مصر.. العام الدراسي الجديد وأكثر من /30/ ألف طالب سوري

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
أيام قليلة ويبدأ العام الدراسي الجديد في مصر، ويدخل أكثر من /30/ ألف طالب سوري رحلة جديدة في مضمار التعليم الأساسي أو الثانوي وحتى العالي، مملوءة بالتحديات والمصاعب، بداية من التحديات المادية التي تفرض نفسها على الأسر خلال العام الدراسي في ظل ارتفاع الأسعار وزيادة مصروفات الالتحاق بالمراكز التعليمية السورية، وحتى تحديات العملية التعليمية المرتبطة بكثافة الفصول وصعوبة الاستيعاب بسبب مشكلات اللهجة والتأقلم في المدارس المصرية، وغير ذلك.
وحددت وزارة التربية والتعليم المصرية موعد الدخول المدرسي في 21 أيلول/سبتمبر الجاري للتعليم الأساسي، باستثناء الفصول التمهيدية (KG1،KG2) فحددت الوزارة دخولها المدرسي مبكراً يوم الأربعاء المقبل الموافق /11/ من الشهر ذاته.
استبق أولياء الأمور السوريون الدخول المدرسي بتسجيل أبنائهم على لائحة المراكز السورية التعليمية المنتشرة، جنباً إلى جنب مع كونهم مسجلين بالمدارس الرسمية، تلك الأخيرة يؤدون أمامها الامتحانات ويحصلون على الشهادة، بينما الأولى يتلقون فيها تعليمهم من خلال معلمين سوريين يستطيعون من خلالهم التغلب على صعوبات اللهجة وتحديات التأقلم الأخرى.
وفيما يشكو عديد من أولياء الأمور السوريين من ارتفاع مصاريف تلك المدارس التي تثقل كاهلهم بأعباء إضافية كبيرة، يبدأ العام الدراسي الجديد وتبدأ معه هموم الأسر السورية ومشاكلها ومشاكل الأبناء التي لا تنتهي خلال الموسم الدراسي.
عدد الطلاب
يقول مدير مكتب الائتلاف السوري المعارض بالعاصمة المصرية القاهرة عادل الحلواني، في تصريحات خاصة لـ "نورث برس" عبر الهاتف، إن عدد الطُلاب السوريين في المرحلة الأساسية من التعليم يصل إلى ما بين /25/ إلى /30/ ألف طالب، بينما يصل العدد في الجامعات المصرية إلى سبعة آلاف طالب وطالبة.
ويوضح أن نسبة تصل إلى 95% من أبناء السوريين في التعليم الأساسي مسجلين في المدارس "الحكومية" المصرية، والنسبة الأخرى موزعة على المدارس الخاصة الأخرى. مشدداً على أن هنالك عدة عقبات تواجه الطلاب السوريين في مصر أثناء العملية التعليمية.
عقبات
وعن تلك العقبات يتحدث أمير شهلا، رئيس مجلس أمناء مؤسسة وطن، وهو أحد مديري المراكز السورية التعليمية في مصر، في تصريحات خاصة لـ"نورث برس" عبر الهاتف من العاصمة المصرية القاهرة، ويقول: ثمة أربع مشكلات أو عقبات رئيسية تواجه الطلاب السوريين في مصر، مستهلاً حديثه بالإشارة إلى أن التعليم الأساسي في مصر يعاني من مشاكل أساسية بخلاف التعليم الجامعي، فالتعليم الجامعي أفضل من نظيره في سوريا، لكن التعليم الأساسي متدنٍ نسبياً وبشهادة المصريين أنفسهم.
أول العقبات التي يحددها شهلا مرتبطة بزيادة الكثافة في فصول التعليم الأساسي بالمدارس المصرية، والتي تصل ما بين /80/ إلى /100/ طالب، حتى أن "الطلاب السوريين يقومون بالتسجيل في تلك المدارس لنيل الشهادة، لكنهم لا يجدون مقعداً يجلسون عليه داخل المدارس، بالتالي يُقيدون بالمراكز السورية التعليمية المنتشرة في مصر، بخاصة في المناطق التي يكثر فيها التواجد السوري مثل مدينة السادس من أكتوبر"، طبقاً لشهلا.
ويتابع: "العقبة الثانية مرتبطة بمشكلات اللهجة، بخاصة لدى الطلاب في المراحل التعليمية الأصغر سناً في الصفوف التمهيدي والأول والثاني، الذين قد لا يستطيعون التأقلم مع اللهجة المصرية في التدريس، وكذا المعلمين أنفسهم قد لا يستطيعون فهمهم".
