العراق.. الصراع يتطور ويحتدم أمام أبواب القضاء بعد البرلمان

أربيل- نورث برس

شكل التطور الأخير في التصعيد  بالساحة العراقية ذروته حين أعلن المجلس الأعلى للقضاء تعليق الأعمال بعد ساعات قليلة من توجه أنصار الصدر إلى أسواره.

واستأنفت السلطات القضائية العراقية، الأربعاء، عملها في كافة المحاكم بعد تعليق نشاطاتها، أمس، احتجاجاً على اعتصام أنصار التيار الصدري الذي نصب أمام أبوباها، وعلى ما وصفها برسائل “تهديد” تتعرض لها.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا رفضت دعوات الصدر لحل البرلمان، في موقف رآه الصدر أنه صب لصالح خصومه السياسيين المتمثلين بالإطار التنسيقي، ثم علق القضاء عمله رداً على محاولة أنصار التيار الصدري الضغط عليها من خلال الاعتصام أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى.

وأشار المجلس القضائي إلى أنه تعرض للتهديد من خلال رسائل هاتفية.

ويبدو أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أدرك سريعاً أنه وقع في تجاوز قانوني، لذا لم تدم اعتصامات أنصاره سوى ساعات وأمرهم بالانسحاب.

انسحاب

وبعد بيان أصدره وزير الصدر محمد صالح العراقي، (شخصية يعتقد أنها افتراضية لم تظهر إلى الإعلام) قال فيه إنه “من المعيب أن يعلّق القضاء والمحاكم العمل من أجل إنهاء ثــورة إصلاحية”، سرعان ما أصدر بيان آخر نصح المعتصمين بالانسحاب.

وجاء الانسحاب بعد أن أثار التطور التصعيدي جدلاً واتهاماً بالتطاول على السلطات الدستورية والقانونية.

ومظاهرات الصدر كانت قد استهدفت سابقاً مبنى البرلمان واقتحمته، ومن وقتها لم تتمكن المؤسسة التشريعية من عقد جلسة.

ويواصل الإطار التنسيقي وهي الجهة الخصم للتيار الصدري، مسعاه إلى عقد جلسات البرلمان رافضاً تعطيله، ورشح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة المقبلة، تلك الشخصية التي لم تلق استحسان الصدر.

ويرفض التيار الصدري الحوار مع منافسيه ويصفهم بالفاسدين المتآمرين، فيما يشدد على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، بعد أن فشل قبيل انسحاب كتلته من البرلمان، في تشكيل حكومة “أغلبية” بالتوافق مع الكتل السنية بقيادة الحلبوسي وكتلة الديمقراطي الكردستاني.

وقطع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، زيارته أمس، إلى مصر وعاد إلى العاصمة بغداد، إثر تطورات الأحداث الجارية في البلد.

مواقف

وبعد عودته من مصر، التقى الكاظمي رئيس تحالف الفتح هادي العامري، بحثا سير التفاهمات والتقارب بين الكتل السياسية، وشددا على تعزيز سبل الحوار وإبعاد مؤسسات الدولة عن جميع أشكال الصراع السياسي.

وقالت السفارة الأميركية في بغداد، إنها تراقب عن كثب تقارير الاضطرابات، حول مجلس القضاء الأعلى”. وحثت جميع الأطراف على “التزام الهدوء والامتناع عن العنف، وحل أي خلافات سياسية بطريقة سلمية تستند إلى الدستور العراقي”.

كما دعت المتظاهرين إلى “احترام إجراءات وممتلكات المؤسسات الحكومية العراقية والتي تعود ملكيتها إلى الشعب العراقي وتخدم مصالحه”.

وفي موقف آخر، قال رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، إنه يتابع “بحرص وقلق بالغين” التطورات السياسية في العراق، والتي تمضي باستمرار “صوب المزيد من الفرقة وتعميق الأزمات أكثر فأكثر”.

وأشار بارزاني إلى أن “التظاهرات المدنية السلمية هي حق مشروع يحميه الدستور، لكن تعطيل المؤسسة القضائية يزيد الوضع تأزماً”.

وحذر مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة المقبلة، الأمين العام لتيار الفراتين، محمد شياع السوداني، مما وصفه بـ “الانقلاب السياسي” وما يترتب عليه من تبعات، وأدان محاصرة أنصار التيار الصدري لمجلس القضاء الأعلى.

وعدّ رئيس الجمهورية برهم صالح تعطيل عمل المؤسسة القضائية “أمر خطير يهدد البلد وينبغي العمل على حماية المؤسسة القضائية وهيبتها واستقلالها، وأن يكون التعامل مع المطالب وفق الأطر القانونية والدستورية”.

تحذير

قال الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، رداً على بيان صادر عن هيئة الحشد الشعبي، مالت فيه إلى الوقوف ضد “مجاميع بينهم مسلحين حاصروا مبنى القضاء”.

وقال رسول إن “القائد العام يؤكد أن القوى الأمنية والعسكرية العراقية لن تنجر إلى الصراعات السياسية، ولن تكون طرفاً فيها، وسيبقى واجبها دوماً حماية العراق”.

وأضاف أن الكاظمي وجّه بـ”تطبيق أقسى العقوبات القانونية بحق أي منتسب في القوى الأمنية والعسكرية العراقية ممن يخالف التعليمات الثابتة بهذا الصدد”.

ونقل رسول، عن الكاظمي، توجيهه بمنع إصدار المؤسسات الأمنية والعسكرية “أي بيان ذي طابع سياسي، أو يمثل تجاوزاً وإيحاءً بعدم التزام أي مؤسسة بالسياق العسكري والأمني المعمول به”.

وتتجه الأزمة في العراق إلى مزيد من التصعيد وسط مخاوف من حرب شيعية ـ شيعية مع احتدام التصعيد وخاصة بعد محاصرة المجلس القضائي.

وتسببت الأزمة المستمرة منذ إجراء الانتخابات المبكرة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والتي تطورت منذ مطلع شهر آب/اغسطس الجاري، إلى إغلاق أبواب البرلمان أمام نوابه، بعدم إمكانية تشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد اشتداد الخلافات بين الفريقين الشيعيين الإطار التنسيقي والتيار الصدري.

ودفع كل من الفريقين خلال الشهر آب/ أغسطس الجاري، بالآلاف من أنصارهما للاعتصام في محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد والتي تضم مقار حكومية ومقار البعثات الدبلوماسية.

إعداد وتحرير: هوزان زبير