دعوات مصرية لمراجعة شاملة لأوضاع اللاجئين السوريين
القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
تصاعدت خلال الفترة الأخيرة لهجة العداء ضد اللاجئين السوريين في مصر، عبّر عن ذلك عديد من الحملات شبه اليومية التي يتم إطلاقها عبر ردهات مواقع التواصل الاجتماعي وتحمل تعليقات ودعوات مناوئة للوجود السوري، من بينها حملات (من أجل مصر ترحيل اللاجئين السوريين)، و(مصر للمصريين)، و(توطين اللاجئين خطيئة).. إلخ
وعادة ما كانت تثار من آن لآخر مشكلة مرتبطة بالوجود السوري في مصر، عادة ما كان يتم تضخيمها حتى تندثر وتمر بسلام دون أثر، وتغلب عليها العلاقات الأخوية بين الجانبين المصري والسوري، لكن في الأشهر الأخيرة تواصلت تلك الحملات بصورة شبه يومية، وشهدت مواقع التواصل سجالات حادة ومستمرة حول وضع السوريين.
شهدت تلك الحملات دعوات لإجراء مراجعة شاملة للاجئين السوريين، يدّعي أصحابها أن "ثمة العديد من اللاجئين السوريين تربطهم علاقات بتنظيمات (إرهابية) خارج مصر، ولديهم علاقات واسعة من تنظيم الإخوان المسلمين الذي تصنفه السلطات المصرية تنظيماً إرهابياً، وبالتالي من الضروري إجراء مراجعة لوضع اللاجئين السوريين، وترحيل من تثبت علاقته بأي تنظيم أو فصيل متطرف".
وفيما لم يؤكد ما إن كانت السلطات المعنيّة بصدد اتخاذ مثل تلك الخطوة من عدمه، وهي الخطوة التي يُروج لها بقوة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن شخصيات محسوبة على النظام المصري القائم أو قريبة الصلة منه، شدد مصدر أمني – رفض ذكر اسمه – في تصريح لـ "نورث برس" من القاهرة، على أنه "تم رصد بعض السوريين ممن لديهم علاقة بتنظيم الإخوان وجماعات (إرهابية) وفصائل أخرى في فترات سابقة.. هذا لا يعني أن كل السوريين المتواجدين في مصر يحملون أجندات أو داعمين وموالين لفصائل أو جماعات.. هناك مئات الآلاف من السوريين ما إن تم حساب من دخلوا مصر بطريقة غير شرعية خاصة إبان حكم تنظيم الإخوان الذي سهَّلَ دخولهم وفتح لهم الحدود، من بينهم من لديه علاقات بالتنظيم وينفذ أجندات تركيّة قطرية (تتهم السلطات المصرية تركيا وقطر بإيواء ودعم الإرهاب)".
وتابع: "أمام هذه المعطيات، تنطلق دعوات ترحيل السوريين وإجراء مراجعة شاملة لوضعهم، لاسيما أولئك الذين دخلوا بطريقة غير شرعية قبل يونيو 2013.. الأجهزة الأمنية وحدها قادرة على تنفيذ ذلك، وفرز السوريين الذين هم غير متورطين في دعم الإخوان من الذين تربطهم علاقات بالتنظيم ويمولونه من خلال أنشطتهم التجارية في مصر".
الكرة التي يلقيها الكثير من مطلقي تلك الحملات في ملعب الأجهزة الأمنية لإجراء مراجعة شاملة لوضع اللاجئين السوريين، أُلقيت أيضاً بملعب القضاء المصري، الذي ينظر في الدعوى رقم /49720/ لسنة /73/ قضائية، والتي تطالب بـ "إلزام السلطات بإصدار قرار فوري بإبعاد وترحيل السوريين المقيمين في مصر ممن يثبت دخوله للبلاد بطريقة غير شرعية أو ممن يعد منهم مهددًا للأمن القومي والاقتصادي المصري، وكذلك السوريين المخالفين لشروط الإقامة في مصر ومن يثبت انتماؤه منهم لجماعة الإخوان أو أي من التنظيمات الإرهابية والمتطرفة". وقد أرجأت محكمة القضاء الإداري تلك الدعوى للنظر فيها بجلسة 19 تشرين الأول /أكتوبر المقبل.
وجاء ضمن نص الدعوى أن "نزوح السوريين لمصر زاد بعد وصول المعزول محمد مرسي لرئاسة البلاد، حيث دخل الكثير من السوريين ممن ينتمون لجماعة الإخوان في سوريا للأراضي المصرية بتسهيلات قدمتها لهم الجماعة الإرهابية"، وأغلب هؤلاء يحملون "الفكر الإخواني الإرهابي" ووضح ذلك جليا من وجود الآلاف من السوريين في "اعتصامي رابعة والنهضة الإرهابيين، وحملهم للسلاح ضد مؤسسات الدولة"، وفق نص الدعوى القضائية.
واللافت في حملات التشويه التي يواجهها السوريون في مصر أنها تعتمد على اتهامات متضاربة، فالبعض يتهم سوريين في مصر بدعم وتمويل الإخوان من خلال عوائد المشروعات التي يدشنونها في مصر، والبعض الآخر يتهمهم بالعكس تماماً، بأنهم هم من يحصلون على أموال وتمويلات خارجية من الإخوان، وهو ما تحدث عنه الخبير بشؤون الجماعات الإسلامية مؤسس تنظيم الجهاد في مصر نبيل نعيم لـ "نورث برس"، والذي شدد على أن الاتهامات الموجهة إلى السوريين بشأن "ارتباطهم بعلاقات مع تنظيم الإخوان، هي اتهامات حقيقية.. فثمة الكثير من الأمور التي تؤكد ذلك، والتنظيم يقوم بدعم كثير من السوريين من المقيمين في مصر ويستخدمهم، وأنا أحد الشهود على ذلك الأمر من خلال أكثر من موقف جمعني وكثير من السوريين".
ويشير إلى أن "تنظيم الإخوان، بخاصة في القيادات الموجودة في تركيا، تدعم الكثير من السوريين الموجودين في مصر، والذين يدينون بالولاء للتنظيم الإخواني"، على حد قوله.
ويُفسّر مراقبون تلك الحالة التي تعيشها مصر فيما يتعلق بالموقف من السوريين، والتي تتلخص في إثارة الملف من آن لآخر، بأنها "بالونات اختبار" حال رغبت القاهرة في تشجيع العودة الآمنة للسوريين، وكذا رسائل تحاول أن تبعث بها مصر إلى الخارج، في ظل ما يواجه السوريون في دول أخرى من ضغوطات من بينها تركيا ولبنان على سبيل المثال.