أزمة مواصلات مستمرة في ريف اللاذقية دون حلول جذرية وسكانها خارج حسابات الحكومة

اللاذقية – عليسة أحمد – NPA
تتفاقم الضغوط المفروضة على قطاع النقل والمواصلات في ريف اللاذقية، حيث تشهد المحافظة أزمة خانقة منذ سنوات، ولم تجد الحل الشافي إلى الآن، رغم الوعود الكثيرة والاجراءات التي لم تجدي نفعاً، وبقي المواطن المقيم في ريف اللاذقية، خارج الحسابات لتستمر معاناته، خاصة الطلاب والموظفون الواقفون في طوابير الانتظار.
حل غير مجدي
وتكمن المشكلة في قلة عدد الباصات والسيارات العمومية "السرافيس" العاملة على كل الخطوط، وفي مدى التزام سائقيها بالعمل وبتقاضي الأجرة المحددة، فيما حاولت شركة النقل الداخلي حل المشكلة بإدخال /15/ حافلة نقل داخلي إلى الخدمة، الأمر الذي خفف أزمة النقل داخل طوق المدينة.
في حين اقتصر الحل على المدينة دون الريف، الأمر الذي بقي يشكل كابوساً لأهالي الريف بسبب الانتظار في الكراجات لمدة طويلة.
هذا الكابوس عاد على المنتظرين بإرهاق بدني واستنزاف مالي، كونهم يضطرون للبحث عن وسيلة بديلة توصلهم إلى منازلهم، فيقعون ضحية جشع بعض أصحاب سيارات الأجرة الخاصة، الذين يستغلون الأزمة لتحقيق مكاسب سريعة، فينتشرون بكثرة داخل الكراج.
تلاعب السائقين
ويشتكي روّاد "السرافيس" العاملة على الخطوط الريفية, من عدم التزام السائقين بخط سيرهم، بل يغيرون إلى الخط الأقرب أو الأكثر ركاباً، مما يسبب مشقة للمواطنين الساكنين في قرى بعيدة.
كما يتقاضى السائقون أجورهم على هواهم في بعض المرات، ولا سيما في ذروة الازدحام، في الوقت الذي يكون فيه المواطن مضطراً للقبول كي يصل إلى منزله بعد يوم عمل أو دراسة، مما يعرّض الكثيرين لابتزاز أصحاب المركبات.
أزمة متواصلة
رغم المراقبة المستمرة وتنظيم الضبوط بحق أصحاب "السرافيس" المتسربة من خطوطها، أو الذين يتقاضون أجرة زائدة عن التسعيرة، ووضع دوريات ضمن الكراج لضبط حركتها ، إلا أن الأزمة بقيت مستمرة.
ويعلّل مهتمون أسباب الأزمة، بعزوف الكثير من السائقين عن القدوم إلى الكراج لتعاقدهم مع المعامل، وسابقاً مع المدارس والروضات، أو أنّهم يلتزمون بضعة أيام ثم يعودون إلى سابق عهدهم بالمخالفة.
من جهة اخرى قامت شركة النقل الداخلي بتسيّير بعض باصاتها إلى المناطق السياحية لتخفيف ضغط موسم السياحة في أرياف المحافظة، ما أسعف المواطنين القاطنين في تلك المناطق بتلك الفترة.
ماراثون الانتظار
يقول أحمد ياسين إنّ "وصول مركبة تنقلك إلى منزلك بعد يوم عمل شاق وطويل، هو أقصى طموح للموظف الذي يختم نهار عمله بماراثون الانتظار، الذي قد ينتظرها في بعض الأحيان لمدة تتجاوز الساعة".
ويضيف أحمد أنّه في تلك الحالة "إما أن ترضخ لمطالب سيارات الأجرة أو أن تبقى قابعاً تنتظر دخول السرفيس إلى حرم الكراج لتبدأ ماراثوناً جديداً هو التدافع للوصول إلى باب المركبة والمحظوظ من يقتنص مقعداً قبل غيره".
كذلك يشتكي أحمد كغيره من الموظفين من المدة الطويلة التي يقضيها بعد العودة من عمله مع تفكيره في الانتقال للسكن في المدينة لكن غلاء الآجار يمنعه، ويعتبر أنّ الحل يكمن في تخديم مواصلات الريف بشكل جيد.
بينما برّر غسان، وهو سائق سيارة عمومية أنّ الأجرة لم تعد تكفي وتسد الحاجيات و"إذا لم نعمل بالطلبات لن نستطيع إطعام أُسرنا لذلك أكتفي بالعمل فقط في أوقات الذروة".
وفضّلَ غسان الجلوس في المنزل للعمل بالعقود والطلبات الخاصة على أن ينتظر تحت لهيب شمس الكراج الحارقة.
"سرفيس خصوصي مشترك"
أما الطالبة ريم تقول إنها وبسبب دراستها كانت تضطر للعودة إلى منزلها بعد الرابعة عصراً، في فترة العام الدراسي، حيث لا تجد وسيلة نقل توصلها إلى قريتها غير المخدّمة بالمواصلات بشكل جيد، والواقعة على اوتستراد الريف الشمالي المؤدي إلى كسب.
وتروي ريم كيفية معالجتها لمشكلة ضعف المواصلات، إذ كانت تستقل سيارة أجرة خصوصية، مع بعض الموجودين، ويتقاسمون الأجرة بينهم، وتعتبر أنّه كان حلاً جيداً لكنه "مكلف بعض الشيء لأنها معاناة شبه يومية".
وتأمل ريم مع غيرها من قاطني ريف اللاذقية، بحل مشكلة المواصلات الريفية، قبل افتتاح الجامعات، خاصة أنّ الفترة مقبلة على موسم الشتاء الذي تبلغ فيه أزمة مواصلات الريف ذروتها.
في حين تبقى مشكلة المواصلات إحدى أهم وأكبر عوائق تنمية الريف في اللاذقية، والذي يعتبر مركز استقطاب كبير للسكن، ويشكل حلاً ممتازاً, وفق السكان, لمشكلة غلاء السكن وإيجاراته في المدينة، والتخفيف من الضغط عليها وازدحامها، فيما لو توفرت خدمة المواصلات.