أزمة متفاقمة تشلّ الحركة وتُتلف الدخل الوحيد لمزارعي شمالي الحسكة
الحسكة- نورث برس
يشتكي سكان الدرباسية وقُراها، شمالي الحسكة، من أزمة خانقة للمحروقات منذ بداية الموسم الصيفي، وخاصة مادة المازوت، مما أثّر بشكل كبير على القطاعات الحياتية ولا سيما الزراعة في المنطقة، كما شملت الأزمة ما يعتمد على مادة البنزين أيضاً، لتُشكل طوابير شبه يومية من السيارات أمام محطات الوقود.
بدأت المشكلة لدى المزارعين بعد عدم الموافقة على صرف كمية مادة المازوت كاملة للذين قاموا بزراعة الذرة الصفراء، باعتبار أن هيئة الزراعة رفضت ترخيص زراعة الذرة الصفراء في منطقة الجزيرة.
لكن بعد زراعتها، تمّت الموافقة على توزيع مادة المازوت لهم بشكل جزئي، بواقع 15 ليتراً لكل دونم واحد من الأراضي المزروعة، رغم تأخُّر تأمينها في الوقت المناسب.
وفي الآونة الأخيرة، تفاقمت أزمة المحروقات بشدّة حتى شملت البنزين ومازوت المواصلات أيضاً، لتُلقي بظلالها على الكثير من القطاعات وليس على الزراعي فحسب.

المزارع “جميل إبراهيم ” (54عام)، وهو من قرية “السلام عليك”، جنوبي الدرباسية، ولديه حقل زراعي مساحته 60 دونماً هذا العام، يقول إنه صرف على حقله أكثر من خمسة ملايين ليرة سورية، لكنه بعد عدم حصوله على كمية كافية من مادة المازوت تعرّض معظم محصوله للتلف.
وأضاف: “لقد تمّ صرف 600 ليتر من المازوت”، لكن هذا لم يكف لري محصوله لمدة يوم واحد على حدّ تعبيره.
أما المزارع عدنان درويش (56 عاماً)، وهو من سكان القرية نفسها، قال إنه اشترى 13 ألف ليتر من المازوت من الأسواق الحرّة بأسعار مضاعفة لكي يُنقذ ما بقي من موسمه الزراعي من الذرة والبطيخ.
وعلاوةً على ذلك، إن كمية المازوت المخصّص للدونم الواحد غير كافية لري الحقول، ويُشير “دوريش”، إلى أن “ما هو مستحق للمزارعين، لا يتم توزيعه بسبب الفساد والتلاعب(..) وحين يتم المطالبة، يزعمون بأنه حصل خطأ ما”.
واتهم “درويش”، الجهات المسؤولة بـ”الفساد والسرقة” وذلك بالشراكة مع محطات الوقود.
ويوجد في مناطق الجزيرة حقول زراعية شاسعة مرويّة صيفاً، وبعلية شتاءً، لكن الأزمة الحادة في المحروقات تُنذر بحدوث كارثة للمحاصيل الزراعية التي تعتمد على الري بمياه الآبار.
ولا يمكن تشغيل الآبار من دون مضخّات على عمق عشرات أو مئات الأمتار، وهي تتطلّب آليات (ماتور) تعمل على المازوت.
ويتخوّف المزارعون في المنطقة من تعرّض محاصيلهم للتلف الكامل بسبب الأزمة، علماً أن الموسم الزراعي يُعتبر الدخل الوحيد والأهم بالنسبة لهم.
ويقول سلمان الولو (64 عاماً)، من قرية “بيركفري”، إن محصوله الصيفي على وشك التعرّض للتلف بالكامل، جرّاء عدم توفر مادة المازوت.
ويُضيف في السياق نفسه، المزارع هوزان العبدو (57 عاماً)، من قرية سيبيركا فوقاني، “لقد فشلت جميع المناشدات الموجّهة إلى الجهات الحكومية المعنيّة بالزراعة في الحسكة، رغم تفهُّم الدوائر المحلية بالدرباسية خطر الأزمة على المزارعين”.
ويُحذر “الولو”، من أن تتحوّل الأزمة إلى أكثر من مسألة تلف المحاصيل، وهو انعدام الثقة بين المواطن والمؤسسات.
وتتوسّع أزمة المحروقات إلى وسائل النقل أيضاً، وقد شكّلت عرقلة واضحة للسكان بسبب صعوبة تأمين البنزين لسياراتهم.
يقول أحمد العبد (45 عاماً)، وهو من سكان مدينة الدرباسية، عن أزمة البنزين “حدِّث ولا حرج، ننتظر في الطوابير يومياً لساعات طويلة”.
ويُضيف بلهجته العامية، “بالأخير نرجع لبيوتنا بلا بنزين(..)، في مشكلة وخلل بالتوزيع وصار ينضرب الحابل بالنابل”.
وفي مشهد اعتاد عليه سكان المنطقة منذ ظهور الأزمة، يقف أمام محطات الوقود طابور طويل من السيارات ينتظر أصحابها أن يحصلوا على بضع ليترات من البنزين.
يقول أحد الواقفين في الطابور، ويدعى محمد أيوب: “بعض الناس يأتون أمام الكازية (محطة الوقود) لحجز مكان في الطابور، ينامون في سياراتهم منذ ساعات الليل، لعلّهم يحصلون على كمية من البنزين بأقرب وقت خلال ساعات النهار”.
أما البعض الآخر، فتذهب ساعات انتظاره هدراً، دون أن يتمكّن من الحصول على ليتر واحد، لينتظر حظه في اليوم التالي.