الفقر والنزوح يمنعان سكان شمالي غربي سوريا من تأمين المؤونة السنوية لهم
إدلب – جواد العبادة – NPA
تعاني العائلة السورية من تكاليف مادية باهظة نتيجة تأمين المؤونة لفصل الشتاء، والذي يبدأ في شهر آب/أغسطس، ويستمر لبدايات شهر أيلول/سبتمبر من كل عام، حيث تلتهي ربات المنزل بأعمال التخمير والتجفيف والسلق والتخزين كطقس سنوي في كل عائلة سورية.
طقس سنوي
يعتبر هذا الطقس من التراث الشعبي القديم لدى أقوام الشرق الأوسط، وهو طقس هام وضروري متعلق بالجانب الاقتصادي لمعيشة الأسرة، تضع فيه ربات المنازل كل طاقاتهنّ لوضع كافة الأنواع من الخضراوات والألبان لتخميرها وتكديسها لفصل الشتاء.
ويعود مردُّ ذلك إلى أن الخضار تكون رخيصة الثمن لأنها تثمر في موسمها، على عكس فصل الشتاء الذي تكون فيه الأسعار مرتفعة لعدم توافر الخضار بكثرة، أو تكون من إنتاج البيوت البلاستيكية التي لا تحمل اللذة والخصائص الطازجة للخضراوات، مثل الإنتاج في المواسم الطبيعية.
كما تستفيد العائلة من ذلك، من خلال توفير الأموال، والاستعاضة عن عدم توفرها في فصل الشتاء لا سيما في الأرياف، والتي تنقطع بقاطنيها السبل والطرقات في بعض الأحيان نتيجة سوء الطقس.
وتتضمن مواد المؤونة المربيات بكافة أنواعها، وتجفيف الخضراوات والفاكهة، والألبان والأجبان والمواد المخللة والمكدوس ورب البندورة ودبس الرمان والعنب والفلفل.
غيابه هذا العام
خلال الحرب السورية وما تعرض له المدنيون في مناطق إدلب وحماة وحلب واللاذقية، في هذا العام، من نزوح متكرر نتيجة التصعيدات الأخيرة منذ بداية 2019 إلى الآن، لم يتح لأغلب العائلات تأمين المؤونة، إلى جانب معاناتهم المعيشية بسبب الضائقة المادية وتراجع الواقع الاقتصادي للمنطقة.
وتركت أغلب العائلات أراضيها ولم تتمكن من جني المحصول، ما سبب عدم تخزين المؤونة لهذا العام لها، علماً ان أغلب سكان القرى النازحين يعملون بالزراعة، وأغلب المواد تكون متوفرة لديهم من بيئتهم، بحيث لا يشترون إلا القليل.
تقول أم حيان، وهي نازحة من سهل الغاب ومقيمة في مخيم الصفصافة بريف إدلب الشمالي لـ"نورث برس"، بأنها "مريضة قلب وأم لأربعة أولاد، ووضعها المادي سيء تعتمد على أهلها في تأمين جزء من مؤونتها."
يما يوجد الكثير من العائلات في المخيم لم تستطيع وضع المؤونة، ولا تستطيع تحمّل تكلفتها، ولا حتى الألبان أو الأجبان أو الباذنجان الذي يعتبر من أحد أهم أصناف المؤونة الأساسية للبيت.
شتاء بلا مؤونة
فيما تقول أم علاء، وهي نازحة من قرية حميمات جنوبي إدلب إلى المخيم "فقد زوجي حياته في المعارك وعندي 6 أولاد، اعتمد على عمل بناتي لإدارة معيشتنا، وهو غالباً غير متوفر، فإذا توفر العمل اشتغلن وإذا لم يتوفر يقعدن بلا عمل، وأنا خائفة من الشتوية، فأنا لم أموّن شيء ويبدو أن هذا الشتاء قارس."
والمؤونة وطرق التموين المختلفة، تقليد متوارث عبر الأجيال، تختلف كمية تخزين المواد الغذائية الموسمية حسب حاجة العائلة ودخلها الاقتصادي.
إلا أن ارتفاع أسعار المواد الرئيسية هذا العام دفع بالكثير من العائلات إلى الانتظار ريثما تنخفض أسعار المواد الغذائية، ونظراً لظروفهم المعيشية الصعبة بعد النزوح والتهجير وترك مواسمهم الزراعية واحتراق بعضها لم تموّن أغلب العائلات، ما يزيد من مأساوية الظروف القادمة في ظل تناقص حاد في دعم المنظمات والمؤسسات الإغاثية الإقليمية والدولية والمحلية وبخاصة للسكان النازحين الذين باتوا في مرحلة فقر مدقع ينخر أيامهم.