تسريبات إعلامية واجتماعات.. هل هي مقدمات لسيناريوهات جديدة بالملف السياسي السوري؟

غرفة الأخبار – نورث برس

تطرقت تقارير صحفية، قبل أيام إلى تسريبات تحدّثت عن تحضيرات تمّت لعقد اجتماع سري يجمع بين وفد من الائتلاف السوري المعارض والحكومة السورية، في الولايات المتحدة الأميركية، خلال مشاركتهما في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بدورتها الـ 77.

كما شغلت مواضيع التقارب وإحياء العلاقات بين دمشق وأنقرة، مع طرح الأخيرة لمصالحة بين طرفي الصراع بسوريا، ومنذ أشهر؛ وسائل الإعلام، حيث ترافق ذلك بضخّ إعلامي كبير حول نوايا تركيا؛ للتخلّي عن المعارضة السورية، لتنفي الأخيرة عبر بيانات رسمية.

وبين هذا وذاك، راح المسؤولون الأتراك، والسوريين؛ إلى إصدار تصريحات، ذهب بعضها إلى تأكيد رغبة كِلا الطرفين في إعادة العلاقات وإظهار حُسن النية للآخر، لتناقض ذلك قبل أيام وكلا الطرفين أيضاً، أنه ليس هناك أي تواصل بينهما، ضاربين بعرض الحائط كل ما أثير إعلامياً بشأن التقارب بينهما.

والأسبوع الماضي، نفى وزير خارجية الحكومة السورية، فيصل المقداد، وجود أي مفاوضات مع أنقرة؛ فيما يتعلق بمسألة التطبيع بين الدولتين.

وقال المقداد، في إفادة صحفية لوكالة “سبوتنيك”، إنه” ليست هناك اتصالات أيضاً على مستوى وزارتي الخارجية بين البلدين”.

أيضاً نفت أنقرة، وعلى لسان المتحدِّث باسم الرئاسة التركية، إبراهيم قالن، الجمعة الفائت، وجود أي “خطط للاتصال السياسي” مع الحكومة السورية.

فيما أكّد “قالن”؛ في إفادة صحفية، أن المخابرات تُجري اتصالات في ما بينها، في إشارة إلى لقاءات رئيس المخابرات التركي؛ هاكان فيدان، مع علي مملوك؛ رئيس جهاز المخابرات السوري.

“معارضة  بمقاسات روسية”

قال حسن الحريري، عضو اللجنة الدستورية المُصغّرة عن المعارضة، إن التسريبات الإعلامية التي تمّ ذكرها آنفاً، “لم تعدّ تسريبات، بعد أن تمّ عرض صور المجتمعين بمواقع التواصل الاجتماعي”. 

وأضاف “الحريري”، لنورث برس، أن “هذه التسريبات، هي من صناعة  الدول التي قامت بدعوة  الشخصيات”، في إشارة إلى اجتماع نائب وزير خارجية روسيا، ميخائيل بوغدانوف؛ مع وفد من المعارضة السورية في الرابع عشر من الشهر الجاري.

وحضر الاجتماع، وفق بيان للخارجية الروسية، ممثلين عن جميع المنصات المذكورة في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، إضافة إلى ممثلين عن مجلس سوريا الديمقراطية وحزب سوريا المستقبل.

والمجتمعون كانوا رئيس منصة موسكو؛ قدري جميل، والنائب السابق لرئيس هيئة التفاوض؛ خالد المحاميد، وممثل هيئة التنسيق في موسكو؛ عادل إسماعيل، وعضو مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)؛ سيهانوك ديبو، وعضو المبادرة الوطنية في جبل العرب؛ حسن الأطرش.

بالإضافة إلى عبيدة النحاس؛ من حركة التجديد الوطني، وعضو حزب الإرادة الشعبية؛ علاء عرفات، والممثل عن حزب سوريا المستقبل؛ علي العاصي.

