الأسواق التركية تشهد خلو متاجرها وقلة المستأجرين في ظل تصاعد الحملة ضد السوريين
اسطنبول – سامر طه – NPA
أثار التعامل التركي المغاير للتصريحات الرسمية الصادرة عن السلطات التركية، استياء اللاجئين السوريين المقيمين في الأراضي التركية، معتبرين ما صدر عنهم من ادعاءات تحويل السوريين إلى "مهاجرين" وتسمية أنفسهم بـ"الأنصار"، مدعاة للتهكم.
وما دفع السوريين للتهكم، هو تحولهم كلاجئين لورقة ضغط سياسي ضد أوروبا فيما يستخدمون تارة أخرى، كورقة لإنجاح المشاريع الانتخابية، من كافة الأحزاب السياسية التركية المتنافسة على الحكم، فيما أغلب الوقت يقضيه اللاجئون في مخاوف تتعلق بترحيلهم، والتي جرى تنفيذها مؤخراً.
السوريون في تركيا، وخاصة في ولاية إسطنبول، تعرضوا لحملة قاسية من الناحية الإنسانية وحتى من الناحية القانونية، لاعتبارات مختلفة.
هذه العبارات تلخصت في أن القوانين التي صدرت هي ليست بجديدة وإنما هي قوانين قديمة كانت في درج التغاضي والتسامح، وبالتحديد من تموز / يوليو الفائت من العام الجاري 2019، قررت الحكومة متمثلة بوزارة الداخلية تطبيق القوانين بحذافيرها على السوريين، ومن دون أي إشارة سابقة أو حتى مهلة لبدء التنفيذ والملاحقات والترحيل.
رحلة لاجئ قاسية
لاجئون سوريون تحدثوا أن رحلة العذاب والخوف والقلق والهجرة الجديدة للسوريين، بدأت مع التحرك التركي لطرد وترحيل سوريين من أراضيها وإعادتهم إلى بلادهم.
أحد اللاجئين السوريين كشف لـ"نورث برس" عن أنه خرج من غوطة دمشق الشرقية وخسر كل ما جناه في حياته، وفقد طفليه فيها، ومن ثم خرج إلى ريف حلب، ووصل إلى تركيا ومن ثم انتقل إلى اسطنبول قاصداً المعالجة فيها، ولم يتمكن من الحصول على الكيملك فيها.
المتحدث أشار إلى أنه استخراج بطاقة الحماية المؤقتة (الكيملك) من ولاية بورصة، وجرى تحويله لاسطنبول لاستكمال علاجه، وبعد عمليات جراحية لعينيه، فتح اللاجئ عينيه على قرار تعسفي لترحيله إلى ولاية أخرى.
وعلق المتحدث على الحادثة قائلاً: "نحن لسنا ضد تطبيق القوانين، بل نبحث عن روح القانون داخل من يقوم على تطبيقه، لأنك كسوري أنت اليوم تقع تحت مزاج موظف، أو كما يسمونها أخطاء فردية، فنفس الحالة تماماً يمكن أن ترحل أو يمكن لها البقاء وهذا يعتمد على الموظف وليس على القانون".
حيرة وهموم جديدة
عماد الذي يعمل في معمل للألبسة في منطقة أفجلار، يتحدث لـ"نورث برس" عن وجود نحو /20/ عامل سوري، يتقاضون رواتب أقل من رواتب العمال الأتراك، وأغلبهم تركوا ولاياتهم الرئيسية بحثاً عن العمل.
ويضيف اليوم سيعودون من حيث أتوا بعد العيد مباشرة، ويعتريهم الهم بشكل دائم حول تدبر شؤونهم في الوقت الذي يغادر السكان هذه الولايات بحثاً عن العمل.
عمليات إغلاق تعسفي
أحمد صاحب "سوبر ماركت البيت السوري" في منطقة أسنيورت، تحدث لـ"نورث برس"، عن أن المنطقة بوجود السوريين تحولت لمركز تجاري يقصده الأتراك والسوريون، لافتاً إلى أن الشوارع "باتت شبه فارغة، وقام الكثيرون بتفريغ محلاتهم أو عرضها للبيع نتيجة القرارات الأخيرة."
وشدد أحمد على أن أصحاب محلات استخرجوا رقماً ضريبياً وترخيصاُ قيد الإنجاز، إلا أن البلدية أغلقت هذه المحلات بالشمع الأحمر، رغم إبراز أوراقهم الرسمية ووجود مشاور ومحاسب مالي تركي خاص لكل متجر.
وأضاف بأن هناك خسارات مادية كبيرة يتعرض لها السوريون، جراء إغلاق أماكن عملهم، كما أن "الأتراك أنفسهم أصبحت فجأة محلاتهم المؤجرة فارغة، ولا يوجد من يستأجرها بنفس السعر القديم، وفي بعض الأحيان أيضاً لا يوجد من يستأجرها أبداً." وفقاً لأحمد صاحب المتجر.
رواتب جائرة
"نورث برس" زارت ورشات للخياطة في إحدى المناطق الواقعة في القسم الأوروبي من مدينة اسطنبول، ولوحظ وجود ورشات تضم من /15 – 20/ عاملاً، بحيث تصل نسبة العمالة السورية داخل معظم الورشات، من /60 – 85%/ ممن يتقاضون رواتب أقل من العمال الأتراك بنحو /500/ ليرة، مع مبلغ تأمين يصل إلى /650/ ليرة تركية شهرياً.
العملية الحسابية تشير إلى أن أصحاب الورشات يوفرون على أنفسهم نحو /15/ ألف ليرة سورية، وهي فرق تشغيل /12/ عاملاً سورياً بدل العمال الأتراك.
وفي الوقت الذي يعمد فيه أصحاب الورشات للحفاظ على العمال السوريين، فإنهم لا يرغبون باستخراج إذن عمل لهم، فيما أكد بعضهم أنه سيجلب عاملاً تركياً إذا ما اضطر لاستخراج إذن لعامل سوري، وفق ما أكده عدد من العمال.