الخنازير البرية تؤرق المزارعين في ريف جسر الشغور غربي إدلب
إدلب – نورث برس
يعزف المزارع الخمسيني جهاد الإبراهيم، هذا العام عن زراعة ما اعتاد أن يزرعه كل عام من محاصيل الخضار بمختلف أشكالها في أرضه الزراعية الواقعة بالقرب من بلدة الجانودية بريف منطقة جسر الشغور غربي محافظة إدلب شمال غربي سوريا.
وخلال الأعوام الفائتة، تكبد المزارع، خسائر كبيرة نتيجة قيام قطعان من الخنازير البرية بمهاجمة المحاصيل، ما تسبب بتلف مساحات واسعة منها.
وهذا الأمر أدى إلى تكبده خسائر كبيرة جعلته يترك أرضه بوراً بعد عجزه عن إيجاد حل جذري لما وصفه بـ”المصيبة”.
يقول “الإبراهيم” (52 عاماً)، وهو من مزارعي بلدة الجانودية بريف جسر الشغور، لنورث برس، إن “ظاهرة الخنازير البرية وهجماتها على المحاصيل الزراعية في المنطقة ليست بجديدة، بل تعود لأكثر من 20 عاماً”.

لكنه يشير إلى أن الوضع قبل العام 2011 “لم يكن كما هو اليوم، إذ أن تلك الخنازير كانت تتخذ من الجبال والغابات في ريف اللاذقية المجاور وبعض أحراش المناطق القريبة موطناً لها وكانت قليلاً ما تهاجم المحاصيل الزراعية والبساتين”.
إلا أنه وبعد ذلك العام ونتيجة العمليات العسكرية وقيام قوات الحكومة “بحرق الغابات والأحراش لجأت قطعان الخنازير إلى البساتين وأحراش القرى واتخذتها موطناً بديلاً وكانت محاصيل السكان غذائها البديل أيضاً”.
ويؤكد “الإبراهيم” أن هجمات الخنازير البرية تزداد عاماً بعد آخر نتيجة تكاثرها وعدم قدرة مزارعي المنطقة على التخلص منها.
ويشير المزارع إلى سبب آخر وهو غياب كافة أنواع الدعم “على الرغم من تقدم السكان بشكاوى للسلطات المحلية إلا أنها لم تلقَ أي استجابة”.
ويلفت “الإبراهيم”، إلى أن الحكومة السورية في السابق، كانت ترخِّص أسلحة الصيد للمزارعين للتخلص من الخنازير، إضافة لتوزيعها الذخائر بشكل مجاني.
وتزيد مساحة الأرض الزراعية التي يملكها “الإبراهيم”، عن عشرين دونماً، لكنه وخلال السنوات الخمس الماضية لم يستفد من إنتاجها.
حتى أنه تكبد في بعض السنوات خسائر كبيرة، خاصة عندما كانت المزروعات من الخضراوات الصيفية إذ تعتبرها الخنازير وجبة مفضلة، بحسب المزارع.
واضطر زيد الجسري، (47 عاماً) وهو من سكان بلدة بداما بريف جسر الشغور غربي إدلب، هذا العام وكما الأعوام السابقة لقطاف موسم الخوخ والدراق قبل نضوجها بشكلٍ كامل.
وأرجع السبب في ذلك إلى تخوفه من مهاجمتها من قبل قطعان الخنازير البرية التي لا تأكل إلا الفاكهة الناضجة، وفي محاولة منه أيضاً للتخفيف من المصاريف التي كان يضعها كأجور لشبان يحرسون بستانه طيلة الليل.
وأشار “الجسري” في حديث لنورث برس، إلى أن قطافه لمحاصيله قبل نضوجها بشكلٍ كامل كان سبباً في بيع المحصول بسعر أقل من السعر المخصص هذا العام.
وهذا الأمر كان سبباً في الحد من أرباحه لا سيما في ظل الغلاء الكبير بمستلزمات الإنتاج أيضاً من أدوية وأسمدة وغيرها.
وأوضح أن الحل الوحيد المتوفر لدى المزارعين حالياً هو إقامة الأسوار والسياج حول المزارع، الأمر الذي يتطلب مساعدة المزارعين مادياً من قبل السلطات المحلية لتغطية التكاليف المترتبة على ذلك.
وأشار إلى أن “تكلفة الأسوار عالية جداً وربما تتجاوز العشرين ألف دولار أميركي، وهو ما يعجز عنه جميع مزارعي المنطقة”.
وقبل أيام قام عبد السلام السلوم (39 عاماً) وهو من مزارعي بلدة الجانودية، بحراثة ما تبقى من محاصيل الباذنجان والبندورة بعد أن قضت الخنازير البرية عليها بشكلٍ كامل، على الرغم من محاولته حراستها مع أولاده منذ أن قام بزراعتها قبل نحو شهر ونصف.
وتسببت إتلاف الخنازير البرية لمحاصيل “السلوم” بخسارة تجاوزت الألفي دولار أميركي، بحسب المزارع.
ويملك “السلوم” نحو 15 دونماً، يعتاش وأطفاله منها، “هذا العام قمت بزراعتها على أمل الخروج في آخر السنة بمرابح جيدة أضعها كمؤنة لفصل الشتاء القاسي، لكني وقبل نهاية الموسم خرجت بالخسارة بعد أن قضت الخنازير على محاصيلي”.