أربيل- نورث برس
ثمانية أعوام مرّت، ولازال اللاجئ السوري “حسن شريف”، لا يُدرك ما هو عليه اليوم في أربيل، عاصمة إقليم كردستان، كل ما يتذكره بقايا صور لوالديه وأشقائه في سوريا، بعد أن تعرّض أثناء عمله في العام 2014 لصدمة كهربائية، غيّرت حياته وحياة من حوله.
أفقدته هذه الصدمة ذاكرته بشكلٍ كامل، رغم محاولات أشقائه لعلاجه في مشافي وعيادات أطباء أربيل، إلا أن حسن، مازال إلى الآن لا يدرك من هو، أو أين يعيش، تمرّ الساعات والأيام والليالي، وفي كل دقيقة معدودة ينسى حسن ما حدث وما فعل.

يقول شقيقه “محمد خليل شريف”، الذي يشقى بحثاً عن علاجٍ له، إنه “منذ ثمانية أعوام نتنقّل بين طبيب وآخر، زرنا العديد منهم في سوريا والعراق، لكن جميعهم عجزوا عن علاجه”.
وبعد أن كان حسن، قد تجاوز معاناته من الإعاقة الدائمة في قدمه، في عمر الشباب، اصطدم بفقدان الذاكرة، وهو منذ الحادثة لا يحفظ الوجوه أو الشوارع أو المنازل، ينسى حتى وجبة الطعام التي تناولها قبل خمس دقائق.
لا يعرف حسن، زوجة أخيه ولا أولادها، رغم أنه يعيش معهم في ذات البيت بحي “هفالان”، في أربيل، ليس لديه أصدقاء، فيلتزم المنزل لأنه يجهل طريق العودة، فالصدمة الكهربائية أوقفت المراكز المسؤولة عن الحفظ والتذكُّر في دماغه.
تحوّلت حياة الشاب، من شاب نشيط يهوى الموسيقا، ويُبدع في العزف على آلة البزق، إلى شاب بلا ذاكرة، بلا هوية، وأيضاً بلا مستقبل.
يحكي محمد عن أخيه قبل الحادثة، فيقول: “رغم معاناته أثناء المشي، بسبب مشكلة صحيّة في قدمه اليُمنى، لم يتغيّب حسن يوماً عن عمله، بقى مُثابراً إلى يوم الحادثة التي أودت بذاكرته”.
وثمّة آلة بزق مُعلّقة على جدار غرفته، يسرد بنظره إليها دون أن يعرف حسن، أن أوتارها كانت تتراقص بين أنامله يوماً ما في الماضي المنسي.
لكي لا يبقى هذا الشاب الأربعينيّ، في مستقبل مجهول ومظلم، يُناشد شقيقه محمد، كل من يستطيع مدّ يد العون ولا سيما المنظمّات الدولية؛ لأن تنظر بحالة أخيه وإيجاد حل يُعيد إليه حياته.
المشكلة بالنسبة لذويه أن الصدمة لم تقضِ على الذاكرة البعيدة فحسب؛ بل تُنسيه كل ما يقوم به في بضع دقائق، وإلا كان قد رضي بنسيان الماضي إذا ما كان يحظى بحياة جديدة مع ذاكرة جديدة.
يُكرّر محمد نداءه من أجل أخيه، بالقول: “نحن لا نطمح للسفر إلى الخارج، كل أمنياتنا شفاء حسن، إيجاد علاج له في أي بلد في العالم، لعلّه يتمكّن من بناء ذاكرة جديدة تُعينه على إكمال حياته كباقي الناس”.