مازوت كوباني بين خصمٍ و”تلاعب” المحطات يُفقد السكان مستحقّاتهم

كوباني – نورث برس

منذ الثالثة صباحاً، خرج مسلم من منزله لمحطة الوقود القريبة، آملاً بالحصول على دور متقدّم في الطابور، لكنه وجد أشخاصاً سبقوه، قد باتوا ليلتهم أمام المحطة لتعبئة الوقود في مركباتهم.

اصطفّ مسلم شمسي، (65 عاماً)، من سكان كوباني؛ في الطابور ينتظر بدء عاملي المحطة بالتعبئة حيث يبدأ دوامهم في الثامنة صباحاً.

وتشهد مدينة كوباني أزمة حادّة في مادة المازوت، سواءً الزراعي والمخصّص للمركبات ومخصّصات التدفئة، ويشتكي بعض السكان من عدم استلامهم لمخصّصاتهم.

تفاءل “شمسي”، حين رأى صهريجاً دخل إلى المحطة ليُفرغ حمولته، لكن هذا لم يستمر طويلاً، “بعد ساعتين أخبرونا أن الكمية نفذت وتوقفوا عن التوزيع”.

بعد فشله بتحقيق مراده، اتّجه الرجل لمحطات أخرى، التي رفضت كلها طلبه، لأنه لا يحمل البطاقة الليزرية الخاصة بالمحروقات، لذا ركن سيارته وبدأ يستخدم دراجة نارية.

وبدأت بعض محطات كوباني؛ بالتعامل بالبطاقة الليزرية لتعبئة الوقود، إلا أن البعض من أصحاب المركبات لم يحصلوا على بطاقاتهم إلى الآن.

ويتّهم سائقو مركبات في كوباني، أصحاب محطات بـ”التلاعب” بكمية المحروقات التي يستلمونها وعدم توزيعها بالكامل.

ويقول حنيفي شاهين، صاحب محطة “نوردان”، جنوبي كوباني، إن كمية 30 ألف ليتر من المازوت تحتاج إلى 25 ساعة لنفاذها، “وإذا استخدمنا الفرد الكبير معهم؛ نحتاج إلى 18 ساعة لننهي الكمية”.

ويُضيف، “إذا كانت كمية الــ 30 ألف ليتر يتمّ توزيعها بمعدل 50 ليتراً لكل سيارة، فإنها تكفي لـ600 سيارة”.

“تلاعُب محطات”

وفي جولة لمعدّ التقريرعلى إحدى المحطات في مدينة كوباني، تبيّن أن كل سيارة تستغرق دقيقة ونصف، بـ”الفرد” الصغير (ثلاثة أرباع الإنش)، أي ما يعادل 40 سيارة في الساعة.

وبعملية حسابية، إذا ضُرب المعدل بالرقم 2 دقيقة، تبين أن 80 سيارة تُعبأ في ساعتين، وإذا وزّعت المحطة بـ”فردين”، هناك 160 سيارة تحصل على مستحقّاتها.

قبل يومين من إعداد هذا التقرير، وزّعت محطة للمحروقات، 10 كم، جنوبي كوباني، المازوت “بفرد” واحد لمدة ثلاث ساعات، ثم توقّفت “بحجة” نفاذ الكمية.

ويعزو كاميران عمر، الرئيس المشارك لمديرية المحروقات، في إقليم الفرات، أزمة المازوت لسببين، الأول منها هو خصم إدارة المحروقات العامة في الإدارة الذاتية، لشمال وشرق سوريا، مخصّصات كوباني بشكل شبه يومي، وبكميات متفاوتة.

ويُشير “عمر”؛ إلى أن إدارة المحروقات خصمت الشهر الماضي ٤٥ صهريجاً، “ومن المُفترض أن نستلم 20 صهريجاً كل يومين، لكن هذا ما لا يحصل، الأمر يزيد من مشكلة نقص المادة في المنطقة”.

أما السبب الثاني، فيوافق به وجهات النظر السابقة؛ وهي “قيام بعض المحطات بالتلاعب بالأوراق، عن طريق تجهيز بعض الوصول القديمة قبل توزيع المادة على السكان”.

ويؤكِّد “عمر”، لنورث برس، أن “مديرية المحروقات خالفت عدداً من المحطات، وستُخالف كل محطة تتجاوز السُبل القانونية في عملية التوزيع”.

ويضيف: “نعم شاهدنا أن بعض المحطات قد أوقفت التوزيع خلال ساعتين أو ثلاث، لا يمكن تصديق حججهم بنفاذ الكميات في ضمن هذا الوقت القصير، لذلك شكّلنا لجنة لمراقبة عملية التوزيع”.

“أين تذهب الكميات؟”

ووفقاً للرئيس المشارك لمديرية المحروقات، فإن الحلّ هو التوزيع حسب البطاقات الإلكترونية، وثبات الكمية المرسلة إلى الإقليم من قبل إدارة المحروقات، وتركيب كاميرات مراقبة على جميع المحطات.

ويضيف: “يمكن للسكان من خلال هذا التطبيق، أن يعرفوا الكمية المخصّصة لهم، والكمية الممنوحة لهم، بالإضافة إلى معرفته بتاريخ التوزيع، ولاحظنا الفرق من خلال بعض المحطات التي بدأت بالتوزيع الإلكتروني للمحروقات”.

والاثنين، أعلنت الإدارة العامة للمحروقات، في شمال شرقي سوريا، إطلاق تطبيق “وصل”؛ لمتابعة مخصّصات السكان من المحروقات، والحفاظ عليها عبر متابعة سجل الاستلام، كما يُعطي التطبيق إشعارات فورية عن كميات ومراكز التوزيع.

وكسابقه وعلى دراجته النارية، يجوب أحمد محمود، (50 عاماً)، القُرى في منطقته ويمرّ بمحطاتها، منذ ساعات الصباح الأولى، بحثاً عن المازوت، لكن دون نتيجة.

بحنق يُعدّد “محمود” المحطات التي سألها لتعبئة حاجته، “قبل قليل أفرغ أحد الصهاريج حمولته في إحدى المحطات التي مررت بها، قالوا إنها مخصّصات للتدفئة وليست للسيارات”.

ويتساءل عن الطوابير الطويلة على المحطات، “أين تذهب الكميات إذا كان كل هؤلاء لم يحصلوا على مخصّصاتهم، من أين هم؟ أليسوا من سكان المنطقة؟”.

ويؤكد “محمود”، لنورث برس، أنه شاهد بعينه كيف “تتلاعب” المحطات بالكميات المتوفرة لديها، “في كل مرة يوزعون لما لا يزيد عن 30 سيارة، ثم يقولون إن الكمية نفذت”.

إعداد: سامر عثمان – تحرير: زانا العلي