مزارعو أراضٍ ملاصقة للحدود في كوباني يخشون حراثة أراضيهم
كوباني – نورث برس
على بعد أمتار من الحدود السورية التركية، لا زالت أرض أحمد، على حالها بلا حراثة بعد حصاد محصول القمح، خلال الموسم الزراعي الفائت.
وينتاب، أحمد الحج سعيد، (60 عاماً)، القلق، بأن لا يتمكن من زراعة أرضه هذا الموسم بالمحاصيل الشتوية، بسبب ما تشهده المنطقة من تصعيد في الهجمات التركية مؤخراً.
وتلاصق مئات الدونمات من الأراضي الزراعية، الحدود السورية التركية في كوباني، ومن المقرّر البدء بحراثتها بعد أسابيع استعداداً لزراعتها.

لكن المخاوف من القصف، ورصاص الجندرمة التركية، بات هاجساً يُؤرِّق المزارعين، وخاصة مع تكرار الاستهداف للجرّارات الزراعية، والحصّادات، وعُمال السقاية.
وفي قريته كولتب، شرقي كوباني، يقول “الحج سعيد”، إن “أي شيء يقترب من الحدود، يطلقون النار عليه، منذ يومين أطلقوا النيران على الأغنام بسبب اقترابها من الحدود”.
ويُضيف، “لا أدري كيف سأحرث أرضي، لا نستطيع رعي أغنامنا بها, وهي لا تزال على وضعها بعد الحصاد”.
وبينما كان يسقي أرضه، في قرية كوران، شرقي كوباني، على الحدود، أطلقت الجندرمة التركية، الرصاص على إبراهيم محي الدين، (27عاماً)، في الرابع من الشهر الماضي، ليفقد حياته على إثرها.
تلك الحادثة تلاها قصف تركي مُكثّف، طال مُجمل القرى الحدودية، في ريفي كوباني الغربي والشرقي، في السادس من الشهر الماضي، ما أدى لوفاة الطفل، عبدو حجي، (14 عاماً)، وإصابة آخرين بينهم طفل وامرأة.
ويملك “الحج سعيد”، قرابة 25 هكتاراً ملاصقاً للحدود، زرع مساحة منها بالذرة، “ولكن لا أعلم إذا كنت سأتمكن من جني الموسم أم لا”.
ومنذ عدة أيام، تعرّضت قرية المزارع، للقصف من الجانب التركي، ما تسبب بحالة هلع بين السكان.
ويشاهد في كولتب، منازلاً متضرّرة بشكل جزئي، هجرها أصحابها بسبب القصف، فيما أُخرى، اخترق جدرانها الرصاص وشكل فيها فتحات.
ورغم المخاطر، يغامر مزارعون، بريف كوباني الشرقي، بسقاية محاصيلهم الصيفية على الحدود، وخاصة أنها تُعدُّ مصدر دخلهم الوحيد.
وفي ذات القرية، يُعبّر عمر خليل، (60 عاماً)، هو الآخر؛ عن مخاوفه من الذهاب إلى أرضه، “فهم مزاجيون يقصفون متى أرادوا ويتوقفون متى أرادوا”.
لكن “خليل”، الذي غزا الشيب شعره ولحيته، لا يجد خياراً آخر سوى المغامرة وحراثة أرضه، “لا يمكننا النزوح إلى أي مكان آخر، وليس لدينا خَيار؛ غير البقاء فأرزاقنا هنا”.
وتتحدث إحصائيات منظّمة حقوق الإنسان، في إقليم الفرات(كوباني وصرّين وأريافهما)، عن أن 33 شخصاً(رجال ونساء وأطفال وعسكريين)، فقدوا حياتهم منذ بداية العام الجاري، بسبب القصف التركي العشوائي.

وحين كان على بُعد 250 متراً، من الحدود يتجوّل في أرضه، أطلقت الجندرمة التركية؛ الرصاص على المزارع، محمد شيخو، (55 عاماً)، في قرية سفتك بريف كوباني، ما أدى إلى إصابته في كتفه، في أيلول/ سبتمبر، العام الماضي.
وعلى مقربة من الحدود السورية التركية، في قرية الجرن، شرقي كوباني، يتفقّد المزارع، فاضل حج درويش، (50 عاماً)، حقله المزروع بمختلف أصناف الخضروات الصيفية، إلا أن الشعور بالخوف يلازمه من استهدافٍ تركي.
يقول “درويش”، بينما كان ينهمك في سقاية محاصيله، إنه “لا يشعر بالاستقرار، ولا يمكننا القيام بأشغالنا وأعمالنا بسبب القصف المتكرر”.
ويستعد المزارع الخمسيني، لحراثة أرضه بعد أسبوعين، لتهيئتها للموسم الشتوي، ولكن “نتخوّف من الإقدام على ذلك، قد نستيقظ في أي صباح على قصف تركي”.