قائد عسكري يكشف لــ “نورث برس” تفاصيل مجزرة الشعيطات
الحسكة – جيندار عبدالقادر – NPA
مرت خلال الأيام الماضية الذكرى الخامسة للمجزرة التي ارتكبها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) ضد عشيرة الشعيطات، والتي تعد إحدى أكثر مجازر التنظيم وحشية في سوريا، وراح ضحيتها المئات من أبناء كبرى عشائر المنطقة في محافظة دير الزور شرقي سوريا.
وفي هذا السياق قال محمد جبر الشعيطي, القيادي في مجلس دير الزور العسكري، والقيادي السابق في المعارضة السورية المسلحة, لـ"نورث برس" إنه "بعد وصول تنظيم الدولة الإسلامية إلى مناطق دير الزور، وعقده صفقة مع جبهة النصرة، التي انسحبت نحو القلمون ودرعا، سيطر التنظيم على الشحيل (شرقي دير الزور على الضفة الشرقية لنهر الفرات) وجرت المفاوضات بينها وبين عشيرة الشعيطات".
وتنتسب عشيرة الشعيطات إلى قبيلة العكيدات المنتشرة في جميع أنحاء سوريا وشبه الجزيرة العربية وأحد أبرز وأٌقوى عشائرها.
الاتفاق مع التنظيم
وأردف الشعيطي أن من بنود الاتفاق أن يدخل التنظيم ويقيم مقار له دون أي اعتقالات ومداهمات تطال السكان وأبناء عشيرة الشعيطات، وبناءً عليه دخل التنظيم في التاسع من تموز/ يوليو عام /2014/ إلى بلدة الكشكية.
يصف القائد العسكري بدايات نشوب خرق في الاتفاق قائلا: "طيلة أيام رمضان من عام /2014/، كانت الأجواء هادئة ويشوبها الحذر من الطرفين". في حين كانت بعض مقار التنظيم تستهدف من جهات غير معروفة.
وأضاف "كان هناك الكثيرين من أبناء الشعيطات منتسبين إلى التنظيم، وفي اليوم الثاني من عيد الفطر، الذي صادف أوائل شهر آب/أغسطس، قام التنظيم بجلب قوة كبيرة من حقل العمر وداهم المنازل في بلدة الكشكية، وقُتل أحد أبناء العشيرة في هذه المداهمة".
الثورة ضد التنظيم
ويوضح الشعيطي أنه بعد أن خرق التنظيم بنود الاتفاق وقيامه بالمداهمات بالمداهمات, ثار الأهالي ضده، "بعدها ثارت البلدة عليهم وبالإضافة لأهالي بلدات أبو حمام وغرانيج والبعض من أهالي الجرذي وسويدان والشنان، وهاجم الأهالي مقر التنظيم في الكشكية، وتم قتل نحو /22/ من أمراء وعناصر التنظيم، وتقدم الأهالي نحو القرى الاخرى وسيطروا على مقرات التنظيم".
ويشير الشعيطي إلى أن أبناء العشيرة أصيبوا بخيبة أمل، لعدم انضمام المزيد من المناطق إليهم "العشيرة توقعت أن يثور أهالي القرى والبلدات في دير الزور على التنظيم، لكن لم يحصل ذلك".
وأضاف القائد العسكري "حشد التنظيم قواته وكان قد سيطر على الموصل العراقية، واستقدمت كل قواتها وخاصة لواء البتار (من ليبيا وكازخستان) وحاصر مناطق وقرى الشعيطات، خلال الأيام الأولى كانت المعركة تسير لصالحنا، حيث كنا نعرف جغرافية المنطقة، واستمرت المعركة نحو /14/ يوماً، خسرنا خلالها نحو /22/ شخص فقط، في حين خسر التنظيم المئات من عناصره".
وفي صيف /2015/ أصدر التنظيم حكماً بالقتل على كل من يتجاوز عمره /14/ عاماً من أبناء العشيرة مع مصادرة أراضيهم وبيوتهم وسبي نسائهم.
وفتح التنظيم ممرات ليتسنى للأهالي النزوح نحو هجين والبلدات الأخرى حيث نزح نحو /150/ ألف من المدنيين والعديد من الذين لم يشاركوا في القتال ضد التنظيم.
المجزرة
أشار الشعيطي إلى أن الأهالي الذين نزحوا لم يتوقعوا أن يقوم التنظيم بقتلهم فيما بعد، قائلاً "قام التنظيم بمداهمة منازل النازحين من عشيرة الشعيطات إلى مدن وبلدات هجين والسوسة والطيانة وغيرها، واعتقلوا المدنيين من عشيرة الشعيطات وقتلوهم، وبعد نحو شهرين من الاعتقالات والقتل والتصفية، تدخّل شيوخ العشائر في المنطقة، تراجع التنظيم عن قراراته ونيته بإبادة العشيرة عن بكرة أبيها".
عادت العوائل النازحة بعد مرور /6/ أشهر لمنازلها في مختلف المناطق بعد أن سمح التنظيم بذلك، في حين تفاجأت العوائل بالجثث المنتشرة في الشوارع وبين الأزقة والبساتين، حيث كان التنظيم ينفذ مجازره دون أن يقوم بدفن الضحايا، وفي مناطق أخرى شوهدت مجازر كبيرة وجثث منتشرة بإعدامات جماعية، حسب الشعيطي.
وبين القيادي في مجلس دير الزور العسكري، أن البعض تعرف على جثث أقاربه من خلال بعض الإشارات، كاللباس أو ساعة يد أو هوية، وآخرين حتى اللحظة لا يعرفون مصير أقاربهم أو مكان دفن جثثهم.
توثيق الجريمة
وحول ما إذا كان هناك أي عمليات توثيق لتلك المجزرة قال الشيعطي "ليس هناك أي توثيق للمجازر باستثناء الصور التي تم تداولها للإعلام آنذاك، وليس هناك أي إحصائية دقيقة حتى اللحظة، ولكن الرقم قريب إلى /1,200/ شخص من الشعيطات، في حين أن الارقام التي تم تداولها وصلت نحو /4,000/ لكن هذه الأرقام غير دقيقة".
وعن السبب حول عدم دقة أرقام الضحايا, بيّن الشعيطي "البعض أدرج اسماء عدد من العناصر التي كانت تقاتل إلى جانب النظام وقُتلوا خلال المعارك، أو أولئك الذين كانوا إلى جانب الجيش الحر أو درع الفرات أو غيرهم من الفصائل، لكن مجازر التنظيم التي حصلت ضد الشعيطات كانت قريبة من الرقم الذي صرحت به".
وكشف الشعيطي أسماء أبرز عناصر وأمراء تنظيم "الدولة الإسلامية" من عشيرة الشعيطات وهم محمد الحسين العفيس (ابو البراء) مسؤول أمني في التنظيم، عماد العماش، أبو سيف، أبو جعفر، جعفر الخليفة، أبو علي الشعيطي، وغيرهم.
وعلى إثر تلك المجازر، نزح أبناء عشيرة الشعيطات إلى مناطق عديدة، فمنهم من نزح إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية، وآخرون إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، والبعض إلى إدلب، وعن ذلك يقول محمد جبر الشعيطي، القيادي في مجلس دير الزور العسكري "كل القوى العسكرية قامت باستثمارهم لصالحها في قواتها العسكرية، وقدموا مئات الأرواح في معارك مختلفة لدى هذه الأطراف"