في ظلّ سوء الكهرباء.. الطاقة البديلة حلٌّ فقط لميسوري الحال في منبج

منبج – نورث برس

ست ساعات وصل متقطّعة على مدار اليوم في أحسن الأحوال للكهرباء، في منبج شمالي سوريا، دفعت عدنان لتركيب ألواح طاقة شمسية، الذي لا يبعد منزله سوى كيلومترات قليلة؛ عن ثاني أكبر مصدر للطاقة في سوريا.

حالة والدة عدنان إسماعيل، (46 عاماً)؛ الصحية، دفعته لشراء ألواح الطاقة لتوليد الكهرباء لمنزله، فمرض الربو الذي تعاني منه والدته يجعلها في حاجة لجلسات رذاذ، بشكل مستمر.

تعتمد كهرباء منبج، على الطاقة المولّدة من سد تشرين، والتي تراجعت مع انخفاض منسوب مياه نهر الفرات، وفي أيار/ مايو، الماضي؛ توقّعت إدارة سد تشرين خروج السدّ ومحطات ضخّ مياه الشرب عن الخدمة، بسبب الانخفاض المستمر لمنسوب المياه في البحيرة.

لكن الأمور ليست كذلك بالنسبة للكثير من سكان منبج، فـ”إسماعيل”، هو معلم لمادة الفيزياء، ويقدم دروساً خصوصية في منزله، وبذلك استطاع دفع مبلغ كبير من المال، لا يقوى عليه الكثير من سكان منبج؛ بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة لكثير منهم، وبذلك يكون اعتمادهم على الكهرباء النظامية.

وتشغّل إدارة السدّ عنفتين بالحدّ الأدنى، أي باستطاعة لا تتجاوز الـ 120 ميغاواط ساعي، وهي نسبة منخفضة جداً وتؤدي لزيادة الأعطال في العنفات؛ بسبب التشغيل والإيقاف، في حين كانت كمية الكهرباء الناتجة عن تشغيل عنفة واحدة 105 ميغاواط ساعي من الكهرباء، قبل انخفاض منسوب مياه النهر، بحسب ما قاله إداري، لنورث برس، في وقتٍ سابق.

يقول “إسماعيل”؛ لنورث برس: “كل شيء في المنزل يحتاج لكهرباء، من إنارة، غسالة، براد، مراوح، أصبحنا لا نطيق العيش بدونها، وجود الكهرباء في البيت مهم بجميع الأوقات، ولا يمكن حصرها بفصل معين”.

الطاقة البديلة حلّ فعّال

لاقت الطاقة البديلة استحسان سكان منبج، وبدأت تنتشر بسرعة في الآونة الأخيرة، واتّجه السكان لتركيب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح المنازل لتوليد الكهرباء، ويراها البعض أنها الحلّ المستدام لمواجهة التقنين المُجحِف والنقص في ساعات وصل التيار الكهربائي.

بعيداً عن منبج، هناك توجُّه عالمي نحو الطاقة البديلة، وشاع في الآونة الأخيرة اتجاه الدول الأوروبية للسير في هذا النحو على مستوى الدولة ككل، بعد قطع روسيا؛ إمدادات الغاز عنها.

في الاتجاه ذاته، أعلنت وزارة التعليم العالي، في الحكومة السورية، عن إحداث قسمِ طاقاتٍ متجدّدة “طاقة شمسية”، في الكلية التطبيقية، بجامعة دمشق؛ اعتباراً من هذا العام 2022 – 2023.

لمن استطاع إليها سبيلا

والطاقة الشمسية حلّ سريع لتوليد الكهرباء للمنازل والمعامل الصغيرة، لكن التكلفة المالية تقف عائقاً أمام حصول عموم السكان عليها، حيث يتطلّب امتلاك منظومة طاقة شمسية مئات الدولارات، الذي تتزايد قيمته أمام الليرة السورية بشكل يومي.

ويشكو حسين الحسين، (39عاماً)، من سكان مخيّم الرسم الأخضر، شرقي منبج، عدم قدرته على تأمين ثمن شراء الطاقة، وانعدام الكهرباء في المخيّم، رغم حاجته لإنارة خيمته.

