سوريٌ يتحدى الإعاقة بالفن وبيع الجوارب في مصر

القاهرة- محمد أبوزيد- NPA
على كُرسيه المُتحرك بأحد المراكز التُجارية الشهيرة بمدينة العبور المصرية (شمال شرق العاصمة المصرية) يلفت هنالك الأنظار.. من الوهلة الأولى تُدرك أنكَ أمام تجربة استثنائية وقصة كفاح وتحدٍ من نوعٍ خاص جداً، الشاب العشريني الذي يبيع الجوارب ، يجلس غير آبه بإعاقته التي قد تدفع آخرين غيره للاتكّالية والاعتماد على الغير.
ولدى الغوص والتعمق في تفاصيل قصته تُدرك أنك أمام نموذج استثنائي من نوع خاص جداً، يُواجه الحياه بصدرٍ رحب، ويكابد مصاعب جمّة، أهمها أنه, وعلى هذا الوضع والتحدي, في بلد الغربة وليس ببلده الأصلي، يكافح حتى يؤمن لنفسه وأسرته الرزق الحلال.
قبل أكثر من ست سنوات، وتحديداً في شهر حزيران/يونيو من العام 2013، جاء محمد الزين، الشهير بـ "أبي عمر الزين" (28 عاماً)، من ريف دمشق، وتحديداً من بلدة ببيلا بغوطة دمشق الغربية،  إلى مصر، عقب اشتعال الأزمة في سوريا، وظلّ فيها حتى الآن رفقة أمه وإخوته.
رحلة كفاح
يروي الزين جانباً من رحلته وطريق الكفاح الذي يسلكه بصدر رحب، قائلاً: "صرت –بعد ترك المدرسة- أشتغل بالبيع والتجارة، اشتغلت ببيع الراحة والبسكويت والسكاكر في سوريا، وبالشهر السادس من العام 2013 جئت مصر أنا وأهلي".
يقول أبو عمر (كنية محمد الزين التي يشتهر بها في محيط رفاقه) إن عائلته التي جاء معها إلى مصر مقسمة الآن ويسكن مع أمه.
دخل مصر بطريقة نظامية، لكنّه فشل في الحصول على إقامة، غير أنه في الوقت ذاته مُسجل بالمفوضية ويحمل "الكارت الأصفر". ويتابع: "سكنا بمنطقة العبور بداية, وبقيت جليس البيت ما يقارب سنة ونصف، وبعدها صار عندي كرسي كهربائي، قمت ببيعه بعدها واشتريت سكوتر، وأكملت عملي الذي كنت أعمله بسوريا".
عمل أبو عمر في بداية عمله في مصر في بيع "الراحة والبسكويت والحلويات السورية"، وذلك أمام أحد المراكز بمدينة العبور حيث يعيش، وظلّ على عمله ذلك ما يقارب ثمانية أشهر تقريباً، حتى واجهته أولى المصاعب في طريق استمرار عمله، عندما منعه الناس هناك من الجلوس أمام المركز، لكنّه لم يستسلم أو "يُلقي الفوطة" بلغة أبطال المُلاكمة؛ فالنموذج البطولي الذي يقدمه "الزين" لا يليق به الاستسلام.
اتجه أبو عمر بعد ذلك إلى العمل في بيع الجوارب داخل أحد المراكز التجارية الشهيرة بالمدينة ذاتها، حيث مازال يعمل. ويقول: "الحمدلله، عملي جيد، ولا أحد يزعجني".
لكنّه يتحدث في الوقت ذاته عن قلة دخله نظير عمله، قائلاً: "معظم ما أكسبه أصرفه بأجرة للمواصلات."

حفلات
ولدى الغوص في تفاصيل قصة أبو عمر، التي يرويها لـ "نورث برس" ثمة العديد من التفاصيل والمفاجآت التي تجعل منه شخصاً استثنائياً فريداً؛ فإلى جانب عمله في بيع الحلوى في سوريا وحتى في الشهور الأولى من عمله في مصر وحتى تحوّله لبيع الجوارب، فقد أسس مشروعاً لإحياء الحفلات، بل إنه أيضاً يمتلك موهبة الغناء والإنشاد، ويشارك بأغانيه في عديد من تلك الجلسات والحفلات، ويشارك بعضها عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
أطلق أبو عمر، على المشروع اسم "زين الشام"، ويقول عن ذلك المشروع: "زين الشام ليس مشروع عمل.. هو خدمة للأصدقاء والأحباب.. أقوم عبرها بتنظيم الأعراس هنا عبر ايجاد فرق العراضة السورية والتنسيق لعملهم مع أحاب العرس".
دائماً ما يستغل الزين صفحته الشخصية على "فيس بوك" للترويج لحفلاته التي ينظمها، ودائماً ما يشارك أجزاءً من تلك الحفلات لمتابعيه. فضلاً عن حرصه على مشاركة صوره مع أصدقائه في مصر، وهم كُثر. وقد شارك "زين الشام" في إحياء عديد من الحفلات في مناطق متفرقة، وبشكل خاص في مدينة العبور التي يقطن بها.
عقبات
وعن أبرز العقبات التي واجهته في مصر، يقول في معرض حديثه مع "نورث برس": "العقبات التي أواجهها هي موضوع الإقامة، لا أحصل على إقامة أبداً، الإقامة تتطلب أما الاستثمار او الدراسة"، نافياً أن يكون قد تلقى أية مساعدات من أي جهة بخلاف المفوضية.