلاف طلب.

في حين هنالك من يسعى للفوز بفرصة عمل في القطاع العام، حيث يستثمرون أماكن عملهم لتحسين دخلهم كما الحال في فرص عمل (التموين، الجمارك، المالية وغيرها) وللحصول على فرصة عمل كهذه يدفعون مبالغ كبيرة، ويعلمون أنهم يستردونها خلال فترة قصيرة.

نزيف مستمر

خبير إداري وصف لنورث برس ما يحصل بـ”النزيف الذي سينتهي بإفراغ هذا القطاع من الكفاءات والخبرات إذا لم يتم العمل على تحسين الوضع”، خاصة مع ارتفاع الأسعار الكبير الذي يلتهم أجور العاملين في القطاع العام خلال أيام.

واقع لم يعد خافياً، وقد قال أمين سر غرفة تجارة دمشق وسيم القطان، خلال اجتماعاته مع مدير الجمارك إن راتب الموظف لا يكفي لشراء سترتين.

أضاف الخبير الإداري أن “هذه الهوة تجعل البحث عن مصادر دخل إضافية سلوكاً شائعاً بغض النظر عن نوعيتها سواء عمل إضافي أو استثمار العمل كالرشاوى، أو التقاعس عن المهمات المطلوبة منه في العمل والتغيب الدائم عن الدوام”.

ويمكن ملاحظة الفرق الكبير بين الملاك العددي للعاملين في أي مؤسسة أو شركة وبين العدد الفعلي، ففي شركة مثل زيوت حماة تراجع العدد من 265 عاملاً إلى 135 عامل فقط.

ونظراً لعجز الحكومة عن منح زيادة أجور فاعلة، تم الحديث عن طرق أخرى لذلك منها موضوع الحوافز والعلاوات، وتم تشكيل (اللجنة المركزية للحوافز والعلاوات والمكافآت) برئاسة وزيرة التنمية الإدارية سلام سفاف، لإقرار أنظمة الحوافز والعلاوات التشجيعية والمكافآت.

ولكن حجم الهوة بين المتاح والمطلوب، يجعل كل هذه المبالغ “فرنكات” قياساً بالأسعار، كما وصفها البعض.

إعداد: ليلى الغريب ـ تحرير: قيس العبدالله