يوازي ذلك عقبة أخرى مرتبطة بالمُعلم السوري نفسه، فهناك في مصر ما بين ثلاثة إلى أربعة آلاف معلم سوري، لا يجدون فرصة عمل مناسبة بطبيعة الحال في التعليم الحكومي ولا الخاص، ويقتصر تواجد بعضهم في المراكز السورية المتخصصة، وهذا عقب ثالثة تضاف للعملية التعليمية المرتبطة بالسوريين.
التسرب من التعليم
العقبة الرابعة تتمثل في تسرّب قطاع عريض من الطلاب السوريين من التعليم منذ سنوات الحرب الأول، طبقاً لما يؤكده شهلا، ذلك أنه منذ العام 2011 عاني كثير من السوريين من النزوح داخل سوريا واللجوء إلى تركيا وحتى الوصول إلى مصر، وخلال تلك التنقلات تسرب أبناؤهم من التعليم، وتم تسجيلهم في مصر في صفوف تعليمية متقدمة، فتجد أن طالباً في الصف الخامس الابتدائي لكنه لا يستطيع أن يكتب، وبالكاد مستواه التعليمي يصل للصف الأول أو الثاني الابتدائي، لكنه على الورق مقيد بصف متقدم.
وتنتشر المراكز التعليمية السورية في مختلف المحافظات المصرية التي تشهد انتشاراً للسوريين.. تتنافس تلك المدارس فيما بينها من أجل جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب السوريين المسجلين بالمدارس المصرية، للمداومة في هذه المراكز ومن ثم أداء الامتحانات للحصول على الشهادة بمدارسهم الرسمية المسجلة بوزارة التربية والتعليم المصرية.
وعلى رغم تلك المنافسة القوية بين المراكز السورية على جذب الطلاب، والتي كان من المفترض معها أن تنخفض الرسوم قليلاً، إلا أن كثيراً من أولياء أمور التلاميذ السوريين يشكون من ارتفاع مصروفاتها بصورة مبالغ فيها، لاسيما المراكز الشهيرة منها والتي حققت انتشاراً واسعاً في صفوف السوريين.. تثقل تلك المصروفات كاهل الأسرة السورية في موسم المدارس المليء بالضغوطات المادية، لاسيما الأسر الفقيرة منها.
معاناة
يقول عبدلله أبو حازم (سوري مقيم في مصر)، إنه في مدينة السادس من أكتوبر هنالك /15/ مدرسة (لا يوجد إحصاء دقيق بشأن عدد المراكز السورية المنتشرة في أكتوبر، والعدد الحقيقي ربما أكبر من ذلك)، و"التنافس على أشده بين تلك المدارس بزيادة الأسعار".
ويتحدث عن وضعه الشخصي، والذي هو مشابه لأوضاع الكثير من السوريين الذين لديهم أبناء في مراحل تعليمية مختلفة يأتي عليهم موسم المدارس ويزيد أعباءهم المادية بصورة كبيرة، قائلاً: "أنا عندي ثمانية أولاد، أفكر إني أضحي بأربعة من أجل تعليم الأربعة الباقين"، في إشارة إلى كونه –وأمام هذا الارتفاع الكبير في المصروفات المدرسية- يفكر في عدم تعليم أربعة من أبنائه وتعليم أربعة آخرين فقط.
يأتي ذلك في الوقت الذي تنتشر فيه إعلانات عن مراكز تعليمية سورية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يقول أصحابها إنهم يحاولون توفير بديل للمراكز التقليدية أو الشهيرة الأخرى ذات الأسعار المبالغ فيها، إلا أن تلك المدارس أيضاً بمصروفات وإن كانت أقل إلا أن كثيراً من الأسر لا تقوى عليها.
وأمام ذلك الوضع، تصف السيدة سهام المدني (سورية مقيمة في مصر) المراكز التعليمية السورية في مصر بـ"التجارة"، وتقول: "والله المدارس كلا تجارة وعم يمصوا دم العالم.. حطينا (وضعنا) ولادنا بالحكومي دمروا، وأجينا هالسنة نسعى لنحطن بخاصة.. كله تجارة ولا حدا بيرحم حدا (..)".
وعبر المجموعات الخاصة بالسوريين عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تنتشر شكاوى السوريين من ارتفاع المصروفات والأعباء المادية الدراسية، في موازاة انتشار إعلانات المراكز السورية على الصفحات ذاتها، وسط نداءات بضرورة تخفيض الأسعار بصورة أو بأخرى كنوع من التكافل، بينما تعلن عديد من المراكز عن استقبال الأيتام بسعر التكلفة أو مجاناً وغير ذلك من المبادرات الإنسانية الأخرى.
نرشح لكم أيضاً:
تعليم بالتقسيط.. مراكز تعليمية سوريّة في مصر تتسابق لجذب الطلاب قبل بداية العام الدراسي
مراكز سوريا الغد.. إطار تعليمي بديل لتعويض الأطفال ودعمهم نفسياً
أطفال سوريا يهربون من قُبح الحرب برسم الجمال والحياة