“الزّبيب” أبرز منتجات السويداء.. صناعة فردية وتطوير غائب

السويداء ـ نورث برس

مع ساعات الصباح الباكر، وبين كروم العنب في جبل السويداء، جنوبي سوريا، تبدأ أم سليمان، من قرية مفعلة، شمالي المدينة؛ وعائلتها بموسم صناعة الزبيب، التي تعدّ من الصناعات التقليدية في المحافظة.

وبينما تجمع محصول الزبيب الذي يتميّز بمذاقه الحلو ولونه المميّز، تقول أم سليمان، المرأة الخمسينية، إنّهم لازالوا يتبعون الطريقة القديمة في صناعة الزبيب والتي تعلمتها من والدتها، “هي بسيطة ولكن تحتاج لعمل ووقت طويل”.

وتشرح المرأة طريقة تجفيف العنب لصناعة الزبيب، “يتمّ انتقاء العنب الجيد الذي يُعرف في السويداء؛ باسم (العنب السلطي الأصفر) حصراً، وهو ما يتفرّد به زبيب السويداء؛ إذ يتميّز بلونه الذهبي”.

 ينظف العنب من الشوائب ويغسل بالماء وبعدها يحضّر خليط من الماء؛ يضاف إليه القليل من (القلي أبو البوتاس)؛ وهي مادة كيميائية بيضاء اللون، تُعرف علمياً باسم كربونات البوتاسيوم، ثم يضاف إليه القليل من زيت الزيتون ليصبح المزيج مستحلباً أبيض اللون.

تكمل أم سليمان، في حديث لنورث برس: “نبدأ بوضع عناقيد العنب في الخليط لبضع دقائق، ثم يوضع على قطع قماش تحت أشعة الشمس ويترك حتى يجفّ ويحتاج إلى ثلاثة أو أربعة أيام بحسب حرارة الشمس”.

أجواءٌ عائلية

يكتنف موسم صناعة الزبيب، وهي مهنة متوارثة منذ أجيال، أجواء عائلية مميزة، “ما يميّز موسم الزبيب رغم التعب هو الجو العائلي؛ فالعائلة تجتمع بعد أن يجفّ الزبيب، وتبدأ عملية جمع الزبيب وتنقيته من العيدان”. 

وتُضيف أم سليمان: “يُصنع سنوياً حوالي خمسة أطنان من الزبيب، العمل لصناعته يحتاج وقتاً طويلاً؛ لذا تجتمع العائلة والجيران لمساعدة بعضهم”.

وهنا تتعالى الأصوات والضحكات أثناء العمل، تقول أم سليمان؛ بلهجتها المحلية “الزبيب بالسويدا، منعمله بحُب مع جمعة العيلة، فبيطلع طعمه مميّز”.

لا دعم أو تسويق

رغم مردود الزبيب الجيد من الناحية الاقتصادية، إلا أنّه لا يوجد دعم حكومي لتسويقه أو تطوير تلك الصناعة،  فما زالت فردية.

يقول ضياء كيوان، (40 عاماً)، وهو اسم مستعار لمزارع من قرية مياماس، في الريف الشرقي للسويداء، إنّ عمل الزبيب له مردود “جيّد”، ولكن تكمن الصعوبة في تسويقه “فلا يوجد دعم حكومي للاستفادة من هذه الصناعة، لا للمزارعين ولا حتى في تأمين أسواق تصريف لمنتوجاتهم، تخفّف عنهم جشع التجّار”.

ويُضيف، لنورث برس، أن “لصناعة كيلو زبيب؛ نحتاج لأربعة كيلو عنب، سعر الكيلو بـ(1500ليرة)، ونبيعه للتجّار بأقل من عشرة آلاف، بينما يبيعه التاجر في أسواق المحافظة بأكثر من 15 ألف ليرة”.

وبحسرة يقول “كيوان”، “أتعابنا تذهب للتجّار، فأرباحهم تفوق ما نجنيه نحن رغم التعب والمجهود الذي نبذله”.

ونظراً لطبيعة المحافظة، واعتماد معظم سكانها على أراضيهم الزراعية، وعدم القدرة على تسويق الكميات المنتجة من الزبيب في السويداء، يضطرّ معظم المزارعين لبيع محصولهم لتجّار من العاصمة دمشق.

وبحسب تصريح لمدير زراعة السويداء، أيهم حسن، لوكالة “سانا” التابعة للحكومة السورية، فقد  قدّرت مديرية الزراعة بالسويداء؛ إجمالي إنتاج مادة الزبيب المصنّعة من ثمار العنب للموسم الحالي، بنحو 2450 طناً.

في حين شكّك سكان من السويداء؛ بدقة الإحصائية وسط توقّعات بأن إنتاج محافظة السويداء؛ حوالي 8000 طن، “فمعظم القرى والبلدات في السويداء؛ يلجأ سكانها لصنع الزبيب لسهولة تخزينه ووسيلة لعدم هدر العنب”.

وتقدّر عدد أشجار العنب في السويداء؛ بحوالي 4 ملايين شجرة، بحسب مديرية الزراعة في المحافظة، وسط محاولات لتطوير هذه الزراعة وصناعة الزبيب المعتمدة على ثمار العنب.

فالاعتماد على الطرق التقليدية في صناعة الزبيب في السويداء؛ مازال متّبعاً، في حين برزت طرق مبتكرة وسريعة تعتمد على مجفّفات هوائية؛ تخفّف الأعباء على المزارعين وتختصر الوقت.  

إعداد: رزان زين الدين ـ تحرير: قيس العبدالله