“لا عودة لحضن النظام”.. نازحون في إدلب يرفضون التسوية مع الحكومة
إدلب – نورث برس
أمام خيمته ضمن تجمّع مخيمات الكرامة، بالقرب من بلدة أطمة الحدودية، شمالي إدلب، يجلس الأربعيني، سومر، يتابع على هاتفه تصريحات مسؤولين في الحكومة السورية؛ حول فتح مركز للتسوية والعودة إلى المناطق التي تسيطر عليها، في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي.
يضع هاتفه جانباً ويقول: “كيف يمكنني أن أصالح من قتل أطفالي ودمّر منزلي، وكان سبباً في تهجيري إلى المخيّمات؛ التي أُفضّل السكن فيها على مصالحة نظام الأسد”.
وقبل أيام، أعلنت الحكومة عبر بيان، عن فتح مركز تسوية في مدينة خان شيخون، جنوبي إدلب، “يشمل جميع أبناء المحافظة المتواجدين في مناطق سيطرة الإرهابيين في الشمال”.
وتشمل التسوية، المتواجدين أيضاً خارج سوريا وداخلها وتشمل العسكريين والمدنيين.
لكن سامر الإسماعيل، (47 عاماً)، من سكان بلدة دير الشرقي، بريف معرة النعمان، جنوبي إدلب، الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية، يرفض تلك التسوية التي يعبّر عنها، بأنها “عودة إلى حضن النظام السوري”.
ورغم أن بيان الحكومة، أكد على أن الإجراءات روتينية وبسيطة لتسوية أوضاع من يصل المركز، لكن “الإسماعيل”؛ الذي فقد ثلاثة أفراد من عائلته بغارة جوية استهدفت منزله، يشير إلى أنه لا يثق “بالنظام”.
“فمن يضمن لي في حال عودتي وعائلتي؛ إلى مناطق سيطرة النظام، ألّا يعتقلوني ويعتدوا على عائلتي؟”، هي تساؤلات النازح الذي لا يجد أحداً يضمن له ذلك.
“مخاوف من الاعتقال”
وتبدأ التسوية في مركز محافظة إدلب المؤقت، في خان شيخون، اعتباراً من اليوم الإثنين.
ويأتي إعلان الحكومة عن فتح مراكز لمن يرغب بالتسوية؛ بعد أيام من تصريحات وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، حول ضرورة إيجاد طريقة للمصالحة بين المعارضة السورية والحكومة.
تلك التصريحات؛ أثارت غضب الشارع في مناطق سيطرة المعارضة السورية، شمال غربي سوريا، وخرجت مظاهرات حاشدة شهدتها رفضاً لها.
وفي مدينة سرمدا، شمالي إدلب، يؤكد هشام دبّاس، (38 عاماً)، أنه لن يقبل بالتسوية حتى وإن اضطّر للخروج من سوريا، والبقاء خارجها طيلة حياته.
ويقول “دبّاس”، الذي ينحدر من خان شيخون، إن تركيا تقف وراء موضوع هذه التسوية، “ويبدو أنها ستجبر المعارضة على المصالحة مع النظام السوري”.
ولا يستبعد النازح الثلاثيني، جلوس المعارضة؛ ولا سيما في الخارج مع “النظام السوري” على طاولة واحدة، “وهذا ربما يولّد مخاوفاً لدى السكان ما يدفعهم للتسوية”.
ولمنع توقيفهم على الطرقات، ستُشكّل الحكومة لجنة من المجتمع المحلي والوجهاء، تكمن وظيفتها في “تسهيل وصول المطلوبين للمركز”.
ولكن “دبّاس”، هو الآخر يتوقع أن تقوم الأجهزة الأمنية الحكومية باعتقالهم بمجرد وصولهم إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، “فلا وجود لضمانات لحياتنا حال عودتنا”.
كما أن الظروف الاقتصادية المترديّة سبب آخر يمنع “دبّاس”، من العودة إلى مسقط رأسه، “فلا فرص عمل، وإن توفرت فأُجورها سيئة للغاية ومن المستحيل أن تُؤمّن قوت عائلة”.
مخاطر العودة
وبحسب البيان الحكومي؛ فإن العائلات الموجودة في مناطق الفصائل، تتم تسوية أوضاعها ودخولها لمناطقهم مع أغراضهم من أثاث وأغنام وسيارات مجاناً بدون رسوم؛ شرط عودة العائلة بالكامل.
وسيتم تسوية وضع العسكريين “الفارّين” من الخدمة، والمدنيين المُتخلّفين عنها، وإعطاؤهم مهلة شهر واحد للالتحاق بالخدمة مجدّداً.
ولا يتفق مؤيد عبد الرحمن، (32 عاماً)، اسم مستعار لناشط إعلامي من مدينة معرة النعمان، مع سابقه، بأن مراكز التسوية لها علاقة بتصريحات وزير الخارجية التركي.
ويقول، إن المصالحة التي تحدّث عنها الوزير التركي، هي “مصالحة أكبر وأشمل ولا تشمل الأفراد بشخصهم، بل تشمل مناطق وقرى”.
ويُشير، إلى أن تلك المراكز “ليست بالأمر الجديد، وهي موجودة منذ بداية الثورة، وقام النظام بإحداث وزارة باسم وزارة المصالحة الوطنية”.
ويعتقد، أن “من سيعود للقرى التي أعلن النظام عنها؛ هم من يسكنون في مناطقه أو يعملون في الأصل في صفوف قواته”.
ويقوم “النظام”؛ بإنشاء مراكز المصالحة في المدن والبلدات؛ “بعد أن يفرُغ من نهبها وتعفيشها، فلا يسلم منزل، ولا دار عبادة، ولا شارع، من السرقة”، بحسب قول الناشط.
ويتساءل، “لو سلّمنا جدلاً، أنه لن يكون عُرضة للاعتقال، فماذا عساه يفعل في قرية لا يتوفر فيها أدنى مقوّمات الحياة من كهرباء وماء واتصالات، ناهيك عن خطر خطورة الألغام والقنابل غير المتفجرة والمنازل الآيلة للسقوط؟”.