“تعذيب وفدىً كبيرة”.. حرس الحدود التركي يتعامل مع السوريين بوحشية

عامودا – نورث برس   

لا يستطيع أحمد إبراهيم، (18 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان عامودا، أنّ يمحو من ذاكرته وجسده آثار الضرب المبرح الذي تلقّاه في آخر محاولة له لعبور الحدود التركية.

وفي الثامن عشر، من أيلول/ سبتمبر، 2022، وتحديداً في الساعة الخامسة صباحاً، انطلق “إبراهيم” برفقة حوالي 40 شاباً آخر، من قرية “صباح الخير”؛ التابعة لمدينة الرقة، في رحلة استغرقت ساعتين للوصول إلى النقطة الفاصلة بين الحدود السورية – التركية، حسب ما يذكر لنورث برس.

ويستأنف الشَّاب حديثه: “وصلنا إلى قرية تروازية، وبعد الحاجز سرنا على الأقدام حوالي 10 كيلومترات للوصول للطريق الدولي m4”.

ويُكمل: “وصلنا لقرية ريحانية، التي تبعُد عن سري كانيه/رأس العين، حوالي 10 كيلو متر، وبقينا هناك حتى صباح اليوم التالي، لتكون وجهتنا التالية سري كانيه، التي بقينا فيها 10 أيام، جرّاء صعوبة تأمين الطريق”.

ومن هناك، توجّه الشاب ومن معه إلى قرية تل خنزير، القريبة من الحدود التركية، ووصلوا إليها في الساعة الرّابعة عصراً، ليبقوا فيها حتى “يخيّم الظلام”، ويتخفّوا من الدوريات التركية، حسب ما يسرد “إبراهيم”.

“لم يحالفنا الحظّ، الدوريات التركية شاهدتنا، ضربوا الرّصاص فوق رؤوسنا وتحت أقدامنا لنبتعد عن خط الحدود”.

الاعتقال

ورغم ذلك لم تستسلم المجموعة، إذ يشرح “إبراهيم”، “غيّرنا طريقنا، وبالفعل تمكّنا من الدخول إلى تركيا، ومشينا قرابة 200 متر، وكان هناك سيارة بانتظارنا، ظنّنا أنّ الأمور تسير على ما يرام”.

وبعد صمت “إبراهيم” لثوانٍ، كأنه يحاول تذكّر شيء ما، ينفث زفرة طويلة يقول عقبها: “تعطّلت السيارة بعد حوالي 2 كيلو متر، الدّورية التركية كانت تلاحقنا، الجميع بدأ بالهرب، كنا حوالي 13 شخصاً بعد أن انفصلنا عن الآخرين في سري كانيه، اثنان منا فقط تمكّن من الفرار”.

ويشير “إبراهيم”، إلى أنهم سيقوا لمخفر، وبقَوا هناك لعدّة ساعات، ثم تمّ تسليمهم للكوماندوس التّابعة لتركيا.

“تعرّضتُ لضربٍ وحشي بالعصا أنا وآخرين، بقينا يوماً كاملاً، هدّدونا بالقتل إذا حاولنا الهرب”، وفق “إبراهيم”.

وفي الثاني والعشرين من حزيران/ يونيو، حصلت حادثة مشابهة، إذ نُقل ثلاثة شبّان تعرّضوا لضربٍ وحشي من الجندرمة التركية، بعد إجبارهم على خلع ملابسهم، إلى مستشفى عامودا، بعد محاولتهم عبور الحدود.

وبعدها بحوالي شهر ونصف، وتحديداً في الرابع عشر من آب/ أغسطس، فقدَ سليمان السياد، (30 عاماً)، من سكان سري كانيه/رأس العين، حياته، وأُصيب آخر؛ برصاص حرس الحدود الأتراك بعد محاولة العبور.

فدية

ويقول “إبراهيم”، في اليوم التالي سلّمونا إلى الشرطة المدنية “مبروكة”؛ في سري كانيه، و”بقينا ليومين هناك، بعد ضربنا واستجوابنا، وأخذوا بصماتنا، للتأكّد من وجود اسم لنا في سجلّات المطلوبين لديهم، ورغم عدم وجود أي مستمسك (تهمة) علينا، لم يتركونا”.

وذكر الشاب أنهم طلبوا فدية من عائلته قدرها ألف دولار أميركي؛ مقابل إطلاق سراحه، ليتمّ الإفراج عنه بعد دفعها.

وكان برفقة “إبراهيم”، شقيقه الأصغر القاصر، الذي أُعفي من الفدية، لـ”كونه لم يتجاوز السن القانوني”، حسب الشاب.

وتفرض القوات التركية والفصائل الموالية لها؛ فدىً مالية على المعتقلين لديها، ممن حاولوا عبور الحدود أو حتى الذين أُعتقلوا من مناطق سيطرة فصائل المعارضة، ولم يقضوا تحت التعذيب.

وعلى الرّغم من المخاطرة الواضحة بعبور الحدود السورية – التركية، ما يزال هناك شبّان يحاولون لأكثر من مرة العبور، ومنهم من تعرّض للضرب سابقاً، كحال “إبراهيم”.

إعداد: آياز سيدو – تحرير: رهف يوسف