أربيل- نورث برس
تصاعد العنف في العاصمة العراقية بغداد منذ ساعات مساء، أمس الاثنين، مع ورود أنباء عن سقوط قتلى جراء اشتباكات في الوقت الذي أعلنت فيه السلطات عن حظر تجوال وتعطيل المدارس.
وبدأ التصعيد الناري بعد مشاحنات سياسية بين فرق شيعية إثر الأزمة المتفاقمة على شكل حكومة جديدة بعد انتخابات تشريعية مبكرة مضى عليها قرابة 11 شهراً.
وتشهد المنطقة الخضراء ومحطيها في العاصمة بغداد توتراً بلغ الصعيد العسكري، بعد اشتباكات بين فصائل شيعية تتبع على ما يبدو لجهتين متخاصمتين في العملية السياسية وهما التيار الصدري والإطار التنسيقي.
وفي أحدث تصعيد، أعلنت خليّة الإعلام الأمني، اليوم، عن تعرّض المنطقة الخضراء لقصف بأربعة صواريخ، سقطت في مجمع سكني؛ ما أدَّى إلى حدوث أضرار فيه.
وأضافت، أنَّ “مكان انطلاقها كان من منطقتي الحبيبية والبلديات شرقي العاصمة بغداد”.
وقبل ذلك، قالت وسائل إعلام عدة نقلاً عن مصادر، إن مسلّحين من “سرايا السلام”، وهو التنظيم المسلّح التابع للصدر، أطلقوا النار من خارج المنطقة الخضراء على أهداف داخلها.
ومن جانبها أفادت “فرانس برس” أنّ 23 شخصاً من أنصار مقتدى الصدر قتلوا وأصيب نحو 350 متظاهراً آخر بعضهم بالرصاص وآخرون جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع، خلال المواجهات.
ما قبل الاشتباكات
دخل حشدٌ من مؤيدي التيار الصدري إلى القصر الرئاسي في بغداد، بُعيد إعلان زعميهم مقتدى الصدر اعتزاله العملية السياسية في ساعات صباح أمس الاثنين.
وأظهرت مقاطع مصورة مقتحمين وهم يحملون صوراً لمقتدى الصدر وآخرين يتجولون في أروقة المبنى، وقسم يسبحون في حوض السباحة داخل القصر.
وأعلن زعيم التيار الصدري الشيعي مقتدى الصدر الاعتزال بعد أسبوع من انسحاب أنصاره من أمام مبنى المحكمة الاتحادية، في خطوة كانت بمثابة رسالة إلى السلطات القضائية التي لم تحسم قراراً لصالح الصدر باعتباره يشكل الكتلة الأكبر في البرلمان.
ويرفض التيار الصدري الحوار مع منافسيه ويصفهم بـ”الفاسدين المتآمرين”، فيما يشدد على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
ولم تتمكن كتلة الصدر من تشكيل حكومة أغلبية بالتوافق مع الكتل السنية بقيادة الحلبوسي وكتلة الديمقراطي الكردستاني، وانسحبت الكتلة منذ نحو شهرين من البرلمان، أعقب ذلك اقتحام أنصارها البرلمان مطلع شهر آب/أغسطس الجاري.
وكان الإطار التنسيقي وحلفاؤه قد شكلوا “الثلث الضامن” الذي من غيره لا يمكن التصويت على مرشحي رئاسة الجمهورية والحكومة، بموجب الدستور.
وقبل أحداث العنف هذه، كانت الأزمة على الصعيد السياسي بلغت ذروتها بالفعل، دون تمكن الأطراف السياسية من إيجاد حل عبر الحوار الذي لطالما دعوا إليه.
وكان من المتوقع أن يحرك الصدر مؤيديه في الشارع رغم إعلانه أمس اعتزال العملية السياسية، وفقاً لمراقبين.
وقررت عدة محافظات في وسط وجنوب العراق تعطيل الدوام الرسمي ليوم الثلاثاء، وذلك بعد ساعات من إعلان حكومة الكاظمي فرض حظر تجوال كلي في البلاد.
مواقف محلية ودولية
وسارعت الأمم المتحدة وسفارات دول إلى جانب زعماء قوى محلية بالتعليق على التطورات، كان المشترك بينهم هي الدعوة لتهدئة الوضع.
وحث الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش، على اتخاذ خطوات فورية لتهدئة الموقف وتجنب أي عنف في العراق، بعد أن قال إنه يتابع بقلق الاحتجاجات الجارية فيه، داعياً في الوقت نفسه إلى ضبط النفس، والبدء بالانخراط، دون مزيد من التأخير، في حوار سلمي وشامل.
ومع وقوع اشتباكات مسلحة استخدم فيها أسلحة الرشاشات- أر بي جي- وقذائف هاون، حسبما ظهرت في مقاطع متداولة، أطلق رئيس الجمهورية برهم صالح وسم على صفحته في تويتر “الدم العراقي خط أحمر”.
وذكرت بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق عبر بيان مقتضب أنها تدعو جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس.
ومن جهته قال رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، إنه يتابع “بقلق” الأحداث والمستجدات الأخيرة في العراق، داعياً إلى ضبط النفس ومراعاة المصلحة العامة.
وقالت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، في بيان مقتضب، إنها تحث جميع الأطراف على الامتناع عن العنف فوراً، وشددت على ضرورة ضبط النفس والتهدئة “لكي يسود صوت العقل”.
هذا وأشاد رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، بدعوتين منفصلتين صدرتا عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس تحالف الفتح هادي العامري دعيا فيهما إلى إيقاف العنف.
وقالت السفارة الأميركية لدى بغداد، إن تقارير الاضطرابات في جميع أنحاء العراق مثيرة للقلق حيث لا تسمح للمؤسسات العراقية بالعمل.
وظهرت مواقف مترادفة داعية للحوار ورافضة للعنف من جانب جامعة الدول العربية وكذلك من قبل سفارات دول لدى العراق كفرنسا وبريطانيا.
وتتجه الأزمة في العراق إلى المزيد من العنف والتصعيد المسلح، حيث تستمر اشتباكات متقطعة اليوم الثلاثاء، وسط مخاوف من تطور التصعيد إلى حرب أهلية شاملة.