الرقة.. قلة الإعانات الإغاثية تزيد من بؤس ذوي الدخل المحدود

الرقة – نورث برس

لم يستطع، عبد الرزاق، الحصول على فرصة عمل تُلائم عمره، وقدرته الجسدية؛ لتأمين ما يسدّ حاجة أفراد عائلته المتبقين في المنزل وهم طفلاه وزوجته.
عبد الرزاق الصالح، ( 60عاماً)، من سكان حي الفرات، بمدينة الرقة، شمالي سوريا، كان يعمل في وُرشِ البناء، في المدينة، قبل أن يُصاب بمرض “الديسك”، قبل سبعة أعوام.
فقدَ الرجل قدرته على العمل تدريجياً، ويضطّر لطلب المساعدة المالية من أولاده البالغين؛ الذين بالكاد يسدون احتياجات أسرهم.

يقول الرجل الستيني، إن الإعانات الإغاثية التي كان يحصل عليها كل شهر؛ تسدّ حاجته، لكن انقطاعها عن الحي منذ نحو عام، زاد من معاناة العائلة وعائلات أخرى في المدينة.

وزاد تأخُّر توزيع الإعانات الإغاثية، في الرقة، أو حتى انقطاعها نهائياً عن بعض الأحياء، من تردّي الوضع المعيشي لعائلات نازحة، وأخرى ذات دخل محدود، كانت تسدّ بعض احتياجاتها من خلال السِلال الإغاثية المُقدّمة من المنظّمات المحلية والدولية.
وتراجعت المساعدات التي كانت تقدمها المنظّمات الدولية والمحلية، منذ نحو عام، لتنقطع الإغاثات عن أحياء وتتأخّر عن أخرى لعدة أشهر، بعد أن كانت تُوزّع شهرياً، بحسب سكان.

400 ألف نازح

ويعيش في الرقة وريفها، نحو 400 ألف نازح، من مناطق سورية أخرى؛ قَدِموا للمدينة خلال السنوات الماضية، بحسب لجنة الشؤون الاجتماعية والعمل، في مجلس الرقة المدني.

ويقول جهاد حسن، الرئيس المشارك للجنة، إن انقطاع المساعدات عن أحياء في المدينة، وتأخُّرها عن أخرى؛ يعود لبرامج وخطط تتبعها اللجنة في توزيع الإعانات على السكان.
ويُشير، إلى أن أعداد النازحين في الرقة، تزيد من حجم المساعدات المطلوبة والتي تحتاجها الإدارة الذاتية، لضمان احتياجات العائلات.

وفي العشرين من حزيران/ يونيو، الماضي، أعلنت الإدارة الذاتية، انسحاب عدد من المنظّمات العاملة في الرقة، وخاصة تلك التي تعمل على دعم نازحي المخيّمات، بالتزامن مع التهديدات التركية؛ بشنّ عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا.
وتدفع قِلة المساعدات الإنسانية، الإدارة الذاتية؛ لاتّباع خطط لتقسيمها بين المناطق، والأحياء؛ التي تحتاج للإعانات الإغاثية، ويكثُر فيها النازحون، والعائلات التي تحتاج المساعدة، بحسب “حسن”.
ويحدث هذا، في ظلّ إغلاق معبر تل كوجر(اليعربية)، منذ أكثر من عامين، ما زاد من الضغط الإنساني على النازحين في المناطق التي تديرها الإدارة الذاتية.
ويتحدّث “حسن”، عن أن سِلال الإغاثة، تُقدَّم من برنامج الأغذية العالمية، التابع للأمم المتحدة؛ وفق خطة مُتّبعة في الرقة، منذ أربع سنوات، “ويجري العمل على مناقشتها لاستهداف أحياء جديدة وتقسيم المساعدات على أحياء المدينة”.

دخل غير كافي

وفي ذات الحي، الذي يسكنه “الصالح”، يشكو أحمد العلوش، (55 عاماً)، هو الآخر من سوء وضعه المعيشي وسط غلاء أسعار كافة المواد الغذائية والاستهلاكية.
ويُشير الرجل الخمسيني، وهو نازح من دير الزور، إلى أن ضعف مردوده من عمله؛ بالكاد يسدّ مصاريف عائلته.
ويعمل “العلوش”، في محل لتصليح السيارات بالرقة، ويتقاضى 40 ألف ليرة سورية أسبوعياً.
والأحد الماضي، وصل سعر صرف الدولار الأميركي، إلى 4650 ليرة سورية للمبيع، و4640 ليرة للشراء، في ارتفاع غير مسبوق، تمّ تسجيله في أسواق شمال شرقي سوريا.

ويتفاقم الوضع سوءاً؛ لدى العائلات التي لا تمتلك مصدر دخل ثابت، والتي يغيب عنها أفراد قادرون على العمل بشكل دائم.
ومنتصف آذار/ مارس، الفائت، قال عبد المجيد الساير، وهو عضو في مكتب التخطيط والتنمية والإحصاء، إن نحو 35,5% من مُعيلي الأُسر في الرقة وريفها؛ عاطلون عن العمل.

وأشار حينها، في حديث لنورث برس، إلى أن انتشار البطالة بين مُعيلي الأُسر من سكان ريف الرقة، يفوق انتشارها بين مُعيلي الأُسر من سكان المدينة.
وبلغت نسبة البطالة لدى مُعيلي الأُسر في ريف الرقة 39 بالمئة، بينما بلغت 32 بالمئة من مُعيلي الأُسر؛ من سكان أحياء المدينة، وفقاً لما ذكره “الساير”.
وأوائل تموز/يوليو، العام الماضي، نشر برنامج الأغذية العالمية، والذي يتبع للأمم المتحدة، تغريدة على “تويتر”، قال فيها إن العائلات السورية تلجأ للاستدانة لشراء الحاجات الأساسية، وتقليل كمية الطعام الذي يأكلونه، وشرائه بكميات أقل.

وأمام هذا الحال، يواجه “العلوش”؛ تحدّيات في تأمين احتياجات عائلته، وخاصة أن عمله غير ثابت، “الأعباء المعيشية تزداد ولا مساعدات”.

إعداد: عمار عبد اللطيف – تحرير: زانا العلي