عين على المحصول وأخرى على الحدود.. القصف التركي هاجس يؤرق مزارعين بالقامشلي

القامشلي – نورث برس

بالقرب من البوابة الحدودية في القامشلي، يجلس أحمد عبدالرحمن (50 عاماً) على أريكة تحت ظلال أشجار أرضه، بينما يكتنفه القلق وهو ينظر للعلم التركي على الجانب الآخر من الحدود.

يقول الرجل الخمسيني إن “الخوف مسيطر علينا ودائماً نعمل بحذر، فعين على الأرض وأخرى على الحدود”.

وشكل التصعيد التركي مؤخراً على شمال شرقي سوريا، هاجساً يؤرق مزارعين يمتلكون أراضٍ بالقرب من الحدود ولا سيما بعد استهداف طائرات مسيرة تجمعات للمدنيين.

ويشير “عبد الرحمن” بينما ينهمك اثنين من أشقائه في سقاية أرضهم المزروعة بالخضراوات الصيفيةإلى أن القصف يؤخر قدومهم إلى الأرض بسبب المخاوف الأمنية.

ويضيف: “نعمل حتى ساعات المغيب وننصرف إلى المنزل، فلا نستطيع العمل بعد ذلك”.

القامشلي كما غيرها من المدن الحدودية في شمال شرقي البلاد، شهدت خلال الشهر الجاري، استهدافات متكررة من قبل القوات التركية عبر طائرات مسيرة وقذائف المدفعية، أسفرت عن فقدان عدد من المدنيين لحياتهم وإصابة آخرين.

لكن رغم تصعيد الهجمات التركية يجد “عبدالرحمن” وأشقائه الأربعة أنفسهم مضطرون للعمل في هذه الظروف وخاصة أن أرضهم التي تبلغ 20 دونماً تعد مصدر رزقهم الوحيد.

ورغم عودة الهدوء إلى القامشلي منذ أكثر من أسبوع، إلا أن القلق من تجدد الاستهداف ما زال ينتاب سكاناً ومزارعين في المدينة.

وضمن حقل صغير مجاورة لأرض “عبدالرحمن”، يعمل المزارع الستيني محمد بساطة، بحذر شديد، بينما يكتنفه هو الآخر القلق أن تتجه الأمور نحو الأسوأ وتفقده مصدر رزقه.

ويقول “بساطة” الذي غزا الشيب لحاه وشعره، “لدينا عوائل وأطفال، وإن نزحنا سنفقد كل شيء وسيفوتنا موسم كامل يعيدنا إلى نقطة الصفر”.

وكحال جميع أقرانه، لا يغامر “بساطة” بالقدوم إلى أرضه البالغة مساحتها 20  دونماً والاعتناء بخضرواته أثناء القصف وهو ما يتسبب بتلف محاصيله.

وكان قد أصيب ثمانية مدنيين وفقدت طفلة حياتها بهجمات منفصلة على القامشلي وتربه سبيه (القحطانية)، في التاسع من الشهر الجاري، وفق مصادر ميدانية لـنورث برس.

وسبق ذلك بأيام، فقدان خمسة أشخاص لحياتهم، بينهم طفلان، عقب استهداف مسيرة تركية المنطقة الصناعية في القامشلي.

وعلى مقربة من الحدود السورية التركية، يتفقد المزارع منير جمعة (52 عاماً) حقله المزروع بمختلف أصناف الخضروات الصيفية في القامشلي، إلا أن الشعور بالخوف يلازمه من استهداف تركي جديد يدفعه لترك أرضه وفقدانه مصدر رزقه

ويقول “جمعة” من حقله بينما تنهمك عدد من النساء العاملات بالقرب منه في قطف الثمار، إن “التصعيد التركي يؤثر علينا سلباً بحكم وقوع أرضنا بالقرب من الحدود”.

وهذه ليست المرة الأولى التي تقلق الهجمات التركية “جمعة” أسوة بغيره من المزارعين على الشريط الحدودي، حيث تعرضت مزروعاته للتلف عقب استهداف القامشلي بالقذائف أثناء الهجوم على سري كانيه (رأس العين) وتل أبيض نهاية عام 2019.

ويضيف المزارع الخمسيني بينما تظهر الحدود التركية خلفه على بعد 50 متراً، “كلما استمر التصعيد ازدادت الأضرار علينا، محصولي معرض للتلف إن لم يتم سقايته والاعتناء به، حتى العمال لا يسمح ذويهم بالمجيء إلى الحقل خشية على حياتهم”.

ورغم المخاطر، يؤكد “جمعة” بأنه متسمك بأرضه التي تعتاش عائلته منها منذ نحو 90 عاماً.

ويضيف: “رغم هذا التصعيد والمخاوف لكن لا يمكننا التخلي عن أرضنا، هي جذور لأجدادنا ومصدر رزقنا”.

 إعداد: دلسوز يوسف/ محمد الأومري- تحرير: سوزدار محمد