بعد خسارة القطن.. الحكومة السورية تستورد بذره لتصنيع الزيت
دمشق ـ نورث برس
لم يكن من ضمن الأصناف المرغوبة، وكانت مخازينه الكبيرة قصة كل عام، ولكن بعد التراجع الكبير في زراعة ثاني محصول استراتيجي وهو القطن وافقت الحكومة السورية على استيراد بذار القطن لاستخدامه في صناعة الزيت.
كان الركن الخاص بزيت بذر القطن في المؤسسات بلا زبائن، تنافسه الأنواع الأخرى من الزيوت “كدوار الشمس والذرة.. وغيرها”. ولكن تحت ضغط الحاجة والنقص الشديد في مادة الزيوت وصعوبة تأمينها أصبحت الحصة التي يمكن أن يحصل عليها المواطن من بذر القطن محدودة.
تراجعت وتقهرقرت
تراجعت زراعة القطن في سوريا، وكان من البديهي أن يتراجع إنتاج البذور ومن ثم الزيوت الناتجة عنها، الأمر الذي دفع الحكومة السورية مؤخراً إلى الموافقة على استيراد بذور القطن لغاية عام 2023 لتصنيع الزيت وتشغيل المعامل المخصصة لتصنيع الزيوت بعد توقفها عن العمل لفترات طويلة متقطعة بسبب نقص المواد الأولية في القطاع العام.
تشير إحصائيات وزارة الزراعة إلى أن المساحات المزروعة بالقطن قبل الحرب وصلت إلى 250 ألف هكتار في المحافظات الأكثر إنتاجاً وهي الحسكة في المرتبة الأولى ثم حلب والرقة ودير الزور وحماة، ولكن الآن أصبح الإنتاج المتاح يكاد يقتصر على مناطق سيطرة الدولة السورية.
يقول مصدر في الزراعة لنورث برس، إن إنتاج الحسكة من القطن وصل إلى 200 ألف طن في بعض سنوات ما قبل الحرب، من إجمالي الإنتاج الذي كان يصل إلى 700 ألف طن. في حين انخفض الإنتاج المتوقع لهذا العام إلى 18- 20 ألف طن.
وتعتمد الدولة السورية على إنتاج المناطق الآمنة كالغاب، ولكن المساحات المزروعة فيها أقل بكثير، حيث تشير الزراعة أن المساحة المزروعة تفوق الألف هكتار بقليل.
وأشارت التوقعات إلى أن إنتاج المناطق الخاضعة لسلطة الدولة لن يتجاوز 20 ألف طن قطن من إجمالي الإنتاج المقدر بنحو 72 ألف طن.
ولكن كما حال القمح تبقى التوقعات في واد والإنتاج الفعلي في واد آخر بسبب تراجع المزارعين عن زراعة القطن لارتفاع تكاليف إنتاجه ونقص المياه وخسارة إنتاج المحافظة الأهم وهي الحسكة.
يقول عضو جمعية فلاحية في حلب لنورث برس، إن إنتاجية الهكتار تراجعت من 4 طن إلى نحو 3 طن فقط، وإن إنتاج منطقته في دير حافر تراجع كثيراً.
غير منصف
تضع وزارة الزراعة تسعيرة تعتقد أنها “محفزة” لزراعة القطن كما تصفها، حيث حددت تسعيرة كيلو القطن لهذا الموسم بمبلغ 4 آلاف ليرة.
ولكن هذا السعر الذي تعده الوزارة “محفزاً” يراه المنتجون “غير منصف” خاصة عندما تكون مياه الري المستخدمة من الآبار وتحتاج لضخ.
وقال بعضهم لنورث برس، إن التسعيرة المنصفة يجب أن لا تقل عن 7 آلاف ليرة مع موسم طويل مثل القطن يمتد من 9-10 أشهر.
مهندس زراعي في محلج للأقطان بين لنورث برس، أن كمية بذر القطن تشكل 60% من وزن القطن، في حين 40% الباقية هي شعر.
وأشار مصدر في زراعة الحسكة إلى أن إنتاج المحافظة من البذار كان يصل إلى نحو 500 ألف طن بذار “في أيام عز الإنتاج”، ولكن هذه الكميات تراجعت كثيراً.
ومع تراجع الإنتاج توقفت معامل الزيوت عن الإنتاج خلال فترات متقطعة تبعاً لمدى توافر المادة، كحال معامل الغزل والنسيج.
وأشار مدير شركة زيوت حماة عبد المجيد قلفة، إلى أن خطة الشركة عصر 15 ألف طن بذر، وأن شركات الزيوت في القطاع العام تأمل أن يصلها 3000 طن بذار قطن.
قرار جيد
وفي حديث لنورث برس، وصف باحث زراعي قرار السماح باستيراد بذار القطن، بأنه يلبي حاجة السوق المحلية بنوع كلفته منخفضة، ويمكن الاستفادة من نواتجه كأعلاف.
وبين أن توفر بذار القطن رهن المساحات المزروعة التي تراجعت كثيراً، بل وتم استبداله بأنواع أخرى من الزراعات.
وأوضح المصدر أن بذور القطن تحتوي ما نسبته 18- 20% زيت، وأن مواصفات هذا النوع رغم عدم شعبيته “جيدة”، حيث أنه إضافة لرخص سعره غني بالأحماض الدهنية الهامة، وخال تقريباً من “الكولسترول”، حسب قوله.