الحرب السورية تتسبب في تراجع نسبة الزواج وازدياد حالات الطلاق

السويداء- جبران معروف – NPA 
أثرت السنوات الأخيرة من الأحداث الداخلية في سوريا، على الأُسرة التي تعتبر الحلقة الأولى ضمن أي مجتمع، وكان للسويداء الواقعة جنوبي سوريا نصيب من هذا التأثير الذي يعتبره البعض سلبياً.
التأثير هذا كان على تراجع عدد أفراد الأسرة، عما كان عليه قبل عقد من الزمن، حيث تكتفي معظم العائلات بطفلين أو أقل، في وقت يرتفع فيه سن الزواج، مع انخفاض حالات الزواج، مقابل ارتفاع عدد حالات الطلاق.
(مثنى.ع) – طلب عدم الكشف عن اسم عائلته – تحدث لـ"نورث برس" قائلاً: "تزوجت قبل أربع سنوات، وإلى اليوم لم أجرؤ على اتخاذ قرار إنجاب طفل، بالرغم من الضغوط الاجتماعية إن كانت من قِبل عائلتي أو عائلة زوجتي."
وأضاف "الطفل اليوم مسؤولية كبيرة، فعلى الأقل يحتاج إلى /50/ ألف ليرة سورية، أي أكثر من راتب موظف، هذا لم نتحدث عن تكاليف رعاية الأم أثناء الحمل، وتكاليف الولادة وما بعدها، فسرير الطفل لوحده تبلغ تكلفته /45/ ألف ليرة، وعربة الطفل بـ /75/ ألف ليرة، إنه يحتاج إلى ثروة."
فيما قالت فدوى مهنا، وهي سيدة، متزوجة منذ عام 2012، في حديثها لـ "نورث برس"، منذ عامين قررنا أن ننجب طفلاً، تحت ضغط العائلة، فزوجي كان على أبواب الأربعينيات من العمر، وأنا قد تجاوز  عمري الثلاثين، وكان بالنسبة لنا الأمر تحدّياً كبيراً، وإلى اليوم أشعر أنه أمر مرهق ماديا واجتماعيا."
وأضافت "أنا أعمل مدّرسة، وزوجي محاسب، ولديه عمل ثاني، وأنا أعطي دروس خصوصية في فترة بعد الظهيرة، ومن اليوم غالباً ما نفكر كيف يمكن أن نؤمن له مستقبلاً جيداً."
وأردفت: "الطفل اليوم، ليس كما كان الطفل على أيام أبي وأمي، اليوم منذ أن يبلغ من العمر أربع سنوات، يحتاج إلى الدخول إلى روضة، ويجب أن تبدأ تعليمه الموسيقا وغيرها من الأنشطة التي تعمل على تنمية إمكاناته، مثل اللغات والرياضة، حتى مستوى التقنيات التي يجب أن يمتلها الطفل اختلفت".
ولفتت إلى أنها "تفكر بفتح حساب بنكي له منذ اليوم، لتدخر له مبلغاً مالياً قد يساعده على السفر ليكمل دراسته، أو أن يساعده في تأمين مستقبله بشكل ما"
في المقابل قال أبو يزن نجار (67 عاماً)، ومتقاعد، لـ"نورث برس"، بأن مفاهيم الزواج والنظرة له وللعائلة اختلفت ففي أيامنا كان الشاب يبدأ بالبحث عن زوجته بمجرد أن ينهي الخدمة العسكرية، فغالبا يتزوج قبل أن يبلغ الثلاثين من العمر، في حين تتزوج الفتاة قبل أن تبلغ العشرين من عمرها".
"اليوم يختلف الأمر، فأصبحت الفتاة لا تفكر بالزواج قبل أن تنهي دراستها الجامعية، أي بعد أن تبلغ الـ 25 عاما، ومن الطبيعي أن تجد فتاة في الثلاثين من عمرها لم تتزوج بعد، أما الشاب فغالبا ما يكون تجاوز الثلاثين بسنوات ولم يفكر بالزواج"، بحسب نجار.
وأضاف "بالطبع الوعي أثر على سن الزواج، لكن أيضا الوضع الاقتصادي ومتطلبات الحياة زادت من الأعباء التي يتحملها الشاب، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي".
وتابع إن "حفل الزواج البسيط الذي كان يكلف قبل عقد من اليوم /150/ ألف ليرة، اليوم يحتاج إلى عشرة أضعاف، وحتى الحصول على شقة سكنية أصبح ضرباً من الخيال، فالشقة التي كانت بمليون ليرة، اليوم بعشرين مليون، وراتب الموظف /50/ ألف ليرة، إذا كان في احدى مؤسسات القطاع العام".
ويبلغ عدد الأُسر على مستوى المحافظة، والتي ليس لديها أولاد /20.800/ أسرة، فيما بلغ عدد الأُسر التي لديها ولد واحد /23.750/ أُسرة، أما الأسر التي لديها ولدان فبلغ عددها /34.500/ أُسرة، وفقاً لمرصد إحصائي محلي.
فيما نشر المرصد الحضري (جهة توثيقية محلية) في محافظة السويداء، عبر تقرير رسمي له الأسبوع الفائت، بأن الأُسر التي لديها ولدان أو أقل تشكل نحو /65%/ من مجموع الأُسر بالمحافظة.
ووفقاً للتقرير أن الأُسر التي لديها ثلاثة أولاد أو أكثر تشكل /35%/ من مجموع الأُسر.
وأضاف التقرير، أن عدد الأُسر التي لديها ثلاثة أولاد /25,300/ أُسرة، وعدد الأُسر التي لديها أربعة أولاد /10,350/ أُسرة، فيما بلغ عدد الأُسر التي لديها خمسة أولاد فأكثر نحو /6,000/ أُسرة، وتم إعادة ذلك الانخفاض في أعداد الأُسرة، جراء انخفاض عدد الولادات أو انعدامها، والذي يعود إلى سببين أحدهما متعلق بعامل الوعي لدى الأهالي، والثاني هو الوضع الاقتصادي. 
كما سجل التقرير انخفاض في حالات الزواج من /2,700/ حالة عام 2011، إلى /1967/ حالة زواج عام 2018، في وقت ارتفعت حالات الطلاق من /400/ حالة عام 2011، إلى /800/ حالة تقريبا في عام 2018.
ووفق التقرير فإن ارتفاع حالات الولادات في المحافظة قفز من /6.701/ حالة في عام 2011 إلى /9.629/ حالة في عام 2018.
فيما ارتفعت الوفيات كذلك خلال الفترة نفسها من /2.211/ حالة إلى /3.838/ حالة، الأمر الذي انعكس على معدل النمو السكاني الذي انخفض من /0,0148/ في عام 2011 إلى /0,0128/ في عام 2018.
يشار إلى أن التقرير يعطي مؤشرات على ارتفاع نسبة العزوف عن الزواج، والهجرة الداخلية والخارجية، وقلة اليد العاملة في القطاع الزراعي والمهني، وارتفاع نسبة الإعالة، إضافة زيادة عدد كبار السن على حسب الشباب.