أطفال في منبج أُصيبوا بأمراض مزمنة جرّاء القصف التركي

منبج – نورث برس

يداوم إبراهيم، على أخذ طفله للطبيب، وعرضه عليه لتشخيص حالته، بعد تعرّضه لأزمات ومشاكل عدّة، تتنامى مع كبر سنه، وكلما سمع عن طبيبٍ “شاطر”؛ قصده، لكن دون نتيجة تُذكر.

لدى إبراهيم السمعو، وهو من سكان قرية الجات، 17 كم، شمالي منبج، شمالي سوريا، طفل بلغ الخامسة من عمره، يعاني أمراضاً عصبية ورجفة في الأطراف، وتبوّل لا إرادي (سلس بولي).

يقول “السمعو”، إن ما يعاني منه الطفل بدأ حينما كان رضيعاً، “كان يفزع من أصوات القصف المرعبة على القرية، ويبدأ بالصراخ، الآن هو في الخامسة من عمره، وحالته تسوء مع الوقت”.

وتسبّب القذائف من جانب مناطق سيطرة الفصائل المسلحة والقوات التركية، حالةً من الذعر والهلع، لدى الأطفال، ويقول سكان؛ إن هناك أطفال أُصيبوا بأمراض نتيجة الخوف الشديد من القصف المفاجئ وأصواته العالية.

ومن الأمراض، بحسب شهادات السكان، “التبوّل اللاإرادي، أبو صفار (اليرقان)، السكري”، وأمراض أخرى ترتبط بالخوف الشديد كالرجفة والارتعاش.

وتتعرّض قرى خط التماس في منبج، شمالي سوريا، للقصف المستمر على مدار ٦ أعوام، ويعدّ نهر الساجور، الذي يمرّ بهذه القُرى بمثابة حدود تفصل بين مجلس منبج العسكري، والمناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة المسلحة التابعة لتركيا.

وعلى الرغم من توقيع تركيا، لاتفاقية وقف إطلاق النار، في عام 2019، إلا أنها تُكرّر قصفها، وتستهدف قرى وسكاناً على طول خط التماس.

ويعتبر ما يتسبّب به القصف المستمر، للأطفال من أمراض نفسية وعصبية؛ خرقاً لجميع العهود والمواثيق الدولية، وخاصةً الاتفاقية الموقّعة عام 1989، القاضية بحماية الأطفال والقاصرين في النزاعات المسلحة.

https://www.ohchr.org/ar/instruments-mechanisms/instruments/convention-rights-child

وعن معرفة بحالات مقربة منه، يقول خالد الأحمد، (43 عاماً)، إن استهداف القوات التركية من قواعدها المتمرّكزة بمناطق “درع الفرات” لقريته في خط التماس، وأصوات القصف العالية “أدى لفقدان نساء لأجنّتهنَّ، كما سبّب لأطفال مقربين منه أمراضاً نفسية وعصبية”.

وتُستهدف قرى خط التماس بشتّى أنواع الأسلحة، فتتعرّض لقصفٍ بالمدفعية، قذائف الهاون، رشقات دوشكا، طيران مُسيّر، رشق عشوائي للرصاص بالأسلحة الخفيفة، كل هذا يُثير رعب السكان.

ودعا “الحسن”، المنظمات الإنسانية، ومنظمات حقوق الأطفال، أن يوقفوا هذه الانتهاكات بحق المدنيين والأطفال، وأن ترى المنظّمات هذه القرى عن قُرب؛ للاطّلاع على الأوضاع التي يعيشونها، لتوثيق التعدّيات و”الجرائم اللاإنسانية”، بحسب وصفه.

بينما يتطلّع خالد العلو، لدعم منظمات إنسانية لطفلته، التي أُصيبت بمرض عصبي، نتيجة الرعب الذي تبثّه أصوات القصف.

يرفض “العلو”، الحديث عن حال طفلته، ووفق مشاهدات معدّ التقرير، فإن الطفلة تعاني من ارتعاش، سببه الفزع، ولا يستطيع والدها عرضها على الأطباء بسبب ظروفه المادية الصعبة.

وبحسب سكان من قرية الجات، فإن أطفالاً تتراوح أعمارهم بين الخامسة والثانية عشر من العمر، تسبّب لهم القصف بأمراضٍ مزمنة.

في التاسع والعشرين من حزيران/ يونيو، الماضي، فقد طفلان وهما: أحمد فؤاد الحنفي البالغ(12عاماً)، ومحمد عبد اللطيف (13عاماً)، من قرية عرب حسن، شمالي منبج؛ حياتهما، إثر استهداف القاعدة التركية القريبة لمنزل ذويهم، بحسب الصفحة الرسمية على “فيسبوك” لمجلس منبج العسكري.

ومنذ طرد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، من مدينة منبج في آب/ أغسطس، ٢٠١٦، تقوم القوات التركية والفصائل الموالية لها، باستهدافات عشوائية للقرى المأهولة بالسكان؛ خارقة بذلك كل هذه الاتفاقيات الدولية.

وبالرغم من توثيق العديد من الجرائم بحق الأطفال والمدنيين، لا يوجد أي ردّة فعل؛ من المنظمات الدولية والإنسانية تُدين هذه “الجرائم”، وبينما يستمر هذا الصمت، لا تزال الانتهاكات بحق الأطفال في القرى الحدودية وقرى خط التماس تتزايد.

إعداد: أحمد عبد الله – تحرير: زانا العلي