مخيّم الهول.. هل العمليات الأمنية كافية لدرء خطر خلايا تنظيم “داعش”؟
الحسكة – نورث برس
كغيره من سكان مخيّم الهول، شرقي الحسكة، يتحاشى المُسِن، حماد المنفي، ذكر اسم “داعش”، والتحدث عن الجرائم التي تحدث في المخيّم، خشية على حياته، بعدما وصلت أعمال العنف لمستويات قياسية.
ويقول “المنفي”، وهو لاجئ عراقي وصل إلى المخيّم، قادماً من محافظة صلاح الدين، قبل ست سنوات، فارّاً من الحرب بعد هجمات “داعش”، إنه “لا أحد في المخيّم لا يخاف، كلنا نخاف”.
ومنذ بداية العام الجاري، شهد المخيّم الذي يُوصف بـ”الأخطر في العالم”، 13 حالة خطف، و44 حالة قتل، بينهم 14 امرأة وطفلين، وفقاً لبيان قوى الأمن الداخلي (الأسايش) في المخيم.
وأعلنت “الأسايش”، في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، البدء بالمرحلة الثانية من حملة “الأمن والإنسانية”، في المخيّم؛ لملاحقة خلايا “داعش”، بعد أن كانت قد نفّذت المرحلة الأولى، في آذار/ مارس، العام الماضي.

ويُشير اللاجئ العراقي بالقرب من خيمته؛ بينما تمر عربات مصفّحة وسيارات عسكرية للقوات الأمنية بجواره، وهي تقوم بعمليات التمشيط ضمن القطاعات المجاورة، إلى أن إرساء الأمان هو مطلبهم الوحيد.
ويُضيف: “هربنا من العراق بسبب القتل، ولو كان بلدنا مستقر لما كنا قد تهجَّرنا، لكن نواجه القتل مرة أخرى”.
وفي مطلع آذار/ مارس الفائت، ذكر مصدر أمني في المخيّم، لنورث برس، أنهم تلقّوا معلومات استخباراتية، تُفيد بتحضيرات خلايا “داعش”، للسيطرة بشكل كامل على مخيّم الهول.
“تركيا تدعم داعش”
ويشارك في عمليات التمشيط والبحث والتفتيش في العملية الأمنية بمخيّم الهول، أكثر من ألفي عنصر من “الأسايش”، والقوات الخاصة في قوات سوريا الديمقراطية، بمساندة من التحالف الدولي، وفق مصدر أمني، لـنورث برس.
وضمن ساحة كبيرة على أطراف المخيّم، تقوم القوات الأمنية بجمع قاطني القطاعات التي تخضع لعمليات التفتيش، لأخذ بصماتهم للتأكد من ثبوتياتهم.
وعثرت القوات ضمن أحد الخيام؛ أثناء عمليات التفتيش ضمن القطاع الثاني بالمخيّم، على عملات نقدية خاصة بالتنظيم، وفق ما شاهده مراسل نورث برس.
ومن داخل المخيّم، يُشدد، نوري محمود، الناطق باسم وحدات حماية الشعب؛ المكوّن الرئيسي ضمن قوات سوريا الديمقراطية، على أنهم رأوا من الضروري، البدء بالمرحلة الثانية من الحملة بعد حصولهم على الكثير من المعلومات التي تؤكد استعداد خلايا التنظيم لشن هجوم على المخيّم.
ويلفت القيادي البارز إلى أن، “داعش يحاول تنظيم نفسه، حيث ساهمت تركيا من خلال تهديداتها الأخيرة بعملية عسكرية ضد المنطقة في إحيائه بعدما كان على وشك نهايته”.
وبعد التهديدات التركية الأخيرة، على شمال شرقي سوريا، “اتخذت تركيا من المناطق المحتلة (سري كانيه وتل أبيض)، مركزاً لشنّ الهجمات على مناطقنا، وتقديم الدعم والتمويل للخلايا النائمة لها في المنطقة”، بحسب القيادي.
ويُضيف: “الهجوم على سجن الصناعة، أحد الأمثلة الحيّة، لهذه المآرب التي تحاول تركيا خلقها في المنطقة”.
ويؤكد الناطق باسم وحدات حماية الشعب، بأن “داعش”، يتلقّى الدعم من الجبهات الخلفية التي يتواجد فيها التنظيم، مثل البادية السورية الممتدة بين دير الزور والسويداء، ومناطق سيطرة القوات التركية، في شمال شرقي سوريا.
ولا ينكر نوري محمود، أن القضاء على التنظيم، ووضع نظام أمني قوي في مخيّم الهول، يُشكل عبئاً ثقيلاً عليهم، “كون المجتمع الدولي لا يتحرك وفق العهود والمواثيق الدولية بالتقرب بحساسية من خطورة هذا المخيّم”.
عيش في رعب
وبحسب بيانات منفصلة لقوى الأمن الداخلي، ألقي القبض منذ بدء الحملة الأمنية وحتى اليوم السادس منها، على نحو 98 شخصاً منتمين لتنظيم “داعش”، وتوقيف عشرات المشتبه بهم، إلى جانب العثور على الكثير من الخنادق.
كما أزالت أكثر من 96 خيمة ضمن المخيّم، كانت خلايا “داعش” تستعملها كأماكن تدريب خاصة بهم، ومحاكم شرعية للتعذيب والقتل.
وشكّلت جرائم القتل التي تحدث في المخيّم اضطرابات نفسية، لدى قاطني المخيّم وخاصة اللاجئين العراقيين الذين يشكلون الأغلبية ضمن المخيم، والمستهدفين بشكل أكبر في عمليات القتل، وسط تأخُّر حكومة بلادهم في إعادتهم جميعاً إلى ديارهم.
وتقول لاجئة عراقية، فضلت عدم نشر اسمها؛ لضرورات أمنية، إنها تعيش الرعب والخوف وعدم الراحة منذ وصولها إلى المخيّم، قبل عدة سنوات.

وتُضيف بلهجتها العامية: “لو يطلع بيدي الذهاب للعراق مشياً لذهبت بسبب المأساة التي عشناها هنا”.
وفي ظلّ انعدام الخيارات أمامها، تقول اللاجئة: “نخاف على أنفسنا، وليس لنا منفذ، لكننا مجبورين على البقاء”.
وعلى غرار الآلاف من اللاجئين العراقيين في المخيّم، تطالب اللاجئة بالعودة إلى ديارها مع تصاعد وتيرة العنف.
ويرى زانا عمر، وهو صحفي من القامشلي، أن العمليات الأمنية ضمن المخيّم غير كافية.
ويُشير، إلى أن قُرب المخيم من الحدود العراقية “يُشكِّل خطراً أيضاً، خاصة أن الأوضاع السياسية والأمنية في العراق تشهد تدهوراً يومياً ونمواً في قدرات التنظيم الإرهابي في شن الهجمات”.
ولا يكمن خطر المخيّم في حالات القتل فقط، “بل بات مركزاً لتصدير الجهاديين إلى خارجه لشن الهجمات”، بحسب اعتقاد الصحفي.
ويُضيف: “داعش يعتمد على الانتحاريين والجهاديين؛ الذين يتمُّ تهريبهم من مخيّم الهول لشن الهجمات، وخطره بات يتعدى حدود شمال شرقي سوريا والعراق”.
ومع حدوث موجات هجرة نحو أوروبا، لا يستبعد “عمر”، وجود عناصر من “داعش” بينهم، وهو ما يُشكِّل خطراً على المجتمع الدولي بأسره، وفقاً لقول الصحفي.