لدى “الحسين”، أربعة أولاد، وأربع بنات؛ يعانون من مشاكلٍ في النظر؛ تتمثّل بعدم الرؤية في الظلام (العشى الليلي)، ويخشى عليهم من الإصابة بأذى نتيجة ذلك.

يعجز الرجل عن تركيب الطاقة الشمسية، بسبب تكلفتها الباهظة، ويتمنّى أن تساعده منظمات إنسانية في تركيبها لحاجته الماسة لوجود الكهرباء في خيمته المعتمة ليلاً.

رغم الانتشار الكبير، وتوفرها بالسوق بكثرة، إلا أن الطاقة الشمسية تبقى حكراً على ميسوري الحال، أما ضعيفي الأحوال الاقتصادية، ينتظرون تقنين الكهرباء، أو تجدهم عند بائعي “البطاريات”، بحسب تجّار.

يوافق إبراهيم العيسى، (62 عاماً)، من سكان منبج؛ وجهة النظر السابقة، بأن هناك من لا يستطيع شراءها بسبب تكلفتها المرتفعة، ويرى أن الطاقة الشمسية تخدم الناس في ظلّ الانقطاع المتكرر للكهرباء، في الاستخدام المنزلي والزراعي والتجاري.

لكن “العيسى”، استطاع تركيبها، وساعده في ذلك أولاده المغتربين، حيث أرسلوا له مبلغاً من المال لشرائها، ويقول إنه لجأ للطاقة الشمسية بسبب انقطاع الكهرباء شبه الدائم.

كم يُكلّف تركيب الطاقة الشمسية؟

زادت حرارة هذا الصيف أرباح “أحمد الفتّاح”، صاحب محل لبيع تجهيزات الطاقة الشمسية، إذ أن محله سجّل بيعاً “وفيراً”، وإقبال سكان على شراء منظومة الطاقة الشمسية، في ظل حاجتهم للكهرباء، لتشغيل “المراوح” و”البرادات”.

وتعتمد الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء في النهار على ضوء الشمس، وتزود المنزل بالكهرباء بشكل مباشر، في ذات الوقت تُشحن البطاريات الأنبوبية لتزويد المنزل بالكهرباء ليلاً، ويوجد عدة أنظمة للطاقة البديلة كنظام ال 12، ونظام الـ 24 ساعة، والنظام المفتوح، والنظام الزراعي لتشغيل “الغطّاسات”.

وتتكوّن المنظومة من ألواح وبطاريات و”إنفيرتر” (محولة كهربائية)، ومنظّم شحن، وحديد؛ بحسب الألواح المركبة وعدد الأمبيرات، ولكل من البطاريات والألواح عمر زمني، وعلى ذلك تُحدد التكلفة المادية بحسب حاجة المنزل من الكهرباء، وتباع قطع المنظومة بالدولار الأميركي، الأمر الذي يُثقل كاهل السكان.

وتتراوح تكلفة تركيب منظومة الطاقة الشمسية لمنزل 700 دولار أميركي؛ يمكنها تشغيل الإنارة و”البراد” فقط، وفي حال كان هناك مكيف أو غسالة؛ فقد تصل التكلفة إلى 1500 دولار، بحسب “الفتّاح”.

ويقول: “أسعار تجهيزات الطاقة في مناطق الإدارة الذاتية؛ رخيصة؛ مقارنة بالمناطق المحيطة، فقد يصل سعر لوح الطاقة هناك إلى 250دولار، في حين أن ذاته في مناطقنا يُباع بـ 170دولار”.

ويحذر “الفتّاح” من تعدد نوعيات الألواح في السوق، ووقوع سكان كضحايا للغش، بعد إغراق السوق وتعدّد الماركات والأنواع، ويقول، إن “هناك الكثير من الأنواع غير الصالحة للاستخدام مع وجود ماركات مزوّرة”.

إعداد: أحمد عبد الله – تحرير: زانا العلي