بمبادرات محلية.. سكان درعا يحسِّنون واقعهم الخدمي

درعا ـ نورث برس

يعمل سكان في محافظة درعا، جنوبي سوريا، على سدّ فراغ المؤسسات الحكومية الغائبة؛ لتحسين الواقع الخدمي في المحافظة، معتمدين في ذلك على المبادرات المحلية وجمع الأموال فيما بينهم ومن أبنائهم المغتربين.

ولمَّا كان التعليم ومستقبل الأطفال؛ من أهم الأشياء التي يجب العمل والتكاتف من أجلها؛ جمع سكان مدينة طفس، غربي درعا؛ الأموال من خلال حملة تضمّنت بعض تجار المدينة، وتمّ من خلالها إصلاح المقاعد الدراسية؛ حيث تمّ شراء الخشب بالإضافة إلى ترميم ما يمكن ترميمه.

وفي محافظة درعا، حوالي 980 مدرسة، تضرّرت خلال الحرب، منها حوالي 400 مدرسة؛ نسبة أذيتها تتراوح ما بين 25- 75 بالمائة، بحسب تقارير صحفية.

مدارس ومدرِّسون

وجاءت حملة جمع الأموال، بعد وقفة احتجاجية لبعض الطلاب، رفعوا خلالها لافتات وناشدوا من خلالها المسؤولين بالعمل على ترميم مدارس المدينة، لكن دون استجابة من قِبل مديرية التربية في المحافظة.

ويعمل سكان مدينة طفس، على صيانة 10 مدارس؛ وقال سيف الربداوي، (43 عاماً)، اسم مستعار لأحد سكان مدينة طفس، لنورث برس، إن مدارس المدينة كان ينقصها الكثير من الأساسيات بالتزامن مع بداية العام الدراسي الجديد.

وكانت مدارس طفس، بحاجة إلى مقاعد دراسية “بسبب جلوس الطلاب على الأرض أثناء إعطائهم الدروس”، بحسب “الربداوي”.

وبعد جمع الأموال، تمّ شراء بعض المستلزمات الدراسية الضرورية التي تنقص بعض المدارس، كالخرائط، والوسائل التعليمية، وعدد من المجسّمات؛ التي تساعد المدرِّسين على الشرح وإيصال المعلومة بشكل أفضل للطلاب.

وأطلق سكان بلدة الجيزة؛ حملة محلية هدفها مساعدة المدرِّسين من خارج البلدة، الذين تمّ تعيينهم فيها.

ومن خلال الحملة؛ تم تأمين حافلات لكافة المدرِّسين لنقلهم إلى مناطقهم مجاناً على نفقة سكان البلدة، بحسب ما ذكر زكريا غزلان، (32 عاماً)، اسم مستعار لأحد المدرِّسين؛ الذين تمّ تعيينهم في الجيزة، شرقي درعا.

و”غزلان”، من مدينة درعا، التي تبعد عن بلدة الجيزة؛ أكثر من 20 كيلو متر، وتبلغ أجرة الحافلة إليها ألفي ليرة سورية.

وجاءت هذه المبادرات، بعد أن لاحظ سكان البلدة أن الكثير من المدرِّسين يرفضون الانتقال والتدريس في بلدتهم؛ بسبب أجور المواصلات، حيث يضطرّ المدرِّس إلى دفع راتبه بدل أجور نقل؛ للوصول إلى المدرسة.

وشجّعت هذه المبادرة؛ المدرِّسين الذين تمّ تعيينهم في مدارس البلدة؛ على عدم التذمُّر، وتقديم طلبات نقل إلى مدارس بلدات أخرى تكون أقرب إليهم.

وأشار “غزلان”، لنورث برس، إلى أن هناك مساعدات أخرى مختلفة يتمّ تقديمها للمدرِّسين إلى جانب تأمين الموصلات، البعض منها مساعدات عينية وأخرى مادية، من قِبل سكان البلدة؛ تقديراً للمدرِّسين في ظل ظروف المعيشة الصعبة.

بلا مياه

ومن التعليم إلى النواحي الخدمية، إذ تعاني بلدة الطيبة، شرقي درعا، من شحٍّ كبير في مياه الشرب، ويضطرّ سكانها إلى شرائها من الصهاريج في البلدات المجاورة في بعض الأحيان.

وبحسب محمود الزعبي، (55 عاماً)، اسم مستعار لأحد المشرفين على المبادرات المحلية في بلدة الطيبة، اجتمع وجهاء البلدة وقرّروا صيانة أربعة آبار تتواجد في محيط البلدة.

كما تباحثوا تركيب طاقة شمسية كاملة لكل بئر؛ لضمان عمله لساعات أطول؛ لكي يغذِّي أكبر عدد من سكان البلدة، في ظلّ ساعات التقنين الطويلة للكهرباء، بحسب ما قاله “الزعبي”، لنورث برس.

وأكّد على أن المبلغ المطلوب لهذا المشروع؛ قُدِّر بـ250 مليون ليرة سورية، وتمّ الاتفاق على جمع المبلغ من سكان البلدة إلى جانب ما يمكن جمعه من أبنائهم في الخارج.

وبعد إطلاق الحملة بأيامٍ قليلة، تمّ جمع المبلغ، والبدء بالعمل على صيانة الآبار تحت إشراف مهندسين مختصّين من أبناء البلدة.

وجاءت فكرة الحملة بعد أن “تملّصت” مديرية المياه التابعة للحكومة في درعا؛ من مسؤولياتها بصيانة الآبار، حتى دون التطرُّق لموضوع الطاقة البديلة عن الكهرباء، بحجّة “عدم توفّر إمكانيات كافية لمثل هذه المشاريع”.

ويعاني سكان المحافظة من سوء واقع الكهرباء، إذ تصل ساعات التقنين في درعا، إلى خمس ساعات قطع مقابل ساعة وصل، ويتكرّر الانقطاع عدّة مرات خلال هذه الساعة.

 وقال إسلام قطوف، اسم مستعار لأحد موظفيّ مديرية الكهرباء، في محافظة درعا؛ إن المؤسسات الحكومية “تتهرّب من مسؤولياتها في أغلب الأحيان لأسبابٍ عدّة”.

ومن أبرز هذه الأسباب، بحسب “قطوف”: غياب اليد العاملة، ووجود شواغر نتيجة عدم وجود طلبات للتوظيف في الدوائر الحكومية بالتزامن مع تدنّي الأجور؛ التي أصبحت غير كافية لأكثر من ثلاثة أيام فقط من الشهر.

وفي حديثٍ، لنورث برس، لم ينكر “قطوف”، أن هناك شحّ في المواد الأساسية، “لكن هناك من يعمل على التلاعب وسرقة بعض تلك المواد بهدف الحصول على المال، لأن الراتب لا يكفي على حدّ قولهم”.

وأكّد، على أن هناك “مخصّصات كبيرة من المحروقات، يتمّ صرفها يومياً عبر فواتير تُقدَّم على أساس عمل المديرية لبعض آلياتها، دون أن تتحرّك من المرآب منذ شهور”.

إعداد: مؤيد الأشقر ـ تحرير: قيس العبدالله