النووي الإيراني في مرحلة جديدة بمقترح أوروبي وحديث عن “تنازل” أميركي

أربيل- نورث برس

تشهد المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي مع القوى العالمية تطوراً بعد ظهور مقترح أوروبي، يرى مراقبون غربيون أن من شأنه إضعاف العقوبات الأميركية ضد الحرس الثوري الإيراني وتمهيد الطريق لطهران لتجنب المزيد من التدقيق في المواقع النووية المشتبه بها.

ونظرًا لأن الاتحاد الأوروبي عمل على إعداد المقترح بالتنسيق مع واشنطن وفقاً لتقارير غربية، فإن ذلك يشير إلى أن إدارة بايدن مستعدة لتقديم تنازلات أكبر مما كان متوقعًا لتأمين صفقة خاصة عن طريق تخفيف الضغط على فيلق الحرس الثوري الإسلامي. لكن حتى اللحظة، لم يصدر تعليق أميركي رسمي على المقترح.

وقالت وسائل إعلام غربية، إنه تم الانتهاء من تفاصيل مسودة المقترح الأخير في فيينا يوم الاثنين الفائت بعد 16 شهراً من المحادثات.

ونشرت الوكالة الرسمية الإيرانية موقف طهران من المقترح، على لسان “دبلوماسي كبير”، قال إن بلاده تقوم “بمراجعة المقترحات الأوروبية (..) التي يمكن قبولها إذا وفرت لإيران الطمأنينة في مختلف القضايا”.

وترى إدارة بايدن محاولة إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 التي انسحب منه خلفه ترامب، أولوية في السياسة الخارجية، باعتباره أفضل طريقة لمنع إيران من بناء قنبلة نووية. وفق المنظور الأميركي في ظل إدارة بايدن.

وكانت إيران بموجب الاتفاق الأصلي، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018، قد حظيت بتخفيف من العقوبات الدولية مقابل موافقتها على قيود صارمة على أنشطتها النووية.

ولكن ازدادت المخاوف الغربية منذ الانسحاب الأميركي، حين تسارعت الأنشطة النووية الإيرانية وتفاخر مستشار كبير للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، بأن البلاد لديها الآن القدرة التقنية على صنع قنبلة.

وفي البداية وعلى خلاف ما هو مقترح في المسودة الأوروبية، رفض بايدن في نيسان/ أبريل مطلبًا إيرانيًا له بإلغاء قرار عام 2019 الصادر عن إدارة ترامب الذي وضع بموجبه الحرس الثوري الإيراني على قائمة الولايات المتحدة لـ”المنظمات الإرهابية الأجنبية”.

وجاء ذلك بعد دعوات وتحذيرات من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في أوائل أيار/ مايو، بقرار يعلن أنه لا ينبغي للولايات المتحدة الموافقة على أي صفقة لرفع العقوبات.

ويُفسر المقترح الأوروبي، الذي توسط فيه مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بالتنسيق مع المسؤولين الأميركيين، على أنه لن يرفع عقوبات الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر، إلا أنه سيحد من فعاليتها بشدة.

وبموجب النص المقترح، يمكن للأوروبيين وغيرهم من غير الأميركيين إجراء أعمال تجارية مع كيانات إيرانية منخرطة في “معاملات” مع الحرس الثوري الإيراني دون خوف من فرض عقوبات أميركية، كما هو الحال حاليًا، بشرط ألا يكون شريكهم التجاري الأساسي مسجلاً في سجل العقوبات الأميركية.

وقد تسمح هذه الصياغة للأوروبيين بممارسة الأعمال التجارية على نطاق واسع في جميع أنحاء إيران، حيث يكون التفاعل التجاري مع الحرس الثوري الإيراني أمرًا لا مفر منه تقريبًا، لا سيما فيما يتعلق بالتجارة.

وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لصحيفة “بوليتيكو”: “نحن لا نتفاوض علنًا ولن نعلق على التسريبات الصحفية المزعومة. نحن ندرس بعناية النص النهائي المقترح من الاتحاد الأوروبي وسنقدم إجابتنا للمقترح الذي يعد الجهد الأخير للتوصل إلى حل وسط”.

ولطالما استهدفت الولايات المتحدة الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس التابع له، وهو ذراع شبه عسكري يقوم بتدريب وتمويل جماعات مثل حزب الله، المصنفين “إرهابيين” من قبل كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

والأسبوع الفائت، اتهم المدعون العامون الأميركيون عضوًا في الحرس الثوري الإيراني بالتآمر لقتل مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون.

ومع وضع هذه الرؤية حيال الحرس الثوري الإيراني بعين الاعتبار، من المرجح أن تواجه إدارة بايدن مقاومة قوية في الكونغرس في حال قبلت الاقتراح الأوروبي.

ويخشى أعضاء كثر في الكونغرس من تقديم أي تنازلات لإيران في ضوء صراعها المعلن مع إسرائيل وتأثيرها في العراق وسوريا ولبنان، فضلاً عن الشعور بالقلق إزاء التعاون المتزايد بين طهران وموسكو، بما في ذلك احتمال بيع مئات الطائرات الإيرانية المسلحة بدون طيار إلى روسيا.

لكن أوروبا، لازالت أكثر مرونة في موقفها وهي تعتبر إيران ساحةً للاستثمار ومصدرًا للطاقة، وتبين ذلك من توسطه بشدة لإحياء الاتفاق النووي.

وبعد أشهر من المفاوضات في العاصمة النمساوية التي بدت عقيمة إلى حد كبير، قدم بوريل من الاتحاد الأوروبي ما قال إنه “النص النهائي” يوم الاثنين الفائت.

وكتب على توتير”، “ما يمكن التفاوض عليه تم التفاوض عليه، وهو الآن في نص نهائي. لكن وراء كل قضية فنية وكل فقرة قرار سياسي يجب اتخاذه في العواصم. إذا جاءت الردود إيجابية، فيمكننا توقيع هذه الصفقة”.

إعداد وتحرير: هوزان زبير