وقال “الحريري”، إن “روسيا كداعم للنظام السوري من الناحية السياسية  والعسكرية؛ تحاول صناعة معارضة بمقاسات معينة”.

وأضاف: “تهدف من خلالها، طرح حلّ للنزاع السوري، وتقديمه للمجتمع  الدولي على أنه تطبيق  للقرارات الدولية، بعد أن فشلت جميع الضغوط التي مارستها خلال سنوات النزاع، وهذا ما شاهدناه قبل فترة، عندما تمّ عرض صور للقاء بحضور بعض الشخصيات التي كانت محسوبة على المعارضة”.

وأشار حسن الحريري، عضو اللجنة الدستورية المُصغّرة إلى أن، “هذا لا يعني تطبيق القرار الدولي؛ فهناك مسار واضح ومحدّد لتنفيذ القرار الدولي وهو مسار جنيف”، مشدّداً على أن تركيا، “ليس من مصلحتها  التخلي عن المعارضة الرسمية”.

“تسريب غير صحيح”

وقال الخبير العسكري، العميد أحمد الرحال، بالنسبة للتسريبات الإعلامية الأخيرة حول اجتماع بين وفد من المعارضة والحكومة السورية “غير صحيحة”.

وأضاف “الرحال”، لنورث برس: “أصبحنا جميعاً على قناعة، أن هناك صراع داخل الائتلاف السوري المعارض ومن أُخرج، وليس من خرج، حيث يحاول كل طرف ضرب الآخر عبر بيانات بعضها صحيحة وأخرى غير صحيحة”.

وأشار الخبير العسكري إلى أن التسريب الأخير غير صحيح، “لأنه وفي هذا الوقت بالتحديد؛ تركيا والنظام غير متفقين، فكيف سيعقدون اجتماعاً”.

ولكن “عندما تتصافى الأمور ستتوّج حينها بلقاء بين المعارضة والنظام”، بحسب “الرحال”.  

وأضاف: “ما يصدر عن الائتلاف من بيانات رافضة لموضوع اللقاء، لا أساس لها، وعند إعطائهم أمراً من قِبل تركيا سوف يذهبون مباشرة”.

وقال “الرحال”، إن “المعارضة تتمسّك بالشعارات الوطنية وتلتزم بالتعليمات التركية”.

وسبقت التسريبات المذكورة آنفاً تسريبات أخرى، ذهبت إلى أن الأتراك “اجتمعوا في التاسع من هذا الشهر مع الائتلاف، وتمّ إبلاغهم أن روسيا تطلب عقد لقاء سري بينهم وبين وفد النظام؛ برئاسة فيصل المقداد، في السفارة الروسية في واشنطن”.

وذكرت أيضاً، أن “تركيا عرضت عقد اجتماع في السفارة التركية عوضاً عن الروسية؛ لتقليل مخاوف المعارضة، لكنها اشترطت أن يشارك في الاجتماع شخصيات رئيسية في المعارضة وفي مقدمتهم سالم المسلط؛ رئيس الائتلاف”.

بالإضافة إلى “رئيس هيئة التفاوض؛ بدر جاموس، ورئيس اللجنة الدستورية المعارضة؛ هادي بحرة، ورئيس الحكومة المؤقتة؛ عبد الرحمن مصطفى”.

وأشارت التسريبات إلى أن “الأتراك لوّحوا بمعارضة بديلة مستعدّة للعب هذا الدور؛ في حال رفض الائتلاف الاجتماع بوفود النظام”.

وقال “الرحال”، إن “المعارضة اليوم مهمشة، وخاصة في الائتلاف، حيث  جناحه العسكري ضائع ومتخبِّط، ولم يعد له مكان ولا هدف ثوري، وعلى مستوى فتح جبهة مع النظام غير قادرين؛ وبالتالي مكانتهم انهزّت بشكل كبير”.

إعداد وتحرير: فنصة تمو