الإبل في عفرين.. مهنة “دخيلة” لا تتوافق مع طبيعة المنطقة

عفرين – نورث برس

لم تعتد منطقة عفرين طوال تاريخها على تربية الإبل سواء في المدينة أو قراها، إذ أن طبيعة المنطقة الجبلية وعدم احتوائها على الأعشاب والنباتات التي تتغذى عليها، إضافة إلى مناخها المعتدل الرطب، لا توازي مناطق تربية الإبل الأساسية في الصحراء.

وعلى الرغم من أنها تعد من المناطق غير الملائمة لتربيتها، دخلت تجارة وتربية الإبل إلى عفرين منذ ما يزيد عن عامين، عن طريق بعض المستوطنين الذين قدموا للمنطقة بعد عام 2018.

وتعتبر هذه المهنة جديدة و”دخيلة” إلى عفرين، إذ أن الإبل تحتاج إلى نبات جاف كالأعشاب الشوكية تتغذى عليها ودرجات حرارة مرتفعة وسهول ومنخفضات رملية، وهو ما لا يتوفر في المنطقة.

كما أن طبيعة الأرض الطينية في عفرين والتي قد تتسبب بانزلاق الإبل، لا تمكنه من الرعي بحرية.

ومع سعي المربين لزيادة أعداد الإبل، يحذر المهندس الزراعي ممدوح حمو، نازح من ريف عفرين، من انعكاس ذلك سلباً وبالدرجة الأولى على الزراعة والأشجار المثمرة والغابات الحراجية في المنطقة، وخاصة أن حجم هذا النوع من الماشية وطول الرقبة وارتفاعها يساعدها على أخذ الأغصان من قمم الأشجار.

ويلفت المهندس إلى أن عدم ربط رؤوس الإبل أثناء الرعي، قد يؤدي لتضرر مساحات شاسعة من الغطاء النباتي في عفرين وخاصة محاصيل الخضراوات والحبوب والأشجار والغابات الحراجية، إذ قد يؤدي رعيها لاقتلاع النباتات من التربة أو تهتكها نتيجة المشي.

ويشير “حمو” الذي يعمل حالياً في مزرعة جنوب حلب وتضم عدداً من الإبل، إلى أنه أثناء الرعي في أراضي زراعية تضم أشجار زيتون، “التهمت الإبل أوراق الشجر وأغصانها، ولم يبق منها سوء الساق”.

وتظهر الصور التي حصلت عليها نورث برس من المهندس، تجرد أشجار الزيتون في تلك المزرعة من أغصانها بشكل كلي.

وكانت تربية الإبل في سوريا قبل الحرب تتركز في مناطق متعددة، أبرزها هضبة “الحماد” بالقرب من التنف والبوكمال في دير الزور كون هذه المناطق صحراوية تلائم الإبل، إضافة إلى مناطق في ريف حماة ودرعا وغوطة دمشق الشرقية.

وبحسب تقارير محلية، فقد تناقصت أعداد الإبل في سوريا بعد الحرب إلى النصف بعدما كانت تتجاوز 50 ألف رأس. ولا تتوفر إحصائيات عن أعداد الإبل في عفرين، لكن يقدر البعض عددها بالعشرات.

ويقول أبو محمد، تاجر ومربي إبل في مدينة عفرين، إنهم يعتمدون على شراء الإبل من المزارع المنتشرة في أطراف مدينة الباب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المسلحة الموالية لتركيا، ومن ثم إدخالها لعفرين.

ويشير إلى أن تجارة وتربية الإبل تواجه صعوبات كبيرة في المنطقة، بسبب عدم توفر أخصائيين في هذا النوع من الماشية نظراً لعدم وجود مربيين أصليين سابقين ينشطون في هذه المهنة بعفرين، إضافة لعدم وجود مزارع أو أعشاب تتغذى عليها.

ولم ينكر التاجر، عدم توافق تربية هذا النوع من المواشي مع طبيعة المنطقة، بسبب افتقارها لمراعٍ شاسعة وخاصة في الشتاء.

وباتت أعداد مربي الإبل بهدف التجارة “مقبولة”، ويعمدون لازدياد أعداد رؤوس قطعانهم، بحسب “أبو محمد”.

ويقول صاحب محل لبيع الإبل، إنه يواجه صعوبة في تأمين العلف لغلاء سعره، في ظل انخفاض أسعار الإبل، حيث تنافسها لحوم الأغنام.

ويشاهد في عفرين، محال تبيع لحم الإبل، ولكن الشراء يقتصر فقط على المستوطنين، إذ لم يعتد سكان المنطقة الأصليين على لحومها، ويفضلون عليها الغنم والبقر والدجاج والسمك.

كما أنه لا يوجد أي مربي لهذا النوع من الماشية من سكان عفرين ويقتصر الأمر على تجار الإبل من المستوطنين.

إعداد: محمد الحسين – تحرير: سوزدار محمد