منظمة حقوقية: المشروع الحكومي لتوحيد النقابات مخالف للدستور ويفقدها الاستقلالية
القامشلي – نورث برس
قالت منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الحقوقية, إن مسودة “مشروع الصكّ التشريعي الموحد للنقابات المهنية”, مخالفة للدستور، لأنها تلغي استقلالية النقابات، وتحرمها الحق في ممارستها الرقابية الشعبية، وتجعلها تابعة للسلطة التنفيذية.
وجاء في تقرير نشرته المنظمة الحقوقية, الإثنين الفائت، أن بعضاً مما ورد في مسودة القانون “ينسف” أي استقلالية للنقابات، كما أنها باتت جزء من الأذرع التنفيذية الإدارية للحكومة.
وتنصّ المادة العاشرة من الدستور السوري، الصادر في عام 2012, على استقلالية النقابات والاتحادات المهنية والحق في الرقابة الشعبية, دون أي تبعية للسلطة للتنفيذية.
وورد في نص المادة, أن “المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، هيئات تضمّ المواطنين من أجل تطوير المجتمع وتحقيق مصالح أعضائها، وتضمن الدولة استقلالها وممارسة رقابتها الشعبية”.
وأثارت مسودة القانون الذي طرحته الحكومة للاطّلاع مؤخراً, جدلاً وانتقادات, خصوصاً بين المنتسبين والعاملين في النقابات المهنية.
وفي الخامس من تموز/يوليو الفائت، أرسلت رئاسة مجلس الوزراء، نسخة عن “مشروع الصكّ التشريعي الموحد للنقابات المهنية”، إلى “الأمين العام المساعد”، في حزب البعث العربي الاشتراكي، وطلبت منه الاطّلاع على المسودة وتعميمها على مختلف النقابات المهنية في البلاد, وتقديم الملاحظات.
وبعد ذلك بيومين, وجهت رئيس مكتب المنظمات الشعبية والنقابات المهنية المركزي في حزب البعث “هدى الحمصي”, كتاباً رسمياً إلى نقابات تابعة لحزب البعث، من أجل الاطّلاع على نسخة المشروع وإبداء الرأي.
وأشارت “سوريون”، إلى أن تدخُّل “حزب البعث”، في توجيه الكتاب إلى النقابات لإبداء ملاحظاتهم، يؤكد أن “البعث”، ما زال الحزب القائد للدولة والمجتمع.
وأضافت, أن خطوة الحكومة, جاءت إقراراً بإشراف الحزب على العمل النقابي, إذ إن مشروع القانون الموحّد لنقابات سوريا, لم يرسل مباشرةً إلى النقابات، بل تم توجيهه إلى قيادة الحزب.
وأوضحت أن المادة 48 من مواد المشروع, تتيح لرئاسة مجلس الوزراء, حلّ المؤتمر العام أو المجلس أو مجالس الفروع, وهو ما يسلب النقابة استقلاليتها.
واعتُبرت خطوة الحكومة مخالفة للقانون الدولي، واتفاقية منظمة العمل الدولية, حول الحرية النقابية، التي صادقت عليها دمشق, إذ تحظر الاتفاقية على السلطات التدخُّل في تنظيم إدارة ونشاطات النقابات.
وقال مدير “سوريون “, بسام الأحمد، “في حال طُبّق القرار، فهي محاولة جديدة من الحكومة للتوغُّل بالسلطة”، وأوضح أن المشروع محاولة “لقوننة” التدخُّل بالنقابات.
وأضاف, أن “البعث” لم يمنح أي استقلالية فعلية للنقابات، وإنما باتت شكلية بيد “الحزب” والسلطة, وقال إن الأمر يأتي في إطار فرض قوانين تنتقص من حرية السكان.
وفي الثالث عشر من آب / أغسطس الجاري, قالت صحيفة “البعث” الحكومية، إنه “لا يمكن منح النقابات استقلالية تامة وأنه من غير المعقول غياب سلطة عليا واستبعادها عمّا يتم في النقابات”.
وأضافت، أن الاستقلالية التامة تتيح التحكُّم ومصادرة الرأي النقابي العام، الذي يجب أن يصبّ أولاً وأخيراً في مصلحة توجُّهات الدولة, بحسب الصحيفة.
وقال عضو لجنة الموازنة في مجلس الشعب، والنقيب السابق لنقابة المهن المالية والمحاسبية، زهير تيناوي، في حديث لصحيفة “البعث”, إنه لا يؤيد وجود أنظمة موحدة للنقابات.
وأضاف، “مشروع القانون المقدم من شأنه أن يحدّ من استقلالية النقابات، لكن الاستقلالية والنظام الخاص فيها يفرض عليها رقابة وتدقيقاً وتنظيماً لأعمالها، أما أن يكون عليها هيمنة من قبل السلطة التنفيذية فهذا يتعارض مع أحكام المادة 10 من الدستور”.
ويرى عارف الشعال، وهو محامٍ من دمشق, أن “المشروع يُحسِّن من واقع العمل النقابي، لكن معظم المبادئ القانونية فيه تعني مزيداً من فقدان استقلال النقابة لصالح الأجهزة الحكومية وحزب البعث”.
وأضاف في منشور، على موقعه في فيس بوك, إن النقابات المهنية فقدت استقلاليتها منذ العام 1980, عندما تمّ حلها وتشكيلها من جديد وبصيغة مختلفة.
ويوجد في سوريا اتحاد واحد للنقابات، هو الاتحاد العام لنقابات العمال، تأسس عام 1938, وتنتسب إليه جميع النقابات بشكل إلزامي، ويكون رئيس الاتحاد عضو قيادي في حزب “البعث”.