“زوان البلد”.. خطة عمل الحكومة السورية لبدائل الإنتاج
دمشق ـ نورث برس
كما بحث السكان عن بدائل للغاز والكهرباء، وانتشر “البابور واللدّات”، بدأت تظهر طروحات جديدة تُروِّج للعودة إلى الاعتماد على الأصناف المحلية أو ما يُعرف “بالبلدية”.
من تلك الطروحات في مناطق سيطرة الحكومة السورية، استخدام البذار البلدي لإنتاج أصناف من الخضار، وتشجيع العودة إلى تربية الحيوانات من السلالات المحلية، وذلك لأنها تستطيع التلاؤم مع الظروف الطبيعية وتغيُّرات المناخ من جهة، ولانخفاض تكاليف إنتاجها وتربيتها من ناحية أخرى.
ما يُحقّقه من عوائد
لا يُفضّل الكثير من المنتجين الزراعيين؛ العودة إلى الأصناف البلدية؛ لأن إنتاجيتها منخفضة كثيراً قياساً بإنتاج الأنواع الأخرى من البذار المستوردة.
ويرى المزارعون، أن الإقبال على مشروعٍ كهذا يحتاج إلى دعم حكومي، كشراء المنتجات بأسعار مُشجعة، ولكنهم لا يعتقدون أن هذا سيحصل كما لم يحصل في السابق.
فوارق كبيرة
يقول عدنان شيخو، (40 عاماً)، وهو مزارع من ريف دمشق، لنورث برس، إن إنتاج الدونم الواحد من البندورة البلدية، لم يكن يتجاوز ثلاثة أطنان، بينما أصبح يصل إلى 12 طناً بعد الاعتماد على إنتاج البذار من الأصناف الهجينة.
ويُشير، إلى أن هذا الأمر ينطبق على إنتاج جميع الأنواع الأخرى من قمح وشعير وبقوليات وغيرها.
ويُضيف، “شيخو”، أن “إنتاج الأنواع من البذار البلدية يتميّز بجودة أعلى ومذاق أطيب”.
لكن القصة، بحسب المزارع، هي أن تكاليف الإنتاج المرتفعة؛ تجعل المزارعون يبحثون عن الإنتاجية المرتفعة التي تعود بمردودٍ عالٍ يغطي ارتفاع تكاليف الإنتاج من محروقات وأسمدة ومبيدات وعمالة وغيرها.
ويرى “شيخو”، أن ظروف الزراعة الحالية والتكاليف المرتفعة؛ تجعل التفكير ببدائل للحصول على البذار الهجين “أمراً ضرورياً”، عملاً بالمثل: “زوان البلد ولا حنطة جلب”.
استغلال المنتجين
أضاف مصدر، في مركز البحوث العلمية الزراعية، لنورث برس، أن أصناف البذار الهجينة المستوردة تعطي إنتاجية أعلى، لكنه “لا يمكن الاستفادة من بذارها في الموسم التالي؛ لأنها تصبح عقيمة لا تنبت إذا زُرعت”.
وأشار المصدر، إلى أن “هذه المنهجية تتبعها الشركات المنتجة للبذار؛ لكي يشتري المنتجون بذار الخضار، كالباذنجان، والبندورة، والفليفلة، والكوسا وغيرها، كل عام”.
سلالات محلية
الحال ذاته، ينطبق على تربية الأبقار، فبعد التراجع الكبير في أعداد الثروة الحيوانية، عاد طرح جديد يُروِّج لمحاسن تربية السلالات المحلية (الشامي – العكشي أو الجولاني).
يقول مهندس زراعي في وحدة إرشادية بمحافظة اللاذقية، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لنورث برس، إن تراجع إنتاج الحليب ومشتقاته، واللحوم، وارتفاع أسعارها؛ دفع إلى التفكير بالعودة لتربية السلالات المحلية من الأبقار.
وبحسب إحصائيات وزارة الزراعة في الحكومة السورية، فقد تراجع عدد الأبقار في سوريا، من 101 مليون رأس في 2011، إلى نحو 700 ألف رأس في 2020، وذلك بعد صعوبة تأمين المُربين للأعلاف؛ نتيجة ارتفاع تكاليف استيرادها.
وأشارت معلومات وزارة الزراعة، إلى أن أعداد الأبقار الشامية تراجعت كثيراً، حيث تُشير بيانات الوزارة، إلى أن الأبقار الشامية مهدّدة بالانقراض؛ بعدما انخفضت أعدادها من 2800 رأس بقرة في 2011، إلى 2300 رأس في 2020.
وذلك بعد انتشار تربية الأبقار المستوردة نتيجة إنتاجيتها المرتفعة، إذ أن إنتاج الأبقار من السلالات المحلية لم يكن يتجاوز 4-5 كيلوغرام من الحليب، في حين يصل إنتاج البقرة المستوردة إلى أكثر من 20 كيلو غرام يومياً.
إنتاجيتها أقل
تقول فريدة علي، من ريف جبلة، وصاحبة حظيرة أبقار، إن ذويها كانوا يقتنون الأبقار البلدية ذات الإنتاجية المنخفضة، ولكن بالمقابل تكاليف تربيتها منخفضة أيضاً، إذ أن العائلة كانت تُؤمّن علف الأبقار من عوائد إنتاجهم الزراعي بأقل التكاليف.
وبيّنت أنها تعمل على تربية الأبقار، من النوعيات المستوردة منذ أكثر من عقد، من الزمن، ولكن بدأ عدد الأبقار يتناقص عندها بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وزيادة سعر كيلو العلف لأكثر من كيلو الحليب.
وقالت، إنها لا تمانع من العودة إلى تربية الأبقار المحلية، ولكن لا يمكن الاعتماد على إنتاجيتها كمصدر دخل، إذ أنها مخصّصة للاكتفاء الذاتي فقط.