العراق ما بين تشكيل حكومة ومرحلة انتقالية يعقبها انتخابات جديدة
دمشق- نورث برس
توتّرٌ في حقبة هدوء، يُلقي بظلاله على المشهد السياسي في العراق، رغم تراجع شدّة مواقف التيّار الصدري، حيث يُحذّر مراقبون من أن يتجدّد الصراع عبر استفزازه مُجدّداً، لاسيما بعد تصريح جديد مُثير للجدل، لزعيم دولة القانون، نوري المالكي؛ الذي رفض إجراء انتخابات جديدة.
وأمس الأحد، قال المالكي، في بيان، إن “حكم القضاء”؛ في إشارة إلى قرار المحكمة الاتحادية، الأسبوع الفائت، بعدم جواز حلّ البرلمان يعني “لا انتخابات مُبكّرة إلا بعد استئناف مجلس النوّاب لعقد جلساته وتشكيل حكومة جديدة مكتملة الصلاحية”.
ويقول الباحث السياسي العراقي، علي البيدر، في حديث لنورث برس، إن مرحلة الهدوء هذه “قد تتفتت بعد أيام من الحوارات الجادّة، في حال انطلقت تحرّكات صدرية مضادّة؛ بالتوازي مع عزم الإطار التنسيقي على تشكيل حكومة”.
وهذا ما قد يؤدي إلى تصعيد، أو مواجهات، في حال جرى “استفزاز” للصدر؛ وخاصة بعد أن شعر الأخير أنه “وحيد داخل المشهد السياسي”، وفقاً “للبيدر”.
وأشار المالكي، في تصريحه الأخير، إلى أن موقف القِوى السياسية، يدعم قرار القضاء، وأعلنت “رفضها لحلّ البرلمان والانتخابات المُبكّرة المقترحة”.
لكن الردّ جاء سريعاً من حليفه في الإطار التنسيقي، زعيم ائتلاف النصر، حيدر العبادي، الذي قال إن “أي مسار يقوم على كسر الإرادة؛ سيكون وبالاً على الشعب والدولة”.
ودعا العبادي؛ لاتفاق سياسي يُفضي لاعتبار “المرحلة الراهنة انتقالية، تبدأ بتشكيل حكومة وتنتهي بحلّ البرلمان وإجراءات انتخابات مبكرة.”
لقاءات
في غضون ذلك، شهدت أربيل، اجتماعاً بين زعماء قِوى سنية؛ مع الحزب الكردي الحاكم في إقليم كردستان، حيث التقى رئيس مجلس النوّاب، محمد الحلبوسي، برفقة رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، رئيسَ الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني.
وبحث الجانبان الوضع السياسي في العراق، مُشدّدان على ضرورة اعتماد لغة الحوار البنَّاء؛ لتجاوز الخلافات وعلى أهمية إجراء انتخابات مُبكِّرة.
واللقاء بين القِوى السنية، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وهما حليفان للصدر المُعتزل سياسياً في إطار “التحالف الثلاثي”، قد يكون له أهداف لتبيان موقفهما من العملية السياسية المُقبلة، حيث أكّدا على استمرار التواصُل والتنسيق المشترك، وتبنّي مواقف مشتركة، بحسب بيان؛ للحلبوسي.
وبالتزامن، تحدّثت تقارير صحفية، عن زيارة مرتقبة سيجريها كل من رئيس إقليم كردستان، نيجيرفان بارزاني، ورئيس تحالف الفتح، هادي العامري، ورئيس البرلمان، محمد الحلبوسي؛ إلى مقر زعيم تيّار الصدر؛ بهدف الاجتماع معه.
وتستبق هذه الزيارة المتوقّعة؛ استعدادات مجلس النوّاب؛ لعقد جلسة منتصف الأسبوع المُقبل، بعد انتهاء مراسيم زيارة الأربعين.
وغالباً، سيخلو جدول أعمال المجلس من أي فقرة تتعلّق بتشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس الجمهورية، باعتبار أن ذلك يحتاج إلى اتفاق سياسي مُسبق.
مرحلة هدوء
وتأتي هذه اللقاءات، وتصريح المالكي، وعقبه العبادي، بعد أن تراجع التيّار الصدري مبدئياً عن موقفه، ومعه آلاف المتظاهرين؛ الذين اقتحموا خلال شهر آب/ أغسطس، الفائت، مبنى البرلمان، ومؤسسات دولة أخرى في المنطقة الخضراء وسط العاصمة.
وبينما قال المالكي، إنه “لا داعي بعد الآن الحديث عن حلّ البرلمان وانتخابات جديدة”، دعا إلى تكريس الكلام، والجهود، والمقترحات؛ على كيفية تفعيل البرلمان، وكيفية الإسراع في تشكيل حكومة ائتلافية.
وهذه الرؤية، لطالما رفضها الصدر خلال الفترة الفائتة؛ والتي شهدت محاولات تشكيل حكومة باءت بالفشل بسبب الخلاف على شكله.
ولازال التيّار الصدري؛ الذي استقال زعيمه؛ مُقتدى الصدر، عن العمل السياسي نحو أسبوعين، يُطالب بحلّ البرلمان وإجراء انتخابات جديدة.
وخلال فترة مُضي قُرابة 11 شهر؛ على الانتخابات المُبكِّرة دون تحقيق نتيجة، تركّز الصراع على شكل الحكومة بين الفريقين الشّيعيين، التيّار الصدري الذي عزم تشكيل حكومة غالبية، والإطار التنسيقي الذي لم يرد إقصاؤه وطالب بحكومة توافقية.
مشهد ضبابي
يقول المحلّل السياسي، علي البيدر، إن جميع المُعطيات تُشير؛ إلى أن “المواقف لازالت مُتشنّجة”، حيث لا توجد مرحلة استقرار داخل المنظومة السياسية رغم أن البلاد تمر بهُدنة “هشّة”.
وأضاف: “لا بد أن تعمل الأطراف السياسية على تجنُّب استفزاز التيّار الصدري، كي لا تدخل البلاد في أزمة جديدة”.
والأفضل بحسب المحلل، هو “العمل بدقة و دبلوماسية، عبر الابتعاد عن سياسة لي الأذرع، وعدم فرض الإرادات، وذلك باتّخاذ مواقف مُقربة من جميع الفرقاء، دون الانحياز لطرف على حساب آخر”.