التعليم يخصخص في إدلب وآلاف الطلاب يحرمون منه

إدلب ـ نورث برس

توقّف حليم عز الدين، (38 عاماً)، وهو من سكان قرية معرّة مصرين، شمال إدلب، عن إرسال أبنائه الثلاثة إلى المدرسة في الوقت الحالي، وذلك بعد خصخصة مدرسة الزهراء الإعدادية والثانوية في المنطقة لصالح إحدى المنظّمات.

وطالبت المنظّمة كل طالب بدفع رسم فصلي بقيمة 10 دولارات، وذلك مع بداية العام الدراسي مطلع أيلول/ سبتمبر، الجاري، هذا بالإضافة لتكاليف الكتب والقرطاسية والهندام المدرسي وغيرها.

وبدأت وزارة التربية والتعليم، في حكومة الإنقاذ، الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، خصخصة قطاع التعليم في مناطق إدلب، “كمصدر تمويل جديد لها على حساب سكان المنطقة الذين يرزحون تحت وطأة الاقتصاد المتهاوي في المنطقة”، بحسب مصدر خاص من الوزارة نفسها.

وأوضح المصدر، لنورث برس، أن الوزارة وعبر سلسلة من الاجتماعات مع اللجان المعنية، بدأت مرحلة “خصخصة التعليم عوضاً عن دعمه بسبب ضعف الموارد المالية لديها، محوّلة هذا القطاع من الإنفاق إلى مصدر مالي”، معتبرة أن ذلك أفضل نحو “تعليم أكثر جودة”.

وأضاف المصدر، أن عدد المدارس التي تمّ خصخصتها حتى اللحظة “بلغ نحو 42 مدرسة في مدينة إدلب وريفها، عبر منحها لمنظّمات خاصة؛ لقاء 600 دولار، أجرة المدرسة الواحدة شهرياً”.

عبء آخر

وتتذمّر علا الحسي، (30 عاماً)، من نازحي حماة، المقيمين في حي الشيخ ثلث، بمدينة إدلب، من الوضع الذي وصلت إليه المنطقة، “حكومة الإنقاذ خصّخصت كل  شيء من كهرباء ومياه وصحة وبنى تحتية، لتخصّخص اليوم التعليم الذي هو الأمل الأخير لمستقبل أبنائنا، في بلد يعيش حرباً منذ 11 عاماً”.

وتقول؛ لنورث برس: “رغم عدم الاعتراف بشهادة مدارس وجامعات حكومة الإنقاذ، مع ذلك  قبلنا بإرسال أبنائنا”.

وتضيف: “لكن اليوم يطلبون منا دفع ثمن تعليم أبنائنا بصورة لم يسبق لنا عيشها، والجميع يعلم الوضع المتردّي للسكان، لا سيما النازحين في إدلب”.

ويتذمّر أحمد الصفوك، (40 عاماً)، من نازحي حمص؛ يقيم في بلدة سرمدا، شمال إدلب، من الحال الذي وصل إليه طلب التعليم، ويقول: “المدارس وبعد أن تمّ خصّخصتها؛ لم تعد تقبل ب10 دولار كرسوم فصلية للطالب، بل رفعت الرسم إلى 15 دولار”، وهو ما يشكِّل عبئاً آخر على ذوي الطلاب.

ويقول: “رغم شكاوينا التي قدمناها لوزارة التربية في حكومة الإنقاذ؛ إلا أنه لم يُتّخذ أي إجراء بخصوص ذلك؛ فالجميع متعاون في سبيل  تجفيف أموال الشعب وملء خزائنهم”.

ولسوء الوضع المعيشي أيضاً، قرّر “الصفوك”، إبقاء أبنائه بلا تعليم، “هذا أفضل من أن أدفع كل هذه التكاليف في هذا الوقت من السنة، تكاليف الشتاء قادمة وهي لا ترحم”.

وحمّل “الصفوك”، المنظّمات الإنسانية، والمجتمع الدولي مسؤولية إنقاذ أطفال الشمال السوري، من الجهل ودعم قطاع التعليم “؛ عبر فصله عن حكومة الإنقاذ وتأمين موارده، بعيداً عن أي حكومة، كي لا يستغل أحد هذا القطاع بصورة مادية كما يحدث اليوم”.

تسرُّب المعلمين إلى القطاع الخاص

دفعت خصخصة التعليم إلى تسرُّب المعلمين من المدارس التي لا زالت تعمل وفق نظام التعليم الحكومي القديم ضمن بعض المدارس في ريفي إدلب الجنوبي والغربي، وأيضاً من بعض معاهد التعليم ذات الأجور القليلة؛ نحو المدارس الخاصة والتي جرى خصخصتها بحثاً عن الدّخل المرتفع، ما زاد من تضرُّر الطلاب.

وقال هادي الجمول، وهو أحد المعلمين في مدرسة “العزة” الخاصة في مدينة سرمدا، شمال إدلب، إن “متوسط دخول المعلمين يتراوح بين 250 و300 دولار في المدارس الخاصة والمخصّخصة؛ بينما المدارس الحكومية التي لا زالت مدعومة من وزارة التعليم لا تتجاوز رواتبها الـ70 دولاراً، وهو السبب الأساسي لتسرُّب المعلمين من الحكومي نحو الخاص أو المخصّخص”.

إعداد: هاني سالم ـ تحرير: قيس العبدالله