مئات حوادث سير شهرياً في الجزيرة السورية وإجراءات “لا تنفع”

القامشلي – نورث برس

في قرية هيمو، القريبة من مدينة القامشلي، كُبرى مدن الجزيرة السورية، تلتزم خبات، الفراش منذ ثلاثة أشهر، بسبب كسور في قدمها؛ بعدما انقلبت السيارة التي كانت تقلُّها إلى منزل ذويها، على طريق القامشلي – الحسكة.

وتسبّب الحادث الذي تعرّضت له؛ خبات بطال، (22 عاماً)، بفقدان السائق لحياته، وإصابة زوجها بكدمات في أنحاء جسده.

وتستذكر تلك اللحظات، “توجّهت سيارة بشكلٍ مُسرع نحونا؛ بعدما انفجر أحد إطاراتها على الطريق، لم يبقَ مجال أمام السائق سوى الخروج عن الطريق”.

وتُضيف بحزن: “بقيت أربع ساعات في غرفة العمليات، كُسرت عظام قدمي ووضعوا أسياخاً مكانها”.

وتشهد منطقة الجزيرة السورية، في الآونة الأخيرة، تزايداً ملحوظاً في أعداد حوادث السير، الأمر الذي بات يُقلق السكان من تفاقم هذه الظاهرة، ولا سيما وسط التضخُّم الكبير بأعداد السيارات ضمن المنطقة.

وقبل أسبوع، توفي شخص، وأُصيب أربعة آخرون، بحادث سير على طريق M4، بالقرب من القامشلي.

وتؤدي “خبات”، بعضاً من الأعمال المنزلية؛ على قدمٍ واحدة، مُتكئة على عكازات حديدية، على الرغم من أن الطبيب اشترط عليها ملازمة الفراش لثلاثة أشهر أخرى.

وتحذّر من القيادة الرعناء، “على الجميع الانتباه، القيادة بسرعات قُصوى يؤدي إلى الهلاك”.

حوادث بالمئات

لكن ورغم التحذيرات، يُشاهد في القامشلي؛ كما جميع مدن الجزيرة السورية، شُباّناً وأطفالاً يقودون الدراجات النارية بحركات بهلوانية متهوّرة، كالقيادة على عجلة واحدة وزيادة السرعة.

وفي مرآب يتبع لإدارة المرور، في القامشلي، تتكدّس مئات المركبات؛ أغلبها من الفئات الحديثة والدراجات النارية المتضرّرة؛ جرّاء الحوادث المرورية التي غالباً قد انتهت بمأساة لأصحابها.

ويقول أحد المسؤولين عن المرآب، إن مستودعهم بات أشبه بـ”مقبرة للسيارات”، إذ يستقبلون وسطياً وبشكلٍ يومي، خمس مركبات على الأقل؛ جرّاء حوادث السير.

وتبلغ الخسائر المادية الناجمة عن الحوادث وفق التقديرات، مئات الآلاف من الدولارات، ما عدا الأضرار الجسيمة التي تُخلّفها.

وتتحدّث إحصائيات قسم الضبط والتحقيق، بمرور إقليم الجزيرة، التابع للإدارة الذاتية، عن أن ما بين 200 إلى 300 حادث سير يقع شهرياً في إقليم الجزيرة.

وتُسبب تلك الحوادث؛ حالات وفاة تتراوح ما بين 8 – 12 حالة، بحسب عدنان الوجري، إداري في قسم الضبط والتحقيق، بمرور إقليم الجزيرة.

وتعود الأسباب بحسب “الوجري”، إلى “السرعة الزائدة، وقيادة المركبات تحت تأثير الكحول، والقيادة دون السنّ القانوني، وعدم فحص المركبة بشكل دوري، وعدم التقيّد بقوانين السير”.

وللحدّ من الحوادث، وضع القسم الإشارات الضوئية؛ ضمن المدن الكبيرة؛ كالقامشلي، والحسكة، ولكن غالباً لا يلتزم السائقون بها.

ويُشير إداري القسم، إلى أنهم كثّفوا الدوريات على الطُرق السريعة، ووضعوا الرّادار لضبط المركبات التي تقود بسرعات هائلة، ووضعوا المطبّات في الشوارع العامة.

ويُضيف: “نعمل على برنامج جديد للحدّ من هذه الحوادث، عبر رفع نسبة المخالفات مالياً؛ لردع المخالفين، وتجاوز المخالفات المرورية”.

غياب القوانين الرّادعة

لكن رغم جميع هذه الإجراءات، إلا أن نسبة الحوادث المرورية لم تتراجع، وهو ما يُثير استياء الرأي العام المحلي، وتوجيه انتقادات للجهات المعنية؛ بعدم وضع قوانين رادعة بشكل أكبر للحدّ منها.

وفي الثاني من الشهر الجاري، فقد ثلاثة أشخاص حياتهم، وأُصيب ثلاثة آخرون، في حادث بقرية العزاوي، جنوب مدينة الشدّادي، بريف الحسكة.

ولتسهيل حركة السّير ضمن القامشلي؛ التي تُعاني من ازدحامات مرورية، عملت إدارة المرور منذ نحو شهر، على تفعيل نظام الذهاب والإياب ضمن الأسواق وخصوصاً؛ حيي القوتلي، والوحدة، وسط المدينة، اللذان يشهدان اكتظاظاً لوجود العيادات الطبية والمحال التجارية والأسواق الشعبية.

وتنتشر على الشوارع الرئيسية ضمن المدينة، أعداد هائلة من عناصر المرور؛ في ظلّ ضيق مساحات الشوارع، وركن أصحاب السيارات مركباتهم على جانبي الطريق.

وفي قسم للمرور، وسط مدينة القامشلي، يسعى الشابّ جمعة عليكا، وهو سائق تسبّب بحادث سير قبل أيام ضمن المدينة، لإنهاء الإجراءات القانونية وإخراج سيارته من الحجز.

ولم يُنكر الشابّ العشريني، بأنه لا يلتزم بقوانين السّير وخاصة الوقوف على إشارات المرور.

ويُضيف: “المدينة تعجُّ بالسيارات، وهي خارجة عن قدرة احتواء الشوارع لهذا الكم الهائل، لذلك تخرج عملية ضبطها عن السيطرة”.

إعداد: دلسوز يوسف/ محمد الأومري- تحرير: سوزدار محمد